نبض أرقام
08:39 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

ما الذي تعنيه ظاهرة "الأسعار المتقلبة"؟ وهل هناك سبل لمواجهتها؟

2019/02/01 أرقام - خاص

بأقل من ألف دولار في بداية عام 2017، شهد سعر "بيتكوين" صعودًا سريًعا أو بالأحرى صاروخيًا ليصل إلى مستوى 20 ألف دولار تقريبًا بنهاية العام نفسه (تحديدًا في الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول) قبل أن يشهد تراجعًا سريعًا للغاية وصولا إلى ما دون أربعة آلاف دولار حاليا.

 

وتعكس التغيرات العنيفة في سعر العملة الإلكترونية ما يصفه علم الاقتصاد بـ"أزمة الأسعار المتقلبة"، والتي لا تظهر فقط هنا ولكنها تمتد لتشمل المواد الغذائية والأولية، بل وسوق الأسهم في بعض الأحيان، لتعد "تهديدًا" و"فرصة" في آن واحد.

 

 

عوامل تذبذب الأسعار

 

وهناك العديد من العوامل التي تتحكم في فكرة "تذبذب الأسعار" لعل أبرزها بطبيعة الحال العرض والطلب، ويظهر هنا ما يعرف في الاقتصاد بأسواق المشتري، أي السوق التي يسيطر عليها المشترون أكثر مما يسيطر عليها البائعون.

 

ويبرز هذا الأمر في السياحة على سبيل المثال، فبغض النظر عن البرامج الترويجية التي تقرها الحكومات، إلا أن دولًا تشهد زيادة في الزيارات إليها في الصيف وأخرى في الشتاء وفقًا لطبيعة الطقس، أو حتى تبعًا للتطورات السياسية والاقتصادية الداخلية.

 

ولذلك فإن أسعار الغرف الفندقية في فرنسا على سبيل المثال تزيد في الصيف 30% في المتوسط على سعرها في الشتاء، رغم أن فرنسا تبقى في صدارة الدول السياحية في العالم في الفصلين، غير أن ثبات المعروض (الغرف) وتغير الطلب يؤدي لتذبذب واضح في الأسعار.

 

وعلى الرغم من صعوبة التحكم أو الحكم على هذا الأمر، إلا أن كلية "هارفارد" لإدارة الأعمال اعتبرت "المخاوف والأطماع" من أهم العوامل التي تؤثر على تذبذب الأسعار، بل اعتبرتها في بعض السلع أكثر أهمية من العرض والطلب التقليديين.

 

مخاوف وأطماع

 

أما عن المخاوف فعل سبيل المثال لا الحصر، ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 110 دولارات للبرميل عام 2012 بسبب التوتر بين إيران والولايات المتحدة، قبل تراجعها مجددًا بعدها بأشهر إلى مستويات 80 دولارا للبرميل، وذلك رغم عدم تغير العرض والطلب في واقع الأمر إلا أن المخاوف حركت السوق، وهو الأمر المعتاد في سوق النفط.

 

كما أن المخاوف المتعلقة بالسياسات الاقتصادية الأمريكية، وبالتحديد مستوى الفائدة كثيرًا ما تؤثر على الأسواق سلبًا أو إيجابًا وتسبب تذبذبا في أسعار النفط والذهب على سبيل المثال لا الحصر.

 

 

أما الأطماع، فلعل أبرزها المضاربة في سوق الأسهم، ولا سيما في الأسواق الأقل استقرارًا والأسهم كذلك، بما يجعل العديد من الأسواق مطمعًا للأموال الساخنة بينما تهرب منها الاستثمارات الجادة، ويفاقم ذلك من صعود وهبوط أسعار الأسهم في تلك الأسواق ويدعم ظاهرة "الأسعار المتذبذبة".

 

ولعل أخطر اشكال تذبذب الأسعار يظهر في الأغذية تحديدًا، حيث يتم تعريف الفقراء عادة في مختلف الكتب الاقتصادية على أنهم الذين ينفقون 60-70% من دخلهم على الغذاء، ومع ارتفاع تلك النسبة يصبح ارتفاع أسعار الغذاء المفاجئ مؤثرًا بشدة على هؤلاء في ظل نسبة إنفاقهم الكبيرة على الغذاء.

 

ولعل هذا هو ما دفع العديد من الدول المتقدمة لإنشاء برنامج الأمن الغذائي والزراعي العالمي قبل 8 سنوات برأسمال مستهدف 20 مليار دولار، ورغم عدم فاعلية هذا البرنامج إلا أنه يعكس إدراكًا لمواجهة التغير الكبير في أسعار الغذاء.

 

الحل

 

والأزمة أن تقلب أسعار الغذاء يبرز بصورة أكبر في الدول الفقيرة للعديد من الأسباب، ففي أفريقيا مثلًا يتم الاعتماد على مياه الأمطار في إنتاج 90% من الغذاء في القارة، بما يجعله متذبذبا مع تغير الفصول بطبيعة الحال، ويجعل الإنتاجية الزراعية في أفريقيا (قياسًا لعنصري الأرض والعمالة تحديدًا) نصف مثيلتها في الهند وربع مثيلتها في الصين.

 

ويشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن نصف العاملين في الزراعة في الدول المتقدمة يحصلون على أجور تقل عن متوسط الأجور في تلك البلدان، وتزيد الفجوة لمصلحة العمالة في المجالات الصناعية في المدول النامية بما يعكس تضرر المزارعين –الأشد فقرًا- أيضًا من تقلب الأسعار، خاصة إذا اتجهت للانخفاض.

 

ولعل الحل الأبرز دائمًا يبرز في اتفاق المنتجين، وهو ما يبرر وجود "أوبك" على سبيل المثال، حيث تهدف إلى الحفاظ على مصالح المنتجين دون الإضرار بالنمو الاقتصادي العالمي عن طريق الوصول إلى حجم إنتاج يحقق الأرباح للمنتجين دون مبالغة تؤذي المستهلكين.

 

 

وتشير دراسة لـ"هارفارد" إلى أن منتجات زراعية مثل القمح والسكر أقل عرضة للتقلبات السعرية عن الخضراوات والفواكه بشكل عام، ليس فقط بسبب طبيعة الأولى القابلة للتخزين بصورة أكبر، ولكن بسبب الاتحادات العالمية للمنتجين والتي تحفظ الإنتاج ضمن مستويات ملائمة باستمرار تتفادى بها ظاهرة "الأسعار المتقبلة".

 

غير أن الأمر يحمل "شبهة" التوصل لاتفاق احتكار أقلية في بعض الأحيان في العديد من المجالات لا سيما مع وجود لاعب وحيد قوي في مواجهة أكثرية ضعيفة، وهو ما يجعل خيطًا رفيعًا يفصل بين تحقيق مصلحة المنتجين وتجنب التذبذب السعري الذي يؤذي أي صناعة، وبين استغلال الوضع الاحتكاري في صناعة ما لفرض سعر غير عادل.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.