لا تزال حالة عدم الاستقرار هي المشهد المسيطر على زيمباوي بسبب فقدان العملة المحلية لقيمتها بوتيرة سريعة وارتفاع أسعار السلع والخدمات لتغلق شركات محلية وأجنبية أبوابها ويتساءل مواطنون عما إذا كانت مدخراتهم تتعرض للتآكل والتلاشي في ظل التضخم المفرط والانهيار الاقتصادي الذي يمزق الدولة الإفريقية منذ عشر سنوات، بحسب تقرير نشرته "بي بي سي".
وأعرب أحد تجار الجملة في زيمبابوي عن المعاناة من قفزات التضخم مشيرا إلى أن أسعار السلع ترتفع كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، وأغلقت "كتاكي" (كيه إف سي) مطاعمها المحلية بسبب الأجواء القاسية كما فقدت المتاجر العديد من السلع الأساسية وتشكو شركات تعدين ومصدرين من نقص احتياطيات العملة الأجنبية.
وتتزايد المخاوف بين المواطنين بشأن ارتفاع الأسعار لاسيما بعد إعلان حكومي غير متوقع بخطة فرض ضريبة جديدة بنسبة 2% على تحويلات الأموال وتغيرات محتملة تتعلق بالعملة، وأوقفت الحكومة استيراد الوقود واوقفت العديد من الشركات قبول السندات المحلية المعروفة باسم "زولارز" أو "زيم بولارز" التي تقيم في السوق السوداء مقابل 4 أو 5 دولارات أمريكية.
تعمق لبلوغ الجذور
يصر نائب وزير المعلومات "إنيرجي ميوتودي" على عدم وجود أي داعي للهلع مشيرا إلى أن ما يشهده السوق من تقلبات في سعر صرف العملة يعد نتيجة طبيعية لسلوكيات المضاربة.
يرى "ميوتودي" أن الأيام القليلة القادمة ستشهد عودة الأمور إلى طبيعتها وأن على المواطنين الشعور بالأمان تحت رعاية الحكومة الحالية الملتزمة بتنفيذ إصلاحات جذرية، ولكن على المواطنين الصبر.
بعد عام تقريبا من الإطاحة بالرئيس الزيمبابوي السابق "روبرت موجابي" في انقلاب عسكري، لا تزال الحكومة التي يقودها حزب "موجابي" "زانو – بي إف" تتلمس خطواتها لمعالجة الأزمة التي تضرب بجذورها في سنوات سابقة من الإنفاق غير الرشيد والفساد وعدم الاستقرار السياسي وتراجع الصادرات.
أفاد أحد المحللين بأن الأزمة شديدة للغاية وأن المواطنين يعانون بشدة منذ سنوات من سوء الحوكمة، ورغم أن وزير المالية الجديد نال بعض الدعم الدولي لمحاولاته نحو تحقيق الاستقرار المالي، إلا أن الدولة الإفريقية في حاجة لخفض ضخم في الإنفاق وإطلاق برنامج طموح للخصخصة وهيكلة سداد الديون الضرورية لدخول سوق القروض الدولية.
صورة اقتصادية قاتمة
يتذكر العديد من المواطنين قرارات الحكومة بمصادرة مدخراتهم عام 2008 ويقلقون بشأن رغبة أو قدرة الحزب الحاكم على التعامل مع الفساد المتفشي والاقتصاد المنهار.
يرى مراقبون أن الشعب الزيمبابوي لا يثق في النظام الحاكم كما يشككون في نتائج الانتخابات، ويرون أنه حتى لو تم التلاعب في الانتخابات، فإنه لا يمكن التلاعب في الاقتصاد أو المتاجر أو محطات الوقود وتغيير الصورة القاتمة الموجودة بالفعل.
هناك أزمة ثقة بين المواطنين من جهة والنظام الحاكم والسلطات الحكومية من جهة أخرى، وبالتالي، فإن ذلك يضفي حالة من عدم اليقين حول مصداقية تنفيذ أي إصلاحات في الاقتصاد.
عام 2009، قررت زيمبابوي إلغاء عملتها الخاصة عديمة القيمة واعتمدت بدلا منها سلسلة من العملات الأجنبية حتى عام 2016 عندما أضيفت سندات إلى هذه السلة من العملات تزامنا مع تزايد القلق حول استخدامها للتعتيم على قضايا فساد وإنفاق حكومي غير محسوب.
لا يوجد شك في وجود فوضى عارمة تركها "موجابي" قبل إزاحته من السلطة فضلا عن الانقسام بين أعضاء الحزب الحاكم أنفسهم، ولكن بعض المحللين يرون أن مجلس الوزراء الجديد يتخذ بعض الخطوات الصحيحة.
يقول محللون إنه يجب منح بعض الوقت للحكومة لإجراء تعديلات وإصلاحات هيكلية في الاقتصاد وتعديل سياسة سعر الصرف من أجل الحصول على نتائج ملموسة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}