قد تظن – وليس كل الظن إثما – أن الحصول على عملاء أو زبائن سيكون سهلاً ما دام أنك تقدم منتجاً أو خدمة جيدة. غير أن هذا ليس هو الحال دائماً. لكن لو افترضنا أنك نجحت بالفعل في جذب اهتمام شريحة معينة من العملاء، كيف تحافظ عليها؟
نتابع في هذا التقرير – وهو الثالث ضمن سلسلة تتناول موضوع الشركات الناشئة أو الـ"ستارت آب" – الحديث حول ما يجب أن ينتبه إليه كل من يرغب في تأسيس شركته الخاصة قبل أن يقدم على الخطوة التي قد تكون مفصلية في حياة البعض.
وبشكل مباشر، سنوضح كيف يمكن لك تحديد العملاء المحتملين وإقناعهم بشراء منتجك أو خدمتك، والاحتفاظ بهم كعملاء لديهم ولاء لنشاط أو علامتك التجارية.
هل الزبون دائماً على حق؟
من الممكن أن تكون عملية فهم العملاء سهلة جداً، لكنها قد تشكل لغزاً أيضاً. لماذا يفضل العميل منتجا أو خدمة على أخرى؟ يجب أن تضع نفسك مكانه لكي تصل إلى الإجابة. وكلما فكرت أكثر بعقلية العميل زادت فرصتك في الحصول على الإجابة الصحيحة.
الكثير من رواد الأعمال حين يحاولون تحديد احتياجات العملاء يقيسون الأمر على أنفسهم مفترضين أن العملاء يفكرون بنفس الطريقة، متجاهلين حقيقة أنهم ليسوا بالضرورة يفكرون بنفس طريقتهم، وأن العملاء المحتملين أنفسهم ليسوا جميعاً متشابهين. فلكل منهم تفضيلاته واحتياجاته وأذواقه ورغباته الخاصة.
السؤال الآن: كيف يمكنك إرضاء هذه المجموعة المتنوعة من الناس؟ والإجابة بسيطة، ليس بإمكانك فعل ذلك، ولا يجب أصلاً أن تحاول إرضاءهم جميعاً، بل يجب عليك التركيز على الشريحة التي تعتقد أنها قد تكون مهتمة بشراء منتجاتك أو خدماتك.
أثناء سعيك للتعرف على عملائك المحتملين وخصائصهم، ربما يجب عليك أن تبحث عن إجابات للأسئلة التالية:
- هل معظم زبائني رجال أم نساء؟
- ما الشريحة العمرية الأكثر اهتماماً بالمنتج أو الخدمة؟ ما طبيعة وظائفهم؟ أين يعيشون؟ كيف يقضون أوقات فراغهم؟
- كيف يبدو سلوكهم الشرائي؟ ما رأيهم في المنتجات أو الخدمات التي يقدمها المنافسون؟
- ما حجم ما ينفقونه من أموال على المنتجات أو الخدمات الشبيهة بتلك الخاصة بي؟
العميل المحتمل قبل أن يتحول إلى عميل فعلي يشتري منتجك أو خدمتك يمر بثلاث مراحل. ففي البداية، العميل لا يعرف أي شيء عن منتجك أو خدمتك أي أنه لم يسمع بها من قبل، ثم حين يتعرف على المنتج أو الخدمة لا يبدي أي اهتمام يذكر به، أو قد يكون مهتماً فعلاً بالمنتج ولكنه غير مقتنع بالشراء الفعلي.
عادة ما يعلق العميل في واحدة من هذه المراحل الثلاث ولا يتابع التي تليها، والأمر هنا يرجع إلى مدى قدرتك كرائد أعمال في إثارة اهتمام العميل وحمله على إدخال يديه في جيبه وشراء منتجك أو خدمتك.
من جيب العميل إلى خزنتك
يجب إدراك أن الناس يكسبون أموالهم بشق الأنفس، وليس من السهل حملهم على إنفاقها. وفي أكثر الأحيان ما يمنعهم هو الخوف من اختيار خيار سيئ. لذلك احرص على تخفيف وطأة مخاوفهم من خلال إقناعهم بأن ما تبيعه لهم من شأنه أن يسهل حياتهم.
يمكنك أيضاً التغلب على حالة التردد التي تسيطر عادة على العملاء المحتملين لأي منتج أو خدمة جديدة من خلال تقديم ضمان للمنتج أو خيار استعادة الأموال إذا لم يعجبهم. باختصار، مهمتك هي أن تقوم بأي شيء من شأنه إقناع العميل بأن ما تبيعه يستحق ماله.
تواصل مع العملاء بشكل مباشر وغير مباشر من خلال البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي واسألهم عما يعجبهم وما لا يعجبهم في منتجات المنافسين، هذا من ناحية سيوفر لك معلومات ثمينة، ومن ناحية أخرى سيترك انطباعاً لدى العميل بأنك تهتم بآرائه.
لكن أثناء قيامك بكل هذا يجب أن تنتبه لنقطة مهمة وخطيرة جداً وهي: إذا اكتشفت أثناء تحدثك مع العميل المحتمل أن منتجك أو خدمتك لا تناسبه، فيجدر بك ألا تصر على بيع المنتج أو الخدمة له، بل اقترح عليه المنتج أو الخدمة التي تناسبه حتى لو كانت تابعة لمنافسين. حينها سيكون العملاء ممتنين لأمانتك وهو ما قد يدفعهم إلى ترشيح منتجك إلى أصدقائهم.
الآن أنت قدمت الكثير من الجهد والمال لإقناع العملاء بالتعامل معك وشراء منتجك أو خدمتك لأول مرة. أليس من المنطقي أن تبذل كل ما في وسعك للحفاظ على هؤلاء العملاء، خصوصاً حين تعرف أن تكلفة جذب زبون جديد عادة ما تبلغ أضعاف تكلفة الحفاظ على العملاء الحاليين.
كيف تحافظ على الزبون؟
أول شيء يجب أن تقوم به هو محاولة التواصل مع العملاء بعد الشراء بغرض معرفة كيف سارت الأمور معهم وكيف يقيمون المنتج أو الخدمة وما إذا كانوا راضين عنها أو لا. سيعطونك بالتأكيد ملاحظاتهم، وهذه الملاحظات يجب أن تنتبه إليها جيداً، لأنها ستساعدك في الحفاظ على هؤلاء العملاء.
إذا كانوا سعداء أخبرهم بأنك تأمل ألا تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تتعاملون فيها معاً وأنك تتطلع لاستمرارهم في الشراء منك. ولكن إذا لم يكن هذا هو الحال، وكانوا غير سعداء، فاعلم سبب المشكلة وافعل ما يلزم لحلها، سواء من خلال تقديم منتج بديل أو إعادة تقيم الخدمة لهم. وإذا لم تتمكن من إصلاح المشكلة قدم لهم المال.
بالمناسبة، هذا الكلام ينطبق على الأنشطة التجارية الصغيرة قبل الكبيرة التي تتعامل مع آلاف العملاء. وللأسف العديد من رواد الأعمال يفشلون في إدراك ذلك ويتقاعسون عن التواصل مع العميل بعد إتمام عملية الشراء بحجة أنهم لا يرغبون في التعامل مع الأخبار السيئة أو العملاء غير الراضين.
لكنهم بذلك يخاطرون بفقدان عميل غير سعيد بما اشتراه، في وجود احتمال كبير بأن يشارك هذا العميل تجربته السيئة مع آخرين، لينتهي الأمر بك فاقداً للكثير من العملاء وليس مجرد عميل واحد ساخط.
الحفاظ على العملاء يتمحور بشكل أساسي حول فكرة خلق شكل من أشكال الولاء لديه. وهذا يقودنا إلى النقطة التالية: أنت بالتأكيد لديك منافسون، فما الذي يدفع العملاء للاستمرار في التعامل معك وليس مع الآخرين؟
أنشئ ما يسمى ببرنامج الولاء لحمل العملاء على الالتزام بمنتجك أو خدمتك. إنشاؤك لهذا البرنامج هو بمثابة إقرار منك بأن عملاءك لديهم خيار آخر وتريد أن تقدم لهم الحوافز المناسبة للبقاء معك.
والأمر ليس صعباً أو معقداً كما يبدو. فعلى سبيل المثال إذا عدنا إلى المثال الذي ضربناه في التقرير الأول من هذه السلسلة والخاص بتطبيق "احلق لي شكراً" وإذا افترضنا أنك صاحب التطبيق، فبإمكانك فعل ذلك من خلال تقديم خصومات للعملاء الذين يستخدمون الخدمة باستمرار.
نوع أو شكل المكافأة التي ستقدمها للعميل متروك لك. فقد تعطيه المنتج أو الخدمة مجاناً، وقد تمنحه خصماً على مشترياته المستقبلية، أو تعامله معاملة خاصة، أو تعطيه فرصة للفوز بجائزة في سحب. هناك ألف فكرة وفكرة.
وبالمناسبة، يجب أن يفهم العملاء طبيعة الحوافز التي تقدمها، وإلا لن ينجح كل هذا. لذلك من المهم جداً أن تقوم بإبلاغ الجميع بتفاصيل البرنامج. فعملاؤك يحتاجون إلى معرفة ما يكسبونه من البقاء معك.
أخيراً، ضع الكلمات التالية نصب عينيك: كصاحب شركة أو عمل تجاري يجب أن تدرك أن الزبون أو العميل هو حجر الأساس والعنصر الأهم في معادلة النجاح، وإذا حافظت على رضاه فسوف يتوسع نطاق أعمالك بسرعة وسهولة، ولكن إذا فشلت في ذلك، فسوف تنخفض أرباحك ويضيع ما أنفقته على جذب عملائك سدى.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}