بينما يُنظر إلى "بيل غيتس" و"جاك ما" على أنهما من رموز الأعمال الذين آثروا التقاعد مبكرًا للتركيز على حياتهم الشخصية وهواياتهم وتخصيص بعض أموالهم للأعمال الخيرية، وفي عالم يحاول فيه أغلب الموظفين مسابقة الزمن للتقاعد مبكرًا، ما زال الملياردير الأكبر في العالم يحافظ على ذهابه كل يوم إلى مكتبه.
السنغافوري الهَرِم "تشانغ يون تشونغ" البالغ من العمر 100 عام، هو مؤسس شركة "باسفيك إنترناشونال لاينز" للنقل والشحن البحري وهو أحد أثرى الرجال في بلاده، ورغم تخليه عن منصب الرئيس التنفيذي واكتفائه بموقع رئيس مجلس الإدارة الشرفي، لكنه يواظب على التحرك كل صباح إلى مكتبه لمتابعة سير العمل وتقديم المشورة لطاقم الإدارة الحالي.
مهاجر وسجين سابق
- ولد "تشانغ" عام 1918 ويعرف أيضًا باسم "تيو وون تيونغ"، وهو في الأساس مهاجر صيني تخرج في كلية "شيامن داتونغ" وشغل مناصب إدارية عليا في العديد من شركات الشحن البحري في هونغ كونغ، لكن بدأ رحلته المهنية في سنغافورة عام 1949 حيث عمل لمدة 18 عامًا لدى إحدى الشركات المحلية، بحسب مجلة "التايم".
- أثناء عمل "تشانغ" لدى الشركة السنغافورية لم تنقطع أواصله ببلده الأم حيث حافظ على بعض العلاقات عبر ممارسته تجارة السفن المستعملة في الصين كعمل ثانٍ خلال خمسينيات القرن الماضي.
- قضى "تشانغ" عامًا في سجون المحتل البريطاني للمنطقة المعروفة قديمًا باسم "المالايا" (حازت على الاستقلال عام 1957) بعد إدانته بتزويد المقاومة الوطنية بالطعام والأدوية، بحسب موقع "فاين نيوز آسيا" المعني بأخبار قطاع الأعمال.
- بحلول عام 1967، أي في سن التاسعة والأربعين، قرر "تشانغ" أنه حان موعد تخليه على الوظيفة والتحول إلى قيادة أعماله الخاصة، معتمدًا بخبرته الممتدة في مجال الشحن البحري وتجارة السفن القديمة، وبالفعل أطلق شركته آنذاك مستعينًا بسفينتين مستعملتين.
- يمتلك "تشانغ" (الذي لديه 14 من الأبناء) نحو 94% من "باسفيك إنترناشونال لاينز"، ورغم بدايته المتأخرة في قطاع الأعمال كان عليه الانتظار حتى عمر السابعة والتسعين كي يصبح مليارديرًا، وتقدر ثروته بنحو 1.9 مليار دولار في الوقت الراهن، وفقًا لمجلة "فوربس".
كثير من الوقت لبلوغ القمة
- لا يعرف عن "تشانغ" الكثير نظرًا لخجله الشديد وعدم ميله للظهور في وسائل الإعلام، لكن قادت استراتيجية الرجل وحكمته الإدارية الشركة من مجرد ناقل ساحل متواضع إلى إحدى أكبر شركات الشحن في العالم وتمتلك نحو 160 سفينة في الوقت الراهن ويعمل لديها 18 ألف موظف، بحسب موقع "سليبريتي نيوز".
- دخلت الشركة في شراكة استراتيجية مع "تشانيا ميرشانت بورت" للموانئ، تهدف لتطوير أسواق جديدة في جنوب شرق آسيا وفي إفريقيا، كما أبرمت اتفاق تعاون مع "كوسكو" الصينية لخطوط الشحن البحرية.
- في أواخر الستينيات من القرن الماضي، تسارعت وتيرة التوسع، ووصلت سفن "باسفيك" إلى الصين والخليج العربي وشرق إفريقيا، وفي غضون عقد من تأسيسها امتلكت 60 ناقلة بحرية، وبحلول منتصف التسعينيات كانت قد تحولت إلى شحن الحاويات الضخمة، بحسب الموقع الرسمي للشركة.
- تمتلك شركته التي تعرف اختصارًا باسم "بي آي إل" حصة مسيطرة في "سينجاماس" التي تشغل المصانع ومستودعات التخزين والموانئ في الصين وهونغ كونغ، وتعد "بي آي إل" الآن أكبر شركة شحن بحري خاصة في سنغافورة.
- باعتباره بمثابة خط شحن رائد تمكن من وصول الصين مبكرًا، وتتمع "بي آي إل" بحضور قوي في البلد الأم لـ"تشانغ" وتمثل 35% من إجمالي إيراداتها، واستفادت الشركة كثيرًا من طفرة النمو التي شهدتها الصين، وتجري الآن 18 رحلة بحرية أسبوعيًا إليها مقارنة برحلة واحدة في الستينيات.
- خلال إحدى المقابلات التلفزيونية النادرة تطرق "تشانغ" للحديث إلى ما يعتقد أنها أسباب نجاحه قائلًا: أنا أعمل بجد، وكنت صادقًا تمامًا مع الجميع، وأيًا كان ما أعد به، فأنا دائمًا أوفي بوعدي، هذا هو المبدأ الذي أتبعه.
- الإبداع في قيادة "بي آي إل" لم يتوقف عند إبرام الصفقات مع الشركاء التجاريين، وأصرت الشركة على مواكبة التغيرات في الأسواق، وأخيرًا بدأت العمل اعتمادًا على منصة لسلاسل التوريد تستند إلى تكنولوجيا "بلوك شين" لتتبع حركة البضائع، في شراكة مع "بي إس إيه إنترناشونال" و"آي بي إم سنغافورة".
لا داعي للاسترخاء
- رغم أنه أسند مهمة الإدارة التنفيذية إلى ابنه "تيو سيونغ سنغ" منذ فترة طويلة، قرر "تشانغ" التنازل أيضًا عن مهام رئيس مجلس الإدارة في وقت سابق من هذا العام لابنه "تيو" أيضًا والاكتفاء بمنصب الرئيس الشرفي والقيام ببعض المهام الاستشارية.
- قال "تشانغ" في بيان التقاعد في أبريل/ نيسان الماضي: لقد عملت عن كثب مع "تيون" منذ أكثر من 30 عامًا، وأنا واثق أنه يتحلى بصفات القيادة التنفيذية اللازمة لدفع "بي آي إل" إلى الأمام.
- في مقابلة مع الموقع الرسمي لـ"إنترناشونال إنتربريز سنغافورة" وهي وكالة حكومية معنية بدعم الشركات المحلية التي تعمل في الخارج، قال "تيون": خلال السنوات العشر المقبلة سنكون أقوى، سنصل إلى أسواق أكثر، لقد بدأنا كشركة شحن صغيرة للغاية برأس مال محدود، لكننا ندرك مزايانا جيدًا، إننا نخاطر بالدخول إلى الأسواق الناشئة والوصول إلى المناطق المضطربة.
- من جانبه، ورغم اكتمال عقده العاشر، يُصر "تشانغ" على مطالعة الأعمال في شركته عن كثب، ويقول في حوار مع "سي إن بي سي": إنها عادتي، في كل صباح أكتب جميع أنشطتي في مذكرة، وأذهب إلى الشركة للاطلاع على مجريات الأمور داخل كل قسم، لا يمكنني البقاء في المنزل، إنه أمر ممل للغاية.
- يرى "تشانغ" في تمسكه على متابعة سير العمل بنفسه، فرصة لإبقاء ذهنه نشيطًا، بالإضافة إلى بقائه قريبًا من الشركة التي وُلدت على يديه قبل أكثر من 50 عامًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}