تتزايد مشكلات التكنولوجيا يوماً تلو الآخر ولا تكافح الشركات في هذا القطاع من أجل ذلك بجدية وسط تنوع تلك المشكلات من إدمان وسائل التكنولوجيا كالجوالات والحواسب إلى اختراق البيانات والخصوصية، وما زاد الطين بلة صناعة الإعلانات وتأثيرها السلبي على الإنترنت كما ذكر تقرير نشرته "كريستيان ساينس مونيتور".
اختطاف العقول
- تحدث العديد من الخبراء عن التأثير السلبي المتزايد للتكنولوجيا على حياتنا اليومية، ولكن دون طرح حلول حقيقية لمشكلة إدمانها سوى ما ذكرته "فيسبوك" و"يوتيوب" وغيرهما من منصات الإنترنت بوضع توقيت زمني للمستخدمين لضبط وجودهم على تلك المواقع.
- لا يقتصر الأمر على إدمان التكنولوجيا فقط بل تخطى ذلك الأمر إلى اختطافها لعقول المستخدمين كما أفاد أستاذ الطب النفسي بجامعة "سان دييجو" "جون توينج" مشيرا إلى أن الجوالات تدفع من ولدوا في تسعينيات القرن الماضي إلى شفا أزمة نفسية هي الأسوأ منذ عقود.
- حذر مسؤول تنفيذي سابق لدى "فيسبوك" من أن موقع التواصل الاجتماعي وغيره يستغل أذهان البشر بشكل سيئ لقضاء المزيد من الوقت عليها، والحل يكمن في صياغة بنية تحتية للمراقبة والإشراف على التكنولوجيا.
- بسبب معرفتهم الشديدة بمخاطرها، يحاول موظفو شركات "وادي السليكون" حماية أطفالهم وذويهم من المنتجات والخدمات التي يطورونها بالفعل، وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي إلى أن دور رعاية الأطفال تستقبل المزيد يومياً من الأطفال لمحاولة إبعادهم عن الجوالات والحواسب والتلفاز وأي شاشات.
- تعتمد صناعة التكنولوجيا – بحسب خبراء – على محور رئيسي وهو جذب الانتباه إليها من المستخدمين قدر الإمكان، وعلى ما يبدو، فإنها تنجح بشدة في ذلك.
- من بين مشكلات مواقع التواصل الاجتماعي صرف الانتباه عن الحياة ككل والعزلة، وتستهدف شركات التكنولوجيا المستخدمين وتعلق عقولهم بمنتجاتها من خلال جمع بيانات عن حياتهم وسلوكياتهم على الإنترنت لتركز الخوارزميات بشكل أكبر على استهدافهم وتتلاعب بعقولهم.
- قال أكاديميون إن المشكلة ليست في المحتوى بل في البنية التحتية للتكنولوجيا لأن هناك حاجة ماسة لإعادة تشكيل معايير وقواعد منظمة لشركات التكنولوجيا والتحكم في الإعلانات التي تستهدف المستهلكين على مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيههم نحو اتجاهات معينة.
مخازن البيانات
- بدأت صناعة الإعلانات على الإنترنت عام 2000 تزامناً مع انفجار فقاعة "دوت كوم" حيث تعرضت شركات التكنولوجيا لضغوط من المستثمرين والمساهمين لدعم أرباحها، وهو ما دفع شركات على رأسها "جوجل" كي تصبح مخزناً ضخماً للبيانات التي تجمعها من المستخدمين.
- اكتشفت "جوجل" أن هذا الكم الهائل من البيانات يمكن استغلاله للتنبؤ بسلوكيات المستخدمين بدقة، ورغم أن فقاعة "دوت كوم" تسببت في خسائر فادحة للكثير من الشركات وقتها، إلا أن "جوجل" حققت أرباحاً ضخمة، وفي وقتنا الحالي، تشكل إيرادات الإعلانات 84% من إيرادات "جوجل".
- منذ ذلك الحين، قفزت صناعة الإعلانات على الإنترنت واستهدافها للمستهلكين وأصبحت العديد من المواقع الإلكترونية تجمع أكبر قدر من البيانات عن المستهلكين عند الضغط عليها أو من تاريخ التصفح أو حتى عن موقعه وتفاصيل ديموغرافية أخرى، ثم تستغل الشركات هذه البيانات لتستهدف المستخدم بإعلان معين.
- ذهبت "فيسبوك" إلى أبعد من ذلك لأنها لا تستهدف الحصول على تلك البيانات المشار إليها فقط بل إنها تعرف طريقة التفكير وتتعرف على كل تحديث للحالة على الحسابات وكل رد وكل إعجاب وكل مشاركة وكل صورة وموقع المستخدم.
- لم تتوقف "فيسبوك" وذهبت إلى بنوك مثل "جيه بي مورجان تشيس" و"ويلز فارجو" وحصلت على بيانات مالية خاصة بالمستهلكين وعلى تاريخ معاملاتهم وحساباتهم.
- قيل إن بيانات كل حساب لدى "فيسبوك" تقدر قيمتها بحوالي سنتين يومياً، وبالتالي، عندما تمتلك أكثر من ملياري مستخدم، فإن القيمة تتضاعف يومياً من خلال الإعلانات.
- تؤمن "يوتيوب" و"فيسبوك" وغيرهما بالتخصص، فهذه الشركات توظف لديها خبراء في علم النفس لتقديم النصح حول كيفية استهداف المزيد من المستخدمين وبشكل أكبر.
طباخ السم لا يذوقه!
- اعترف كبار المسؤولين في شركات "وادي السليكون" بأن منتجاتهم وخدماتهم أصبحت تشكل أذهان وتفكير المستخدمين، مشددين على منع أبنائهم وذويهم عن استخدام الجوال قدر الإمكان.
- أشار البعض منهم إلى أن الأمر في حاجة لوقفة أمام إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بوجه عام على الأقل من الناحية الأخلاقية والمهنية، وعرضت شركات بالفعل المشاركة في صياغة حلول للمشكلة المتنامية.
- مما لا شك فيه أن المستخدمين أصبحوا أكثر وعياً من ذي قبل بمخاطر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت وظهر توجه في أمريكا بين شباب الألفية بحذف تطبيقات "فيسبوك" و"تويتر" من جوالاتهم.
- قدمت "آبل" في سبتمبر/أيلول خاصية للتحكم في الوقت على نظام تشغيل أجهزتها "iOS 12" كي يتيح لمستخدمي "آيفون" وآيباد" وغيرهما التحكم في استخدام التكنولوجيا.
- كشفت "تويتر" في نفس الشهر عن خاصية للمستخدمين تتيح لهم غلق السجل الزمني للخوارزميات كما وفرت "إنستجرام" إمكانية وقف التصفح العشوائي.
- رغم المحاولات من الشركات والجهات الحكومية والتنظيمية باستكشاف وسائل لمعالجة إدمان التكنولوجيا، إلا أن هناك بالتأكيد عددا كبيرا من المستخدمين لا يمكنهم رفع أعينهم عن جوالاتهم، وهو ما يعني أن شركات التكنولوجيا تفوز بالمزيد من التحكم والهيمنة على المجتمعات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}