بالنسبة لأرض غنية بالموارد الطبيعية والمساحات الواسعة الملائمة للرعي والزراعة، كان من المنطقي بالنسبة لرجل الأعمال الأسترالي "لانغ هانكوك" أن يشرع في تأسيس نشاطه التجاري من الصفر، مراهنًا على عمليات التعدين الآخذة في الازدهار ومعتمدًا طوال رحلته على المخاطرة في تعظيم حصته وتوسيع عملياته.
البدء من الصفر يبدو خيارًا حكيمًا، فإن لم تكسب ربما لن تخسر الكثير، لكن ما لم يكن ممكنًا في أعين الكثيرين، هو قدرة "هانكونك بروسبكتنغ" على أن تصبح واحدة من أنجح الشركات الخاصة في تاريخ أستراليا، مع سلسلة متنوعة من الأعمال تشمل إنتاج الحديد الخام والفحم ولحم الأبقار والألبان، وذلك بعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس.
وبدأت رحلة "هانكونك بروسبكتنغ" قبل ميلاد البطلة الحقيقية للقصة بعامين، عندما قرر "لانغ" بدء أعماله للتنقيب عن خام الحديد في منطقة بيلبارا عام 1952، وأمضى 8 سنوات من رحلته المهنية الخاصة محاولًا إقناع الحكومة المركزية والسلطات المحلية للولايات بأهمية رفع الحظر عن التصدير الذي قوض فرص الربحية والتوسع أمام الصناعة.
في النهاية وصل "لانغ" إلى مبتغاه، ويرجع له الفضل في نهضة صناعة الحديد الخام في بيلبارا، وعرُف باسم "المستكشف الطائر" لجهوده الناجحة في استكشاف واستخراج المعادن غربي أستراليا مستعينًا بالطائرات الصغيرة ذات الأجنحة الثابتة، بحسب الموقع الرسمي للشركة.
تعديل المسار
- في عام 1954، رُزق "لانغ" بـ"جينا رينهارت"، وهي الابنة الوحيدة له، ودرست الاقتصاد في جامعة سيدني، وأصبحت المساعد الشخصي لوالدها في "هانكوك" عام 1973، وأثناء عملها مع أبيها اكتشفت الشركة أحد أكبر تجمعات الحديد الخام في العالم، بفضل نشاطها في بيلبارا، وفقًا لـ"بريتانيكا".
- توفي "لانغ" عام 1992، بعد عامين من وفاة الزوج الثاني لـ"جينا"، وفي أعقاب ذلك، انتقلت ملكية الشركة إلى الابنة التي تولت مهام الرئيس التنفيذي، وكافحت لتجنيب "هانكوك بروسبكتنغ" وحل الإفلاس الذي أوشكت على الانزلق فيه، حيث كانت مثقلة بقدر هائل من الديون.
- راقبت "جينا" أعمالها عن كثب وبذلت جهدًا مضاعفًا لإبقاء الأمور في نصابها، واستطاعت تدشين منجم جديد للحديد في بيلبارا، وسرعان ما مكنت الشركة من الوصول إلى مصادر جديدة لتوليد الأموال، والأكثر أنها لم تستطع فقط انتشال "هانكوك" من أزمتها بل جعلتها واحدة من أكبر مصدري الحديد في أستراليا.
- تحولت بعد ذلك "هانكوك" إلى مجموعة أعمال قيمتها مئات الملايين من الدولارات، وتنوعت أعمال التنقيب لتشمل الفحم والمنجنيز ومعادن أخرى، وفي مطلع القرن الحادي والعشرين توسعت "جينا" في مجالات أخرى بينها الإعلام، وفقًا لموقع "ريتش كلوب جيرل".
الحل: الموارد غير المستغلة
- ركزت "جينا" على تطوير احتياطيات "هانكوك" غير المستغلة، وزيادة رأس المال عبر الشراكات، وفي وقت لاحق استحوذت على العديد من الحصص في شركات تعدين رائدة في أستراليا، بحسب الموقع الرسمي لسيدة الأعمال.
- إحدى المحطات الفارقة في تاريخ "هانكوك" تحت إدارة "جينا" كانت عندما نجحت الأخيرة في إنجاز مشروع "روي هيل" الهائل، الذي تم خلاله اكتشاف وتطوير أربعة مناجم رئيسية لخام الحديد في البلاد بالتعاون مع الشركة العالمية "ريو تينتو".
- احتاج "روي هيل" لموافقات تنظيمية كثيرة ومعقدة بالإضافة إلى نفقات كبيرة للغاية، علمًا بأن دراساته وخطط تمويله اتسمت بالمخاطرة الشديدة، لكن نجحت "جينا" في جمع التمويل الضخم له عبر 19 بنكًا عالميًا، وأصبح أكبر مشروع تعدين يعتمد على الديون في العالم، حيث تقدر قيمته بنحو 10 مليارات دولار أمريكي.
- في عام 2009، فازت "جينا" بلقب أفضل سيدة أعمال في أستراليا، وعلى مدار عامي 2011 و2012، تم تكريمها بمجموعة من الجوائز الحكومية والخاصة لدورها الريادي في أعمال التعدين وإمكاناتها الإدارية والتنفيذية ومشروعاتها الناجحة، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة بوند.
- تقدر "فوربس" ثروتها الصافية في الوقت الراهن بقرابة 15 مليار دولار، ما يجعلها أغنى شخص في أستراليا، وواحدة من أغنى السيدات في العالم، وهي قفزة كبيرة عما كانت عليه في 2009 حينما بلغت ثروتها 1.9 مليار دولار فقط، لكنها تظل دون أعلى مستوياتها في 2012 عند 18 مليار دولار.
نظرة أبعد
- منذ توليها مهام قيادة "هانكوك" عام 1992، لم تقتصر رؤية "جينا" على التوسع في أعمال التنقيب فقط، وحاولت الالتفات إلى الأنشطة ذات الفرص الواعدة في البلاد، وعلى رأسها تربية الأبقار وتجارة الألبان، ومنذ ذلك الحين، امتلكت شركتها حصصا في عدة مزارع.
- تقول "جينا" إن رؤيتها للنمو والقيمة المضافة لصادرات الأغذية الأسترالية هي الأساس للاستثمارات الكبيرة، بما في ذلك استحواذها على "إس كيدمان آند كو" لرعاية الماشية، وهو ما جعل مجموعة "هانكونك" ثاني أكبر منتج للحوم الأبقار في أستراليا، بفضل قطيعها الذي يتجاوز 320 ألف رأس ماشية.
- بالإضافة إلى السيطرة الكاملة على "هانكوك"، تمتلك "جينا" حصة نسبتها 10% في "تن نتورك هولدنجز" وهي شبكة إعلامية، و12% في "فيرفاكس ميديا" وهي أيضًا شركة إعلامية.
- بعد أكثر من ربع قرن من العمل الدؤوب، وبداية من تحت الصفر، تقول سيدة الأعمال الأسترالية إنه لا يوجد سر سحري لصياغة رحلة مهنية ناجحة كالتي مرت بها، وتضيف: اعملوا أكثر، كونوا دومًا متحمسين للجهد الإضافي، احصلوا على استراحات أقل، وأنجزوا مهامكم على الفور.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}