في الولايات المتحدة حيث موطن طفرة النفط الصخري، ارتفع إنتاج البلاد من الخام بنسبة 140% وقفزت إمدادات الغاز الطبيعي 50% منذ عام 2008، لكن في الوقت الراهن يصطدم طموح الشركات الأمريكية بعدم قدرة البنية التحتية على استيعاب المزيد من التوسع، بحسب تقرير لـ"فوربس".
هذه المشكلة كبيرة بالفعل، حيث تشكل خطوط الأنابيب السبيل الأسرع والأوفر والأسهل لنقل الموارد المستخرجة، بالإضافة إلى أن النفط والغاز يشكلان المصدر الرئيسي للطاقة في الولايات المتحدة حتى عام 2050 على الأقل، وفقًا لتوقعات وزارة الطاقة الأمريكية.
الأزمة الحقيقية
- الحوض البرمي في غرب ولاية تكساس، يشكل ثلث إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام، ويعاني الآن من اختناق خطوط الأنابيب، وهو أمر يقوض قدرة الشركات على ضخ إنتاجها المتزايد إلى السوق، لكن من المتوقع تجاوز هذه المشكلة بفضل الجهود التي تجري على قدم وساق لتدشين المزيد من الخطوط.
- على أي حال، لا تتعرض مشروعات خطوط الأنابيب في الولاية النفطية لضغوط مجموعات البيئة كما هو الحال في الولايات الأخرى، حيث تعد مناطق مثل نيويورك ونيو إنجلاند مركزًا للأزمة الحقيقية، وتخضع المشروعات بها لمعارضة هائلة من المدافعين عن البيئة.
- في الواقع تستخدم هذه المناطق المعارضة لمشروعات خطوط الأنابيب الغاز بشكل متزايد لتوليد الكهرباء والحرارة، وفي نيو إنجلاند على سبيل المثال، تعتمد مرافق الطاقة على الغاز لإنتاج نصف حاجتها من الكهرباء، ما يؤكد أهمية المزيد من خطوط الأنابيب.
- لا عجب أن في هذه المناطق المعارضة لمشاريع خطوط الأنابيب تكون أسعار الطاقة أعلى، والمخاوف أكبر إزاء القدرة على توفير الكهرباء في فترات ارتفاع الطلب، لكن ماذا قد يحدث حال توقف إمداد خطوط الغاز إليها؟
- المخاطر في نيويورك قد تكون أكبر، فلا يقتصر الأمر بالولاية على التحفظات إزاء تدشين خطوط أنابيب جديدة، وإنما من المستبعد موافقة السلطات على تطوير آبار الغاز الصخري في مارسلوس، وفي ذلك تناقض كبير بالنسبة للولاية التي لا تنتج الغاز بنفسها لكن تعتمد عليه لتوليد 40% من حاجتها للكهرباء.
مخاطر جيوسياسية
- الغاز هو مورد حيوي لتوفير الكهرباء ودعم عمليات التصنيع وإيجاد بديل موثوق لطاقة الشمس والرياح، كما أنه يشكل سبيلا لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري ومكافحة التغير المناخي، علاوة على كونه سلعة تصديرية.
- قبل عشر سنوات، ما كان أحد ليتخيل أن تمتلك الولايات المتحدة هذه القدرات التصديرية المتنامية، ومع وجود المزيد من خطوط الأنابيب القادرة على بلوغ المنشآت الساحلية، ستصبح البلاد أكثر قدرة على توريد الغاز والنفط إلى الخارج.
- في المتوسط، ينمو الطلب العالمي السنوي على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا، واستهلاك الغاز بمقدار 6 مليارات قدم مكعبة يوميًا، وإذا كانت أزمة الأنابيب تعيق الولايات المتحدة من تلبية الاحتياجات المتزايدة، فإن العواقب الجيوسياسية قد تكون وخيمة.
- رغم فرض واشنطن لعقوبات على روسيا، استفادت الأخيرة من موقف نيو إنجلاند المناهض لمشاريع الأنابيب، وزودت محطة "إيفريت" لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في بوسطن ببعض احتياجاتها خلال الشتاء الماضي.
- يعكس ذلك، كيف يمكن لمناهضة مشاريع خطوط الغاز أن تصبح دافعا للتعاون مع روسيا، في الوقت الذي تنتج فيه مناطق مجاورة مثل بنسلفانيا وأوهايو وفرجينيا الغربية 32 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما يكفي لتلبية 7 مرات حجم الطلب عند ذروته في نيو إنجلاند.
اعتماد كبير على الخارج
- من الناحية الجيوسياسية، تحتاج الولايات المتحدة للمزيد من خطوط الأنابيب لأنها تساعد البلاد على الترابط بشكل أفضل مع حليفيها الرئيسيين المكسيك وكندا، ومن شأن وجود تحالف طاقة كهذا في أمريكا الشمالية، تمكين أمريكا من التخلي عن روسيا.
- القيود التي تلاحق مشاريع خطوط الأنابيب تفسر أسباب استيراد واشنطن المتواصل للنفط والغاز، فمع عدم قدرة العديد من المناطق في الولايات المتحدة على الوصول إلى الإمدادات المتزايدة في مناطق أخرى، تلجأ إلى الشراء من الخارج.
- على سبيل المثال، ما زالت أمريكا تستورد ما متوسطه 7.9 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، وفقًا لبيانات عام 2018، وهو مستوى مرتفع للغاية، خاصة مع بلوغ الإنتاج المحلي 12 مليون برميل يوميًا، وهو ما يزيد الضغوط على الميزان التجاري للبلاد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}