نبض أرقام
06:01 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

الركود.. ليس الأمر كله سيئاً كما يظن البعض

2018/12/09 أرقام - خاص

يقترن الركود تقليديًا بالكثير من الظواهر "غير المرغوبة" في الاقتصاد، وفي مقدمتها إفلاس الأعمال، وارتفاع نسب البطالة، وانكماش حجم أعمال الشركات، وتراجع سوق الأسهم، وإحجام الاستثمارات عن التوسع في أعمالها، وزيادة نسبة الديون "السيئة" في الاقتصاد.

 

 

ركود أم كساد

 

وهنا يجب مبدئًيا التفرقة بين الركود والكساد، فكلاهما يشمل نفس المظاهر تمامًا، ولكن الكساد يبدأ عندما يصل انكماش حجم الاقتصاد إلى 10% أو أكثر، مثلما حدث في "الكساد العظيم" للاقتصاد الأمريكي بين عام 1929-1933، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 27% ووصلت معدلات البطالة إلى 25%، في الأزمة التي استمرت ثلاثة وأربعين شهرًا كاملة.

 

أما الركود فهو يشبه ما مر به الاقتصاد الأمريكي –والعالمي معه- في 2009 بانكماش الاقتصاد الأمريكي لأربعة فصول اقتصادية متوالية بأرقام كبيرة نوعًا ما (3.9%)، ولكن دون الوصول إلى مستويات الكساد الكبير القياسية.

 

ويمكن القول بشكل قاطع إن الكساد "لا خير فيه"، أما الركود فرغم مضاره السابقة فله العديد من المزايا التي يمكن الاستفادة بها على مستوى الاقتصاد القومي والأفراد على حد سواء.

 

ومن ضمن المزايا الأساسية المقترنة بالركود (باستثناء حالة الركود التضخمي، وهي ليست متكررة) انخفاض نسب التضخم، حتى وصلت في الولايات المتحدة إلى صفر% في العديد من أشهر الركود المقترن بالأزمة المالية العالمية، وانخفاض التضخم أمر مفيد للمستهلكين بشكل عام بالطبع.

 

لا منافسة سيئة

 

 ويقدِّر "بروس جودسون" من جامعة "يل" أن هؤلاء الذين تمكنوا من الاحتفاظ بوظائفهم (91% من العمالة خلال الأزمة المالية العالمية) تلقوا زيادة في أجرهم الحقيقي بنسبة 5% في المتوسط، حتى لو لم يتلقوا زيادة في الأجر النقدي.

 

 

كما يساعد الكساد في التخلص من "المنافسة السيئة"، فمع تراجع حجم السوق فإن بعض الشركات تضطر لإغلاق أبوابها، وهو أمر سيئ بالطبع، ولكن المنافسة العالية تطرد الشركات الأقل جودة غالبًا من السوق وتزيد من درجة التنافس على رضا المستهلك.

 

وعلى سبيل المثال فإن فترة الكساد في الثلاثينات قضت على نصف منتجي الصلب في الولايات المتحدة، ولكنها سمحت للنصف الآخر بتحقيق وفورات تزيد بـ10% على ما كان الأمر عليه قبل الأزمة، ومنحت المستهلكين منتجات أعلى جودة أيضًا.

 

كما أن الركود (أو حتى تراجع حالة الانتعاش الاقتصادي) قد يكون مفيدًا لـ"تهدئة محركات الاقتصاد"، كما تصف "إيكونوميست"، التي اعتبرت الاقتصاد الأمريكي حاليًا في حاجة إلى قدر من التراجع، وإلا فستصل معدلات الفائدة والتضخم إلى معدلات قياسية يفوق ضررها فائدة النمو الاقتصادي.

 

اتزان للأسواق

 

فنسبة التضخم في الولايات المتحدة تضاعفت من 1.27% عام 2016 إلى 2.5% العام الحالي، كما ارتفعت نسبة الفائدة الفيدرالية إلى مستوى نقطتين وربع في المائة، بما يقلص من مستوى ثقة المستهلكين في السوق (وهو ما تحقق بالفعل في الشهرين الأخيرين)، ويزيد من الصعوبات أمام الاستثمارات.

 

كما أن تراجع نسبة الفائدة مع الركود يتيح للعديد من الأعمال بداية أنشطتها أو التوسع فيها، فعلى سبيل المثال فإن معدل إنشاء الشركات الجديدة، ولا سيما الصغيرة في الولايات المتحدة، زاد بنسبة 10% في نهاية 2009 عنه في 2007 و2008، بما يعكس وجود أعمال جديدة قررت الاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة رغم مخاطر الركود المحدقة بعملها الوليد.

 

كما يعمل الركود على إعادة التوازن إلى سوق الأسهم، فالمضاربات تميل إلى التراجع في ظل الركود، بما يجعل سوق الأسهم ينكمش تدريجيًا، وعلى الرغم من خسائر بعض المضاربين والمستثمرين، فإن هذا يساعد الاقتصاد على الوصول إلى "نقطة التوازن الحقيقية" في سعر الأسهم، وليست تلك الناتجة عن زيادة وتضخم في الطلب.

 

 

ويعمل الركود على تنمية "الاقتصاد الحقيقي" في مواجهة "الاقتصاد الوهمي"، بمعنى أنه يحابي الزراعة والصناعة على حساب اقتصاد الخدمات، وعلى الرغم من أن الأخير هو الأكثر نموًا حول العالم حاليًا، فإن إعادة الاتزان للاقتصاد أمر له فوائد عدة، لعل أهمها ضمان نمو أكثر استقرارًا واستدامة في المستقبل.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.