نبض أرقام
04:02 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

في زمن "بتكوين" وتطبيقات الدفع.. هل تختفي النقدية من أيدي الناس قريبًا؟

2018/12/10 أرقام - خاص

في عصر "بتكوين"، حيث تشكل العملات الرقمية سبيلًا جديدًا للدفع، يضاف إلى مجموعة من الأدوات التي تشمل البطاقات البنكية ووسطاء السداد الإلكتروني، أصبحت الضغوط على استخدام النقدية في تسوية المعاملات وإتمام المدفوعات أكبر بكثير من ذي قبل وتزايد معها توقعات قرب اختفاء السيولة النقدية.

 

وقبل نحو 50 عامًا، ابتكر "جيمس جودفيلو" جهاز الصراف الآلي والذي أحدث ثورة في المعاملات البنكية، ووصفه رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق "بول فولكر" بأنه الابتكار المفيد الوحيد في القطاع المصرفي، لكن ربما لم يدرك "فولكر" آنذاك الابتكارات الأخرى في عالم المال والتي باتت تشكل تهديدًا مباشرة للنقدية التي يمنحها الصراف الآلي للبشر.

 

 

على سبيل المثال، خدمات "باي بال" و"فينمو" و"سكوير كاش"، وتطبيقات الدفع عبر الجوال، والعملات الرقمية التي يمكن تبادلها خارج نطاق سيطرة البنوك المركزية، وغيرها من الابتكارات المحلية في عدد من البلدان، تشجع عدم الاعتماد على النقدية في مختلف المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

 

وفي الوقت الراهن، بينما تستغرق التحويلات البنكية من 24 إلى 48 ساعة لإتمامها، يمكن للعملات الرقمية مثل "بتكوين" و"الريبل" تسوية المعاملات في دقائق وحتى ثوان، ومقابل رسوم إدارية منخفضة للغاية، ناهيك عن سهولة العملية وأمانها.

 

مخاطر في وجه النقدية

 

- من السهل جدًا إجراء عمليات الدفع الإلكترونية، لا سيما عبر الإنترنت، ولعل ذلك يجعلها الطريقة المُثلى للسداد في ظل ابتعاد التجار والبائعين عن المستهلكين لمئات وآلاف الكيلومترات.

 

- خلصت دراسة للاحتياطي الفيدرالي عام 2015، إلى وجود نمو مطرد في طرق الدفع غير النقدية، وقدر إجمالي المدفوعات غير النقدية في الولايات المتحدة، بما في ذلك بطاقات الخصم والائتمان والشيكات وبعض المعاملات الإلكترونية، بنحو 144 مليار دولار، بارتفاع قدره 21 مليار دولار عن عام 2012، أو ما نسبته 5.3%.

 

- رغبة الحكومات في مكافحة الجريمة هي دافع آخر للتحول بعيدًا عن النقد الذي ارتبط كثيرًا بارتكاب جرائم خطيرة للغاية، والتخلي عن النقدية سيكون أكثر مقاومة لهذه الأنشطة الإجرامية مثل الإرهاب والمخدرات، علاوة على أنها تحد من وقائع السرقة والاعتداءات بغرض الاستيلاء على النقود، بحسب موقع "موني أندر 30".

 

 

- في عام 2017، كانت ثلاثة أرباع مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة تتم باستخدام البطاقات البنكية، وفقًا لاتحاد تجار التجزئة البريطاني، في إشارة إلى تزايد اعتماد المستهلكين على الطرق غير النقدية في المعاملات منخفضة القيمة، لكن مع ذلك لا تزال شركات كثيرة لا تقبل مدفوعات البطاقات بسبب تكلفتها المرتفعة، بحسب "التلغراف".

 

- من المنطقي أن تتبع النقود مسار السلع الأخرى التي تم استبدالها من خلال بدائل رقمية، مثل الصور والموسيقى والأفلام، فهل ستشهد النقود وأجهزة الصراف الآلي لحظة ابتكار تختفي خلالها ويعلو نجم بديل آخر؟ ليس بهذه السرعة، فربما تتراجع شعبية النقد لكن من غير المرجح أن تختفي تمامًا.

 

تراجع الشعبية جائز.. لكن الاختفاء أمر مستبعد

 

- يقول السير "ديف رامسدن" نائب محافظ بنك إنجلترا، إن النقود ستظل عاملًا جوهريًا للاقتصاد خلال المستقبل، كما أنها وسيلة لضمان تمتع المواطنين بحرية اختيار كيفية إجراء المعاملات، مضيفًا أنه يجب إدارة مسألة تراجع الاعتماد على النقدية بما يضمن عدم استثناء أي شخص أو شركة من إتمام المعاملات.

 

- رغم حصة البطاقات من معاملات قطاع التجزئة البريطاني، سجلت المملكة المتحدة ارتفاعًا في حجم الأموال المتداولة خلال 2017، حيث سجلت 73 مليار إسترليني، مقارنة بـ67.8 مليار في 2016، بواقع 1100 جنيه إسترليني للفرد، فيما بلغ هذا المؤشر 1.6 تريليون دولار في أمريكا، بواقع 5 آلاف دولار للفرد، بحسب "الإندبندنت".

 

- بالطبع لم تكن كل هذه الدولارات متداولة داخل الولايات المتحدة، لكنها تستخدم في المعاملات حول العالم، كما أن للعملة الأوروبية الموحدة أيضًا حضورًا دوليًا متناميًا، وهو ما يفسر وجود 3300 يورو متداولة لكل شخص يعيش في منطقة اليورو.

 

 

- رغم تراجع هيمنة النقدية في الولايات المتحدة، فإنها تظل الطريقة المُثلى لإتمام المعاملات، ووفقًا لبيانات الاحتياطي الفيدرالي، شكلت النقدية 31% من جميع المعاملات داخل البلاد في 2016، لكن هذه النسبة جاءت منخفضة عن مستوى عام 2012 البالغ 40%.

 

- خلصت "نيويورك تايمز" في تقرير لها العام الماضي، إلى أن العملات الورقية والمعدنية ما زالت الطريقة الأكثر شعبية لدفع ثمن الأشياء في معظم بلدان العالم، محذرة في الوقت ذاته مع أنها قد تفقد هذه الشعبية على المدى الطويل لصالح وسائل الدفع الإلكتروني.

 

- كسر الارتباط البشري بالنقود أمر صعب، ورغم أنها تفقد شعبيتها، سيكون هناك دائمًا من يستوقفك في الشارع ليسأل عن أقرب جهاز صراف الآلي، فالعادات والمفاهيم القديمة تستغرق وقتًا طويلًا لتبديلها، كما أن النقد يعد أكثر ملاءمة وتنوعًا وبعيدًا عن عمليات القرصنة والاحتيال، بحسب موقع "ذا كونفرزشن".

 

النتائج غير حتمية

 

- بحسب "بي بي سي" يتوقع الخبراء زوال النقود منذ ما يقرب من 60 عامًا، مع زيادة الاعتماد على بطاقات الائتمان والخصم، وطرق الدفع غير الملموسة، ومؤخرًا العملات الرقمية مثل "بتكوين"، وبالنظر إلى العلاقة النفسية التي تربط الناس بالأموال الملموسة، يبدو أنه من السابق لأوانه الخوض في هذا الحديث.

 

- الموثوقية هي أمر آخر يشغل بال العالم أجمع، ففي حالات الطوارئ يلجأ الناس إلى تخزين الأموال لديهم للحفاظ على أمانهم، وفي حين تحاول التكنولوجيا ابتكار نظام بديل يوفر كافة مقومات النقد وعناصر الأمان به، لكن يبدو أنه لم يتوصل إليه حتى الآن، أو على الأقل لم يقنع الناس بوجوده، لذا تظل النقود التقليدية مهيمنة على المعاملات.

 

 

- لعل أبرز مثالين على تباين التجارب وصعوبة التنبؤ بعواقب الاستغناء عن النقد، هما الهند والسويد، ففي الأولى لم يكن خيار التخلي عن النقد هو أفضل رهان لدعم اقتصاد البلاد ودرء المخاطر المرتبطة بالجرائم المالية، فيما قدمت الثانية دليلًا قاطعًا بأن الأموال في طريقها لكي تصبح من الماضي، بحسب تقرير للمصرف الإلكتروني "شيم بنك" نشره عبر موقعه على الإنترنت.

 

- في السويد، حظرت السلطات فئتين من العملة المحلية هما الأكثر تداولًا، ويقول البنك المركزي إن خططه نجحت وتراجعت المدفوعات النقدية في قطاع التجزئة من 40% عام 2010 إلى 15% عام 2016، ويتوقع تخلي البلاد عن النقد تمامًا في 2030.

 

- أقدمت الهند على خطوة مشابهة، ومنعت فئتين تشكلان 86% من الأموال المتداولة داخل البلاد، لكن الإجراء تسبب في اضطرابات قوية للاقتصاد، وأشارت تقديرات إلى فقدانه 1.5 مليون وظيفة خلال أشهر قليلة عقب القرار، وحتى الآن يصعب القول إنها كانت فكرة حكيمة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.