نبض أرقام
01:55 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

كيف تؤدي "العنصرية الاقتصادية" إلى "دائرة ملعونة" لا فكاك منها

2019/03/08 أرقام - خاص

تمتد ظاهرة التمييز العنصري لتشمل العديد من الأشكال، سواء على أساس اللون أو الجنس أو اللغة أو العرق أو غير ذلك، وعلى الرغم من أنها ظاهرة اجتماعية بالأساس فإن لها تداعيات اقتصادية.

 

ويناقش "توماس سويل"، أستاذ الاقتصاد في جامعة "ستانفورد"، من خلال كتابه "التمييز والتفاوتات" ما يصفه بـ"العديد من الأساطير" حول التمييز وأسبابه والنتائج التي تترتب عليه وتؤثر على تكافؤ الفرص بين الأفراد أو المجموعات ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن في جميع أنحاء العالم.

 

 

تلاعب بالإحصاءات

 

ويؤكد "سويل" أنه كثيرًا ما يجري "التلاعب بالإحصاءات" من خلال عرض أو إخفاء بعض النتائج لدعم نظرية التمييز والعنصرية في جانب أو إخفائها في جانب آخر، أو بالأحرى لرسم "صورة ذهنية" مخالفة للواقع.

 

ففي عام 2000، أشارت دراسة للجنة الحقوق المدنية الأمريكية إلى أن 44.6٪ من المتقدمين السود قد تم رفضهم للحصول على قروض عقارية، بينما تم رفض 22.3٪ فقط من البيض، بما أدى لاتهام سوق الإقراض بالتمييز ضد السود لمصلحة البيض، وبناء عليه تم مطالبة الحكومة باتخاذ مواقف أكثر صرامة حيال ذلك.

 

ولكن في المقابل غض الطرف أو إغفال إحصاءات تفيد  بأنه في حين كان معدل رفض القروض للبيض 22.3 ٪ ، فقد كان معدل رفض قروض الآسيويين والهاوايين الأصليين 12.4٪ فقط.

 

ويعتبر "سويل" أن تلك المعلومات لم تر النور لأنها لم تتناسب مع قصة التمييز العنصري ضد السود فحسب، والمتقدمين البيض أيضا، وإن كان بدرجة أقل، وذلك لصالح ذوي الأصل الآسيوي الذين يتمتعون بوجود قوي في المؤسسات الاقتصادية المختلفة، حتى بما يفوق الأمريكيين البيض.

 

تمييز "تعليمي"

 

ويمتد التمييز أيضًا ليكون على أساس المؤسسات التعليمية، وعلى سبيل المثال فإن أكبر 10 شركات محاماة في الولايات المتحدة تقصر التوظيف لديها على 4 جامعات فحسب، دون سياسة معلنة لذلك، على الرغم من تصنيف بعض كليات الحقوق الأخرى في واشنطن في مستويات مساوية لتلك التي يتم التوظيف منها.

 

 

بل وهناك حتى ما يعرف باسم "تمييز هارفارد" ويعني اقتصار بعض الشركات الكبرى لا سيما في مجالات المحاسبة والمحاماة والإدارة على توظيف خريجي الجامعة الشهيرة دون غيرها.

 

ولا يقتصر التمييز على الولايات المتحدة فحسب، فعلى سبيل المثال تزداد فرصة القادمين من شمال إيطاليا بنسبة 30% في الحصول على الوظائف عن هؤلاء القادمين من الجنوب، بينما تشهد ألمانيا تمييزًا معاكسًا لمصلحة هؤلاء القادمين من الجنوب، لا سيما ولاية "بافاريا"، والتي يحصل أبناؤها على غالبية الوظائف الحكومية المرموقة أيضًا.

 

وعلى الرغم من اشتهارها بدرجات عالية من احترام حقوق الإنسان، إلا أن سويسرا تشهد تمييزًا بناء على "اللغة"، حيث يستأثر متحدثو اللغتين الألمانية والفرنسية بـ99% من "وظائف الياقات البيضاء"، بينما يكتفي متحدثو اللغتين الإيطالية والرومانية بنسبة 1% الباقية رغم أنهم يشكلون 11% من تعداد السكان تقريبًا.

 

"تمييز أسري"

 

ولا تقتصر الآثار الاقتصادية للتمييز فقط على الممارسات الحكومية أو الخاصة فحسب، بل أثبتت دراسات على الأسر في الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا على سبيل المثال أن متوسط ذكاء الطفل الأول يفوق الأشقاء الآخرين، بما ينعكس كعائدات أكبر يجنيها الطفل الأول.

 

 

ويؤشر هذا لشكل من أشكال التمييز الذي تمارسه بعض الأسر بالاهتمام بالابن الأول بدرجة أكبر من أشقائه بمنحه الاهتمام والرعاية، بل وربما التعليم، الذي يكفل له التميز عن بقية أشقائه، حتى في الدول المتقدمة التي تتمتع بمستويات دخل عالية.

 

ويلفت "سويل" في ختام كتابه إلى أن الأزمة في التمييز الاقتصادي تتمثل في مفاقمته للآثار الاجتماعية للتمييز العنصري، فعدم حصول عرق أو جنس معين على الوظائف يؤدي لمعاناته اجتماعيًا، مما يخلق ما يصفه بـ"الدائرة الملعونة" التي تدور بها فئات بعينها ولا تستطيع الفكاك منها.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.