تعد صناعة الشحن العالمية مساهما كبيرا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على غرار صناعة الطيران، ويصف محللون الوقود الثقيل الذي يشغل محركات سفن الحاويات العملاقة بالقذر إلى حد كبير نظرا لما ينبعث منه من كبريت وكربون، وتتساءل "بي بي سي" في تقرير: "هل يمكن لزيوت الطهي أن تحل هذه المشكلة؟
ويسبب ثاني أكسيد الكبريت المنبعث من السفن وأنشطة الشحن نتيجة احتراق الوقود أضرارا بالغة على صحة البشر وتساقط أمطار حمضية وآثارا سلبية على البيئة، وأشارت بيانات إلى أن هذا القطاع يسهم في 3% تقريبا من انبعاثات الكربون عالميا – أي ما يعادل أكثر من 900 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
زيوت قلي الطهي
في سبتمبر/أيلول الماضي، تم إطلاق برنامج للوقود الحيوي تحت اسم "جود شيبينج" لتزويد سفن الحاويات الصغيرة بـ22 ألف لتر من الزيوت النباتية المهدرجة – وهي زيوت الطهي المستعملة سابقا – ليتم تحويلها إلى وقود الديزل.
عند احتراق زيوت الطهي، ينتج عنها معدلات أقل من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد الكربون، ورغم أن تشغيل المحركات قد تم بوقود حيوي سابقا، إلا أن هناك تحديات في تحول صناعة الشحن إلى بدائل وقود نظيف.
أفادت المتحدثة الرسمية باسم "جود شيبينج" بأن المسؤولين يتوقعون جذب شركات الشحن لتشغيل محركات سفن الحاويات بزيوت الطهي قريبا، ويرى محللون أن الوقود الحيوي سيكون الحل الأمثل لتقليل انبعاثات صناعة الشحن بحلول عام 2030، ولكن ذلك يعتمد على عاملين أساسيين هما "الاستدامة" و"التوافر".
يمكن الحصول على الوقود الحيوي من محاصيل زراعية وغذائية على نطاق واسع، ولكن في نفس الوقت، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الطعام، ومن ثم، فإن البديل الأفضل سيكون الطحالب – غير المستدامة بيئيا وتجاريا لسوء الحظ.
لن تتحول السفن العالمية الكبرى بالطبع نحو تشغيل محركاتها بزيوت الطعام المستخرجة من النبات أو فضلات الحيوانات حتى يتم تأمين إمداداتها بتكلفة في المتناول.
تطالب منظمات دولية بخفض محتوى ثاني أكسيد الكبريت من انبعاثات الشحن من 3.5% إلى 0.5% بحلول عام 2020 تزامنا مع جهود مكافحة التغيرات المناخية التي تتجه إليها حكومات وصناعات.
تحديات وصعوبات
تحاول المنظمة البحرية الدولية وضع شروط مرنة من أجل حث شركات الشحن على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، فبجانب الوقود الحيوي، يمكن للسفن التحول إلى الغاز الطبيعي المسال أو تثبيت أنظمة لتنقية الوقود وتحييد الغازات الملوثة للبيئة.
لا تخلو أنشطة مكافحة التغيرات المناخية من تحديات، وفي حالة الزيوت منخفضة ثاني أكسيد الكبريت، هناك صعوبات في مصافي التكرير التي ستنتج مشتقات مختلفة ربما لا تناسب محركات السفن كما أن هذا النوع من الوقود أغلى تكلفة من نظيره مرتفع ثاني أكسيد الكبريت.
لم يقبل على شراء وتثبيت أجهزة تنقية الغازات الملوثة في الأشهر الأخيرة سوى عدد قليل من الشركات الأصغر حجما مثل "ستار بالك كاريرز" اليونانية، بينما اعترفت شركة "ميرسك" الدنماركية – عملاق الشحن العالمي – بأن تثبيت هذه الأجهزة صعب وباهظ التكلفة، ويمكن أن تقدر التكلفة ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين دولار لكل سفينة.
هناك أيضا انتقادات لأجهزة تنقية الوقود نظرا لأن آلية ترشيحها تعتمد على استخلاص ثاني أكسيد الكبريت وتحويله إلى حمض الكبريتيك ومزجه بمياه البحر – أي إلى نوع آخر من التلوث.
أعلنت "رولز رويس" في أغسطس/آب عن تطوير منظومة بطاريات جديدة لتشغيل السفن يدخل في صناعتها أيونات الليثيوم، وهو ما يعني نسخة أكبر من بطاريات الجوال.
انطلقت سفينة طولها 70 مترا تعمل ببطارية كهربائية في الصين عام 2017 – ما يثير السخرية أنها كانت تنقل شحنات من الفحم – وبالتالي، هناك بصيص أمل لتحول صناعة الشحن تجاه محركات الوقود النظيف في السنوات القليلة المقبلة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}