في الوقت الذي بدأ فيه نجم خدمات مشاركة الركوب الارتقاء واللمعان في منتصف سماء عالم الأعمال، كانت هناك ثورة أخرى تختمر من شأنها منازعة خدمات "أوبر" و"كريم" الرئيسية على لقب الابتكار المزعزع والمسبب للاضطراب، والتي تتغذى في الأساس على بطون المواطنين الخاوية في أنحاء العالم، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
لا شك أن شركات مثل "أوبر" و"كريم" و"ديدي شوكينغ" أحدثت ثورة عبر خدمات مشاركة الركوب أو ما يعرف أيضًا بخدمات التاكسي حسب الطلب، والتي غيرت مفهوم استقلال وسيلة مواصلات خاصة، حيث أصبح بمقدور العملاء الآن استدعاء سيارة الأجرة إلى أماكن وجودهم وحتى تحديد موعد الرحلة ونوع المركبة التي ستوصلهم إلى مقصدهم، علاوة على مزايا أخرى أمنية.
لكن خدمات توصيل الطعام حسب الطلب والتي وجدت قبل خدمات مشاركة الركوب، فرضت نفسها على الساحة حتى أن شركات مثل "أوبر" بدأت في احتضانها والسعي وراء الأعمال الناشئة الرائدة في هذا المجال.
ملامح الثورة
- توفر الدراجات النارية والهوائية السريعة تغطية مميزة لنقل الطعام عبر المدن إلى أبناء جيل الألفية الذين لا يجدون وقتًا كافيًا لطهي الطعام بأنفسهم، وتأمل "أوبر" في الاستحواذ على حصة أكبر في هذا السوق المتنامي في أوروبا وآسيا عبر إبرام شراكة مع منافستها وأحد أكبر اللاعبين في ذلك القطاع "ديليفيرو".
- يقول "وانغ شينغ" المؤسس المشارك لـ"ميتوان ديان بينغ" وهي أكبر شركة لتوصيل الطعام في العالم بقيمة سوقية 53 مليار دولار، إنه يطمح إلى جعل حياة الجميع أفضل، ورغم أن هذا الحلم يبدو مستحيلًا، لكن شركته تساهم في تغيير كيفية حصول الملايين على الطعام.
- قد لا يبدو توصيل البيتزا والوجبات الجاهزة أمرًا أكثر أهمية من نقل الأشخاص إلى وجهاتهم، كما أنه لم يكن من ابتكار "ديليفيرو" أو "أوبر إيتس" أو حتى "ميتوان"، لكن نمو خدمات حسب الطلب التي تساق إلى المستهلك عبر الدراجات مثل تسليم الطعام وجلسات التدليك والتجميل، تشكل ثورة ثقافية.
- مثل غيرها من الثورات، بدأت آثار هذه الطفرة تظهر في الشوارع، في لندن على سبيل المثال، يتم تثبيت علامة كبيرة حمراء تحمل الحرف "إل" على الدراجات المستخدمة في خدمات التوصيل، وهي اختصار لكلمة "Learner" أو "متعلم"، فالعديد من السائقين ليسوا مؤهلين حتى الآن للقيادة بأمان ومسؤولية ومعظم الشركات لا تطلب منهم ذلك.
الثمن الغالي للتغيير
- مؤخرًا احتج سائقو "أوبر إيتس" خارج مقر الشركة في لندن ضد تخفيض التعريفة الأساسية التي يتقاضونها مقابل كل وجبة يقومون بتسليمها، ونظرًا لأن الشركة تعتبر نفسها مجرد وسيط وتتعامل مع السائقين كمقدمي خدمة يعملون لحساب أنفسهم وليسوا موظفين لديها، فبمقدورها تغيير القواعد بسهولة.
- ترى الشركات عدم تحملها للمسؤولية تجاه السائقين كميزة وليس عيبًا، وقبل أشهر تمكنت شركة توصيل الطعام الأمريكية "جراب هاب" من تفنيد ادعاءات سائق سابق حيال حقوقه كموظف أمام القضاء في كاليفورنيا، وأثبتت أنها مارست سلطة محدودة للغاية عليه، فمثلًا لم تكن تطالبه بارتداء زي رسمي، ولم تسع لتفتيش سيارته أو حتى الحصول على صور لها.
- تمتد استراتيجيات هذه الشركات إلى أبعد من مجرد محاولة تقديم وجبات مقابل أقل تكلفة (تقدر "ميتوان" تكلفة العمل لديها بنحو دولار واحد لكل عملية توصيل في الصين، وهو معدل متوقع تراجعه بنسبة 7% سنويًا)، وتريد هذه الشركات دفع الأسعار إلى الانخفاض بما يكفي لإقناع قطاعات عريضة من المستهلكين بالتوقف عن طهي الطعام في المنازل.
- هذا ليس مستحيلًا كما يبدو وفقًا لتحليل أجراه مصرف "يو بي إس" وقارن فيه بين التحول إلى تطبيقات التسليم حسب الطلب، وبين تحول الناس إلى شراء الملابس الجاهزة من المتاجر وعبر الإنترنت بدلًا من صنعها في المنازل كما كان رائجًا في السابق.
- العديد من الأسر في الاقتصادات المتقدمة كانت تعتمد على تصنيع الملابس في منازلها منذ نحو قرن من الزمان، لكن مع تطور سلاسل التوريد وتغير سلوكيات الاستهلاك تحولوا إلى شراء المنتجات الجاهزة، وبهذه الطريقة ربما تختفي عادة الطبخ المنزلي.
المزيد من الضغط على العمالة
- وجبات الطعام الجاهزة للتسليم عند الطلب مغرية بالفعل، خاصة في المدن التي تنتشر بها الشقق الصغيرة ويحتاج فيها السكان لتوفير أوقاتهم مثل لندن، لكن لا تزال هناك فجوة مالية، إذ يقدر "يو بي إس" تكلفة طلب وجبة لشخصين من مطعم بريطاني بنحو 19 جنيهًا إسترلينيًا (25 دولارًا تقريبًا)، مقارنة بـ6 جنيهات لطهيها في المنزل.
- تعمل الشركات المقدمة لهذه الخدمات حاليًا على تضييق هذه الفجوة عبر جمع أكبر عدد من طلبات الطعام التي يمكن تسليمها سريعًا عبر شبكتها من عمال التوصيل، لكن للنجاح في هذا المسعى ستحتاج الشركات أيضًا إلى عمالة رخيصة ومرنة.
- عدم تقديم استحقاقات العمل للسائقين مثل الأجرة المُرضية والإجازة المدفوعة، يقلل تكاليف العمالة على الشركات بنحو 20% إلى 30%، ومع ذلك فمن فإن القطاع لا يزال مهيأ لمزيد من خفض النفقات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}