لأولئك الذين يتحينون صفقات الشراء المثلى ويعشقون عروض التخفيض، لم يعد الأمر مقصورًا على متاجر بعينها أو أوقات محددة في السنة للشراء مقابل أسعار أرخص، فالبنوك ومشغلو البطاقات الإلكترونية -مدفوعين بتوجيه من الحكومات في بعض الحالات- يتولون الآن راية تحفيز الاستهلاك طوال العام.
أنظمة مثل "الاسترداد النقدي" باتت متعارف عليها في كثير من بلدان العالم الآن، حيث تسعى الشركات إلى تعزيز استخدام بطاقاتها من جهة، وتأمل البنوك في الوقت ذاته في حركة أكبر للتعاملات الائتمانية، ومؤخرًا تسعى الحكومات لاستغلال مثل هذه الوسائل في تحفيز الاقتصادات، خاصة تلك التي تعتمد بشكل رئيسي على الاستهلاك، بجانب تخفيف الأعباء عن المواطنين.
ببساطة، يشير الاسترداد النقدي إلى استحقاق مالي أو مكافأة على كل عملية شراء يجريها المستهلك باستخدام بطاقات الائتمان والسحب الفوري، والتي قد تكون في صورة نقد أو نقاط للشراء أو غيرها من صور الهدايا الممكنة، وتكون من تقديم الشركة المُصدرة للبطاقة أو بعض البنوك أو حتى التجار أنفسهم، وأحيانًا يقصد بالاسترداد النقدي، طلب المستهلك مبلغًا نقدياً عند الشراء يضاف على فاتورة الحساب التي تسدد بالبطاقة.
هدية لتعزيز الأنشطة
- يسمح الاسترداد النقدي لمستهلكي التجزئة بالحصول على الأموال غالبًا عبر استخدام بطاقات الخصم، بحسب "إنفستوبيديا"، وبذلك يوفر للعميل طريقة ملائمة للحصول على المال عند سداد قيمة مشترياته دون الحاجة لدفع رسوم أو الذهاب إلى الصراف الآلي.
- برامج المكافآت النقدية المستردة ميزة جذابة للعديد من حاملي بطاقات الائتمان أيضًا، ففي إطار منافسة الشركات لاستقطاب العملاء، تمنح حامل البطاقة نسبة مئوية (تصل إلى 5% في أغلب الأحيان) من قيمة مشترياته نقدًا كمكافأة لاستخدام بطاقتها.
- غالبًا ما يتم تقديم المكافآت النقدية المستردة في صورة تخفيض ائتماني، بمعنى، تغطية بعض التكاليف المرتبطة بحساب بطاقة الائتمان، لكن يمكن أيضًا للمستهلك استلام المبالغ النقدية مباشرة عبر إيداعها في حساب جارٍ.
- البعض قد يعرض مكافآت يمكن استخدامها في عمليات شراء خدمية مثل السفر، وعادة ما يجب على حاملي البطاقات الوصول إلى مستوى معين من الإنفاق ليحصلوا على هذا الاستحقاق.
- في الولايات المتحدة، يبلغ هذا المستوى في كثير من الأحيان 25 دولارًا، مع العلم أن نسبة الاسترداد قد تتغير وفقًا لنوع الخدمة أو السلعة المشتراة، وإجمالًا ربما لا تتجاوز المكافآت 1500 دولار سنوياً.
توسع مفهوم الاسترداد
- بجانب تشجيع العملاء على استخدام بطاقاتها، تستفيد شركات البطاقات من الرسوم المرتفعة التي تفرضها على عمليات الائتمان والفواتير متأخرة السداد، وكلما زاد استخدام المستهلك للبطاقة، زادت احتمالية تخلفه عن سداد الدين في موعده، الأمر الذي يكلفه رسومًا إضافية عند التسوية.
- في أمريكا، يبلغ متوسط سعر الفائدة على بطاقات الائتمان 13.68% سنوياً، مع ما يقرب من 900 مليار دولار من الائتمان المتجدد باستمرار، وفقًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، فيما تقول "ستاتيستيك براين" للأبحاث، إن 56% من المستهلكين كانوا مثقلين بأرصدة ائتمان خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في سبتمبر/ أيلول 2017.
- لكن في عصرنا الرقمي، لم تعد برامج الاسترداد النقدي حكرًا على المصارف ومشغلي البطاقات الائتمان والخصم، فمثلًا شركة "كويدكو" البريطانية، وهي وسيط بين المستهلكين والتجار عبر الإنترنت، تستخدم أحد نماذج الاسترداد النقدي أو ما يمكن وصفه ببرنامج مشاركة الأرباح.
- بحسب مجلة "ديجيتال ليست"، تمتلك "كويدكو" قاعدة بيانات بها 5 آلاف تاجر، تحصل منهم على عمولة مقابل كل عملية بيع تتم عبر منصتها، وتتولى هي سداد المكافأة النقدية إلى العملاء.
- المواقع مثل "كويدكو" أصبحت شائعة في بلدان عدة حول العالم، وتقوم فكرتها على أنه بدلًا من الدخول مباشرة إلى موقع تاجر التجزئة، يلجأ العميل إلى منصات الاسترداد النقدي التي تضمن له استعادة جزء من أمواله المدفوعة وتنتهي مهمتها عند ذلك، فيما يتولى التاجر مهام تسليم المنتج إلى المستهلك.
- بحسب "بي بي سي" فإن "كويدكو" لديها قاعدة عملاء تتجاوز مليوني مستهلك في المملكة المتحدة، يحصل كل منهم على مكافآت نقدية مستردة يبلغ متوسطها 262 جنيهًا إسترلينياً في العام (340 دولارًا).
- لكن هذا المبلغ متواضع مقارنة بما يحصل عليه كبار العملاء، الذين يسترد العشرات منهم ما يفوق 10 آلاف جنيه إسترليني (13 ألف دولار)، ومع ذلك فإن جني المكافآت قد يستغرق بعض الوقت، وربما الكثير.
كيف تستفيد الاقتصادات؟
- بغض النظر عن التكلفة المرتفعة للائتمان، فإن تحفيز المستهلكين على استخدام بطاقاتهم هو أحد أشكال تشجيع الإنفاق، والذي يعد قاطرة هامة للاقتصادات حول العام، وبالتالي فإن الاسترداد النقدي يمثل دعمًا نسبيًا للنمو الاقتصادي، لكنه أيضًا قد يكون أحد آليات الحكومة للتخفيف من أعباء الأسعار والضرائب عن المواطنين، خاصة أولئك الذين من ذوي المداخيل المنخفضة.
- على سبيل المثال، أعلنت الحكومة اليابانية في الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول، نظرها في إمكانية تطبيق أحد نماذج الاسترداد النقدي للمستهلكين بهدف تخفيف آثار رفع الضرائب المقرر خلال العام المقبل، واقترح مستشاروها منح مكافأة مالية مستردة نسبتها 2% للمستهلكين الذين يستخدمون البطاقات الائتمانية أو أي وسائل إلكترونية أخرى في المتاجر الصغيرة.
- على جانب آخر، وعلى نطاق أوسع من المستهلكين، أعلنت الحكومة الأسكتلندية مؤخرًا عن برنامج استرداد نقدي جديد للشركات الصغيرة والمتوسطة، بهدف تشجيعها على تعزيز كفاءة الطاقة.
- يمكن للشركات المؤهلة التقدم بطلب للحصول على قرض (دون فوائد) يصل إلى 100 ألف جنيه إسترليني (130.1 ألف دولار)، مع ضمان مكافأة نقدية مستردة قدرها 15% بحد أقصى 10 آلاف جنيه إسترليني، لتحسين كفاءة الطاقة.
- في وقت سابق من هذا العام، نقلت صحيفة "إيكونوميك تايمز" عن مصدر مطلع في وزارة المالية الهندية، قوله إن الحكومة تعد مقترحًا لتحفيز المعاملات الرقمية، عبر إقرار نموذج استرداد نقدي للشركات ومزايا سعرية أخرى للمستهلكين.
- وبحسب المناقشات الأولية، استهدف المخططون منح خصم على أسعار التجزئة للمستهلكين عبر الإنترنت بحد أقصى 100 روبية (1.38 دولار)، على أن يحسب الاسترداد النقدي للشركات وفقًا لحجم تعاملاتها الرقمية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}