في مقاطعة داتونغ، شمالي الصين، توجد محطتان هائلتان للطاقة الشمسية تبدوان على شكل دب الباندا عند النظر إليهما من الطائرة، ومع ذلك فإن البلاد ليست موطنًا لبعض أكبر المزارع في العالم فحسب، إذ يبدو أن تقنياتها تؤثر أيضًا على سياسات الطاقة في جميع أرجاء الكرة الأرضية، وفقًا لتقرير لـ"بي بي سي".
محطتا الباندا هاتان، تتكونان من آلاف اللوحات الضوئية، ومعًا تنتجان 100 ميجاواط من الكهرباء وتغطي مساحة 248 فدانًا "الفدان يعادل 4200 متر مربع" ويرجع اختيار شكل حيوان الباندا كونه أحد الرموز الشهيرة المتأصلة في الثقافة الصينية، بحسب وثيقة لشركة "باندا جرين إنرجي" المنفذة للمشروع.
الصين تقود
- تمتلك الصين قدرة إنتاجية من الطاقة الشمسية تفوق أي دولة أخرى وتصل إلى 130 جيجاواط، وإذا وضعتها بأكملها قيد العمل فإنها تكفي لتغطية حاجة المملكة المتحدة من الكهرباء عدة مرات.
- الصين أيضًا موطن لكثير من مزارع الطاقة الشمسية هائلة الحجم، بما في ذلك محطة سد لونغ يانغ شيا التي تصل قدرتها الإنتاجية إلى 850 ميجاواط، وتستخدم أربعة ملايين لوح ضوئي، بالإضافة إلى أكبر مزرعة شمسية في العالم، في صحراء تنغر، والتي تتجاوز قدرتها الإنتاجية 1500 ميجاواط.
- تكلفت هذه المشاريع ملايين الدولارات، فهل كانت تستحق الجهد والأموال المبذولة لتنفيذها؟ وهل سيتم تدشين ما يكفي منها في مناطق مترامية الأطراف لتلبية أهداف الطاقة الخضراء التي تسعى إليها الصين؟
- الصين هي أكبر مزود في العالم لتقنيات الألواح الشمسية، وفقًا لـ"بلومبرج نيو إنرجي فاينانس" للأبحاث، ونظرًا لكبر حجم السوق، فإن الحكومة تتبنى مثل هذه المشروعات كسياسة صناعية خاصة.
- بحسب وكالة الطاقة الدولية تنتج الصين أكثر من 60% من ألواح الطاقة الشمسية في العالم، وهو ما يفسر المصلحة الاقتصادية للحكومة من مثل هذه المشروعات، حيث ترمي إلى تعظيم الطلب على الألواح.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة موارد الطاقة المتجددة، يساعد السلطات على تحقيق أحد أهدافها الرئيسية، الذي يتركز في تنظيف مزيج الطاقة في البلاد، علمًا بأن نحو ثلثي الكهرباء التي تنتجها الصين حتى الآن تأتي من حرق الفحم.
دوافع سياسية
- قد يكون هناك حافز آخر وراء مساعي الصين لبناء مزارع شمسية في بعض المناطق الحساسة سياسيًا، ففي العقود الأخيرة لاحظ الكثيرون حرص بكين على تشجيع الاستثمار في البنية التحتية لمناطق مثل التبت ومحيطها، وهي منطقة تتمتع بحكم ذاتي وتعد موطنًا للعديد ممن يرفضون مطالب الصين بإخضاع الإقليم لحكمها.
- البعض يرى أن مثل هذه الاستثمارات ذات دوافع سياسية، ومحاولة لدعم السلطة والعرقية الصينية التي انتقلت إلى هذه المناطق، وعلى سبيل المثال، سيُستخدم أحد المشاريع الاستثنائية الألواح الشمسية لتسخين شبكة أرضية مصممة لتذويب التربة الجليدية لتتمكن الأشجار من النمو، وهي محاولة تقول بكين إنها ستجعل المنطقة أكثر جاذبية للمقيمين الصينيين.
- توزيع موارد الطاقة الشمسية في الصين يخالف انتشار السكان في البلاد، والذين يتركز 94% منهم في الجزء الشرقي من البلاد، وبمعنى آخر، فإن العديد من المحطات تقع بعيدًا عن البلدات والمدن الكبيرة التي تحتاج إليها بالفعل.
- وفقًا لبيانات مجلس الكهرباء الصيني، فإن الأشهر الستة الأولى من عام 2018، شهدت إنتاج مزارع الطاقة الشمسية ما يعادل 14.7% من قدرتها الفعلية، ويمكن أن يرجع ذلك إلى أسباب يصعب التحكم بها مثل الطقس، لكن العامل الرئيسي هو امتداد خطوط النقل إلى عدة كيلومترات.
- حاولت الصين معالجة هذه المشكلة من خلال تطوير تقنيات أفضل للنقل، لكنها توصلت إلى وسائل تحتاج لمزيد من الوقت لتثبيتها، يضاف إلى ذلك مشكلة أخرى، وهي إنهاء الدعم الحكومي لمشروعات الطاقة الشمسية ضخمة الحجم.
الأثر العالمي
- في ظل المناخ المعقد في الصين، بدأ المستثمرون في الابتعاد عن مشروعات الطاقة الشمسية العملاقة في المناطق النائية، وأصبحوا أكثر انجذابًا لأعمال الأسطح الشمسية في المدن الكبرى وبيع الكهرباء مباشرة إلى المستهلكين، التي تنمو بشكل ملحوظ وتضمن تحقيق تدفقات نقدية أفضل.
- مع ذلك يؤمن خبراء الصناعة أنها ليست نهاية مشروعات الطاقة الشمسية الضخمة، سواء في الصين أو خارجها، ويقولون إنه من المهم إدراك أن نفوذ بكين لا يتركز فقط في المشروعات الهائلة التي تدشنها داخل أراضيها وإنما أيضًا يمتد إلى تلك التي يتم بناؤها في أماكن أخرى.
- العديد من مزارع الطاقة الشمسية الضخمة قيد الإنشاء حاليًا في أماكن عدة من العالم، وبعد اكتمالها، ستتنافس على لقب أكبر حديقة شمسية في العالم، والعديد منها له روابط واضحة مع الصين.
- على سبيل المثال، مجمع بنبان في مصر، والذي يغطي مساحة 37 كيلومترا مربعا، وستصل قدرته الإنتاجية إلى ما بين 1600 و2000 ميجاواط، ما يجعله مشروعا مذهلا لا شك، وتشارك في بنائه بالتأكيد شركة صينية.
- مع خوض الشركات الصينية لمغامرات مماثلة في مناطق أخرى، يعتقد خبراء أن تكلفة الألواح الشمسية ستستمر في الانخفاض، وعلى هذا النحو، لن تستغرق سوى بضع سنوات قبل تلاشي أثر إنهاء الدعم الحكومي.
- لكن مع استمرار بناء مثل تلك المجمعات، سيكون هناك أحد التعقيدات التي يجب التعامل معها خلال العقود المقبلة، إذ يمكن للألواح الضوئية أن تعمل نحو 30 عامًا، وبعد ذلك يجب تفكيكها.
- من الصعب إعادة تدوير هذه الألواح لأنها تحتوي على مواد كيميائية ضارة مثل حمض الكبريتيك، ومن المرجح أن الصين ستشهد طفرة مفاجئة في مخلفات الألواح الضوئية بدءًا من عام 2040 فصاعدًا، ولا توجد حاليًا خطة واضحة لما يجب فعله إزاء هذه الكميات الهائلة من الألواح الشمسية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}