أطلقت إندونيسيا أوائل التسعينيات خطة لإعادة توطين المزارعين من جزيرة "جاوة" إلى "سومطرة"، وبدأ مزارعون حينها إنبات النخيل لاستخدامه في صناعة الزيوت التي قوضت جهود "جاكرتا" لمكافحة تآكل الغابات، وتناولت "الإيكونوميست" المشكلات التي اعترت هذه الجهود.
وقبل الانخراط في صناعة زيوت النخيل، كان هؤلاء المزارعون مهتمين بمحاصيل الخضراوات التقليدية، ولكن زراعة النخيل ساعدتهم على تحقيق مكاسب أكبر مكنتهم من إرسال أبنائهم إلى الجامعات وحتى شراء سيارات.
صناعة واعدة
- يرى مهتمون بالشأن الزراعي أن زيوت النخيل نتاج جيد ذو كفاءة عالية، فكل 10 آلاف متر مربع تنتج زيوتاً تعادل من ستة إلى عشرة أضعاف ما ينتجه فول الصويا.
- ربما يفسر ذلك السبب وراء انتعاش صناعة زيوت النخيل منذ وصول المزارعين إلى جزيرة "سومطرة" حيث قفزت المساحات المنزرعة بالنخيل إلى أكثر من عشرة أضعافها وتغطي حالياً 123 ألف كيلومتر مربع أى ما يوازي مساحة اليونان تقريباً.
- تعد إندونيسيا حالياً أكبر منتج لزيوت النخيل في العالم، وتنتج تقريباً نصف الإنتاج العالمي من هذه السلعة، بينما تحتل ماليزيا المرتبة الثانية بثلث الإنتاج، وتشكل هذه الصناعة 2-3% من الناتج المحلي الإجمالي الإندونيسي.
- لكن من أجل هذه الطفرة في صناعة زيوت النخيل، تم إهدار مساحات شاسعة من الغابات الاستوائية المطيرة، ففي أوائل الألفية الثالثة، قضى المزارعون على مساحات من الغابات تفوق أي تدمير في منطقة بالعالم.
- يرى الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة أن إزالة الغابات تم بنسبة 47% في ماليزيا بين عامي 1972 و2015 نتيجة انتعاش صناعة النخيل، وكان بنسبة 16% في إندونيسيا – لكن النسبة أكبر من ذلك بكثير في بعض المناطق – كانت 60% مثلاً في "كاليمانتان".
- تسبب التوسع في أنشطة زيوت النخيل في استنزاف مساحات شاسعة من الأراضي الكربونية، ونتج عن ذلك كثافة انبعاث الغازات الدفيئة والسامة فضلاً عن تراجع معدل التنوع البيئي واقتراب كائنات حية من الانقراض.
بارقة أمل
- رغم ذلك، هناك بصيص أمل يلوح في الأفق، ففي السنوات القليلة الماضية، أطلقت الحكومة الإندونيسية ومنظمات غير هادفة للربح مبادرات لإنقاذ الغابات الأمر الذي أدى إلى تراجع عمليات إزالة الغابات في البلاد عام 2017 إلى أدنى مستوى في عقدين – بناء على صور الأقمار الاصطناعية.
- منذ ذلك الحين، أصبحت الأمور في إندونيسيا في تحسن، وأول بوادر التحسن تمثلت في الطقس الذي أصبح أكثر رطوبة مما أسهم في تراجع وتيرة إزالة الغابات نتيجة انخفاض معدلات الحرائق وزيادة السيطرة عليها.
- هناك عامل آخر وراء انحسار إزالة الغابات وهو انخفاض أسعار زيوت النخيل بثلث القيمة تقريباً، وهو ما أضر بزراعة النخيل وصناعة الزيوت بوجه عام سواء على صعيد الاستثمار أو المبيعات وانخفاض الصادرات وظهور منافسين في دول أبرزها الصين والهند.
- ظهرت أيضاً قوانين تنظيمية لمكافحة عمليات إزالة الغابات كما تم سن قواعد لحماية البيئة في إندونيسيا وماليزيا في السنوات القليلة الماضية، كما اتجهت العديد من شركات صناعة زيوت النخيل نحو زراعة النخيل في مناطق بعيدة عن الغابات.
- رغم الجهود الحكومية والصناعة بوجه عام لمكافحة إزالة الغابات وتراجع المساحات المنزرعة بالنخيل على أراضيها، إلا أن هناك قلقا من صغار المزارعين الذين يتحايلون على القوانين ويوسعون من زراعاتهم.
- تشير إحصاءات إلى أن صغار المزارعين يشكلون 40% من الإنتاج العالمي، وهو ما يمكن أن يفاقم المشكلة ويقوض جهود الدول لمكافحة تآكل الغابات، وبالتالي، ربما تكمن الطريقة الأفضل في تغليظ العقوبات وتشديد القوانين.
- ربما يظهر الأثر الحقيقي لتوسع صغار المزارعين وتسببهم في تآكل الغابات في إندونيسيا هذا العام خاصة فيما يتعلق بجفاف الطقس وانتعاش أسعار زيوت النخيل مجدداً وفق التوقعات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}