قبل ثلاث سنوات، كانت البيانات الرئيسية المتعلقة بصناعة النفط تعطي إنذارًا واضحًا، حيث انخفضت الأسعار بشكل كبير للغاية، وتدهور الاستثمار، وكان من المتوقع أن يواجه العالم نقصًا في الإمدادات بحلول نهاية العقد، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
في الواقع، يعتقد المحللون أمثال "إد مورس"، رئيس أبحاث السلع في "سيتي جروب" أن السوق سيشهد عدة سنوات أخرى من الفائض، وأن أزمة المعروض مستبعدة تمامًا في القريب، الأمر الذي دفع "أوبك" للتمسك بسياسة كبح الإمدادات للعام الثالث منعًا لتراكم الفوائض.
ماذا حدث؟
- دفع الهبوط الحاد للأسعار قبل سنوات، الشركات إلى خفض الإنفاق، ونتيجة لذلك، انطلقت تحذيرات من عدم كفاية الإمدادات لتلبية الطلب المتزايد على النفط، وكذلك تعويض الطاقات الإنتاجية للحقول القديمة التي تتوقف عن العمل بمرور الوقت.
- تراجع الاستثمار في إنتاج النفط والغاز بنحو 350 مليار دولار، أو أكثر من 40%، خلال الفترة من عام 2014 إلى 2016، وهو أكبر انكماش منذ ثمانينيات القرن الماضي، بضغط من انهيار الأسعار إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل بعدما تجاوزت 120 دولارًا.
- قالت وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، إن عدد المشروعات الجديدة التي تمت الموافقة عليها خلال عام 2017، تراجع إلى أدنى مستوى منذ 70 عامًا، لكن المخاوف كانت قد انتابت الأسواق قبل ذلك بالفعل.
- في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2015، حذرت وكالة الطاقة الدولية من توقف نمو إمدادات المنتجين غير الأعضاء في "أوبك" بحلول عام 2020، وبعد ثلاثة أشهر، توقع الرئيس التنفيذي لـ"توتال"، "باتريك بويان"، عجزا في الإمدادات يصل إلى 10 ملايين برميل يوميًا، وهو سيناريو رجحته شركات كبرى أخرى أيضًا.
- على عكس ذلك، تبين أن المعروض لا يزال وفيرًا، وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة تنتج نحو 12 مليون برميل يوميًا من الخام هذا العام، وهو مستوى لم تكن تتوقع الوصول إليه قبل عام 2042، فيما وصل الإنتاج الروسي إلى مستوى قياسي، واقتربت إمدادات العراق من مستوى غير مسبوق.
- يعتقد مصرف "بنك أوف أمريكا" أن ثلاثة أرباع مشاريع النفط غير الصخرية ستكون رابحة عند سعر 40 دولارًا للبرميل خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يدعم عمليات استخراج الخام من بحر الشمال إلى غيانا حتى لو بقت الأسعار منخفضة.
ترحيل الأزمة
- مع ذلك، لا تزال هناك توقعات بحدوث عجز في المعروض، لكن ليس في المستقبل القريب، حيث سيحتاج العالم لإضافة 10 ملايين برميل يوميًا إلى قدرته الإنتاجية، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية التي حذرت من عدم كفاية الاستثمارات الحالية في الصناعة لضمان هذه الإضافة.
- هناك مخاطر تواجه الأسواق مثل العقوبات الأمريكية على فنزويلا وإيران، لكن مع استمرار نمو الإنتاج الصخري في الولايات المتحدة، ومحاولات شركات النفط المستمرة لخفض التكاليف والاعتماد المتزايد على التقنيات الحديثة، فإن المخاوف تتراجع إزاء حدوث نقص طويل الأمد في الإمدادات.
- رغم أن الطفرة الصخرية أظهرت بوادر تباطؤ مؤخرًا، تتوقع الحكومة الأمريكية مواصلة تسجيل مستويات قياسية من إنتاج الخام خلال العقد المقبل، ما يعني مزيدًا من التحول نحو التصدير بعد الاعتماد طويلًا على الواردات.
- يقول "بول ستيفنز"، المحلل لدى "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن: طفرة النفط الصخري، هي قصة نجاح للتكنولوجيا، وكل الأدلة تشير إلى أن هذا النجاح سيستمر، ورغم أنها قد تمضي بوتيرة أبطأ من ذي قبل، لكن المسار لن ينعكس.
إعادة ضبط التكاليف
- لا يقتصر النمو على الإمدادات الصخرية، فشركات النفط بوجه عام خفضت التكاليف، وأصبحت أكثر كفاءة في مواجهة الأسعار المتراجعة، ونتج عن ذلك على سبيل المثال، هبوط تكاليف الإنتاج في المياه العميقة بخليج المكسيك والبرازيل بنسبة 50%، وفقًا لـ"سيتي جروب".
- خفضت شركة "إكوينور" النرويجية سعر التعادل لمحفظة مشروعاتها الجديدة إلى 21 دولارًا للبرميل من قرابة 70 دولارًا في عام 2013، فيما بدأت "بي بي" العام الماضي الإنتاج في خليج المكسيك بعد تقليص إنفاقها بنسبة 15%، ما يسمح لهذه الشركات بمزيد من التوسع في ظل الأسعار الحالية.
- رغم مخاوف البعض من أزمة في المعروض مستقبلًا، هناك علامات على انتعاش الإنتاج مع تحسن الإنفاق، ويقول رئيس وكالة الطاقة الدولية "فاتح بيرول"، إن الإنفاق الرأسمالي في الأعمال الصخرية سيزيد بنسبة 20% هذا العام.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}