هناك أمر يراه المحللون حتميا، وهو أن الاقتصاد الأمريكي سوف يتعرض – إن آجلاً أو عاجلا – للركود، ولكن السؤال: "ماذا سيسبب هذا الركود؟ ومتى سيحدث؟ هذا ما تحدث عنه تقرير نشرته "بلومبرج" بناء على جدل ونقاش بين الخبيرين الاقتصاديين "نوا سميث" و"نير كايزر" حيث تحدثا عن تراكم الديون على الشركات الأمر الذي يشكل خطورة شديدة على اقتصاد الولايات المتحدة رغم تقليل "كايزر" من هذه المخاوف.
جدل يدور بين القلق من ديون الشركات من ناحية والتقليل من شأنها من ناحية أخرى |
|
"نوا سميث" |
"نير كايزر" |
- يقول "سميث" إن هناك الكثير من القلق بشأن ديون الشركات غير المالية في أمريكا التي بلغ حجمها أعلى مستوى على الإطلاق بالنسبة للاقتصاد، وبدأ الاحتياطي الفيدرالي مؤخرا مراقبة أسواق القروض المدعومة بعناية نتيجة زيادة هذه القروض بشكل كبير.
- وُضعت بنوك قيد المراقبة الشديدة – مثل "بنك أوف أمريكا" – حيث يرى محللون أن الحجم الكبير من الديون المصنفة بدرجة استثمارية غير آمن بالفعل بل إنه يضم قروضا مدعومة وسندات خردة وسندات أخرى حصلت على درجة التصنيف "BBB".
- في تلك الأثناء، تراجعت الفروق الائتمانية بين السندات إلى مستويات تسبق في الأغلب ركودا اقتصاديا، وذلك بالتزامن مع عزم الفيدرالي مواصلة رفع الفائدة، وبالتالي، يجب القلق إزاء سندات الشركات.
- قال "سميث" :لست متأكدا من أن بيانات نسبة الدين إلى رأس مال الشركات غير المالية المدرجة على "S&P" – التي تعد أعلى بنحو 18% عما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية – تمثل إشارة على أن الأمور بخير، كما أنه بالنسبة إلى حجم الاقتصاد، تعد ديون الشركات غير المالية عند أعلى مستوى على الإطلاق في أمريكا".
- يرى "سميث" أنه في ظل الفائدة التي لا تزال منخفضة وارتفاع أرباح الشركات، لا تعد خدمة ديون الشركات مسألة مقلقة، ومع ذلك، فإنه مع استمرار رفع الفائدة من جانب الفيدرالي، فإن خدمة تلك الديون ستصبح مشكلة سريعا.
- صرح الخبير الاقتصادي بأن السلطات المالية الأمريكية عليها النظر ليس فقط إلى حجم الديون التي أثقلت كاهل الشركات، بل أيضا إلى مدى جودة هذه الديون، فقد اكتشف اقتصاديون أن حجم الديون المحفوفة بالمخاطر يعد مؤشرا جيدا للتنبؤ بالركود، ومع زيادة الديون والقروض المدعومة التي صنفت على أنها "خردة"، فإن الأمور تتجه نحو الأسوأ.
- تشير تكهنات "سميث" إلى أن مؤشرات الركود تلمح إلى أنه لن يحدث قبل عامين، وبالتالي، رغم أن الوقت لم يحن بعد للهلع، إلا أن ديون الشركات وخطورة حجمها وجودتها الائتمانية الضعيفة تنذر بعواقب وخيمة.
- بالفعل، لا يمكن التنبؤ بالركود بشكل دقيق، ولكن ذلك لا يعني ترك الأمور تتطور دون القلق أو محاولة التكهن بأنها في طريقها نحو الأسوأ وعدم أخذ المخاطر في الاعتبار.
- في السنوات الأخيرة، صدرت العديد من الوثائق والأبحاث والتحليلات الاقتصادية التي تتعلق بدول متقدمة ليس فقط الولايات المتحدة، وغطت تلك الدراسات فكرة أسواق الديون، وهو ما يمنح المتخصصين بعض القدرة على التنبؤ بالركود.
- علاوة على مخاطر الديون وحجمها وجودتها، هناك إشارة تحذير أخرى تتعلق بانخفاض هوامش الائتمان – الفارق بين عوائد السندات المحفوفة بالمخاطر ونظيراتها الآمنة – وهو ما يزيد من خطورة تعرض الاقتصاد الأمريكي للركود خلال العامين المقبلين.
- عام 2006 – قبل عامين من الركود الكبير – انخفضت هوامش الائتمان (العائد بين السندات المصنفة بدرجة BAA وسندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات) إلى 1.6%، ويستقر هذا العائد حاليا قرب 1.9%. |
- أما نسبة الدين إلى رأس المال لمؤشر أسهم الشركات المالية المدرجة على "S&P"، فقد انخفضت إلى 158% من 563% عام 2007 و585% عام 1999، وعند استثناء أسهم البنوك، فإن الأرقام ليست مخيفة.
- لا تشير تلك البيانات إلى وجود مطالبات ملحة على الشركات لسداد ديونها حيث بلغ معدل الأرباح قبل حساب الضرائب والفائدة 13.3%، وهو ما يترك مجالا للشركات لاستيعاب قرارات رفع الفائدة من جانب الفيدرالي في الوقت الحالي.
- على أثر ذلك، هناك بالطبع أشياء يمكن القلق حيالها، ولكن الديون المفرطة على الشركات لا تبدو ضمن مسببات القلق.
- لو كان القلق يتعلق بتهديدات تراكم الديون على الشركات، فإن نسبة الدين إلى رأس المال تعد مؤشرا مفيدا لقياس مدى خطورة تلك الديون، فيما بلغ متوسط ربحية السهم لشركات "S&P" ما يقرب من 123 دولارا عام 2017 – بناء على حسابات "بلومبرج" – وعلى افتراض ضريبة بنسبة 24%، فإن متوسط ربحية السهم بلغ 162 دولارا قبل الضرائب.
- خلال فترتي الركود الماضيتين في أمريكا، كانت أرباح الشركات من بين الأسوأ على الإطلاق، وتراجعت أرباح شركات "S&P" 54% من ذروتها من سبتمبر/أيلول 2000 حتى ديسمبر/كانون الأول 2001، وبنسبة 92% أخرى من يونيو/حزيران عام 2007 حتى مارس/آذار 2009.
- حتى لو انخفضت أرباح الشركات المدرجة على المؤشر الأوسع نطاقا إلى النصف خلال الركود القادم، فإن تلك الشركات ليس لديها الكثير من القلق فيما يتعلق بخدمة ديونها.
- على صعيد آخر، لو كان القلق يتعلق بحجم أو جودة الديون وما يمكن أن يسببه من ركود اقتصادي، فإن هناك شكوكا بشأن وجود بيانات كافية يمكن الاعتماد عليها لإطلاق تكهنات ذات معنى.
- منذ عام 1926، هناك خمس عشرة حالة ركود وقعت بالولايات المتحدة، وربما يكون من الجيد أخذ مشكلة ديون الشركات في الاعتبار، ولكن لم يكتشف أحد طريقة يعول عليها للتنبؤ بركود وشيك.
- تتمثل الخطورة الأكبر حول سندات الشركات في الوقت الحالي في أن المستثمرين يدفعون الكثير من الأموال لشرائها حيث إنهم يقبلون على شراء سندات الشركات مرتفعة الجودة، ويقبل البعض منهم على السندات الخردة التي تزيد بالطبع من مخاطر مشكلة الديون.
- تكمن المشكلة التي يمكن التنبؤ بها في أنه عند حدوث الركود القادم، سوف ترتفع حالات التعثر في سداد الديون وسوف تتسع الهوامش الائتمانية وسوف يتكبد المستثمرون خسائر فادحة، بالتالي، فإنه في ظل حالة الجدل بشأن الديون، هناك أمر وحيد يمكن أن يقلل الخطورة ألا وهو: إسداء النصيحة للمستثمرين بضرورة تقليص حيازتهم من سندات الشركات. |
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}