تمر فنزويلا بأوقات عصيبة وتشهد أوضاعًا كارثية جراء انهيار قيمة العملة المحلية وتدهور الاقتصاد، وبشكل عام يعيش الفنزويليون واحدة من أسوأ حالات التضخم الجامح التي تم تسجيلها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكنها ليست الوحيدة، فالتاريخ كان شاهدًا على أزمات مماثلة، استطاعت الدول إيقافها في نهاية المطاف، بحسب تقرير لـ"بي بي سي".
وصل تضخم الأسعار في فنزويلا إلى مستوى قياسي مرتفع جديد عند 65000% خلال أغسطس/ آب على أساس سنوي، وفقًا لأستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة جونز هوبكنز بالتيمور "ستيف هانك" وهو أحد أبرز الخبراء العالميين في التضخم المفرط.
ويعرف التضخم المفرط بأنه ارتفاع الأسعار بأكثر من 50% على أساس شهري، على أن يستمر هذا التضخم لأكثر من 30 يومًا متتاليًا، وبالنسبة للوضع الفنزويلي تحت حكم "نيكولاس مادورو" بلغ هذا المعدل 150%، وفقًا لـ"هانك".
ودخلت فنزويلا جدول "هايك- كروس" العالمي للتضخم المفرط في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، عندما قفز التضخم بنسبة 219% على أساس شهري وتضاعفت الأسعار كل 18 يومًا، وقد تفاقم الوضع منذ ذلك الحين، ومع النقص الحاد في الغذاء والدواء، يضطر المواطنون لدفع تكاليف أساسيات الحياة اليومية بكميات كبيرة للغاية من الأموال.
بينما تعد فنزويلا هي البلد الوحيد في العالم الذي يعاني حاليًا من التضخم المفرط، فقد كانت هناك ما لا يقل عن 58 حالة مشابهة على مدار التاريخ، وفي ما يلي استعراض للحالات الخمس الأسوأ.
أسوأ حالات التضخم المفرط على مر التاريخ |
||||
الحالة |
التاريخ |
التضخم اليومي (%) |
معدل تضاعف الأسعار (ساعة) |
التفاصيل |
اليونان |
1944 |
18 |
102 |
- أدى انخفاض الإنتاج الزراعي إلى نقص حاد في الغذاء داخل المدن الرئيسية ووقوع المجاعة الكبرى، ومع تضاؤل حصيلة الضرائب، ارتفع التضخم إلى 13800% على أساس شهري خلال نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1944.
- رغم أن ارتفاع الأسعار لم يكن شديدًا كما كان الحال في المجر وألمانيا بعد الحرب، فقد استغرقت البلاد فترة أطول لتحقيق الاستقرار.
- بعد التحرير، أجرت الحكومة ثلاث محاولات على مدى 18 شهرًا، لتتمكن أخيرًا من تحقيق استقرار نسبي من خلال الإصلاح المالي، اعتمادًا على القروض والعملة الجديدة.
|
ألمانيا |
1923 |
21 |
89 |
- مع طباعة المزيد، فقد المارك قيمته، لكن أسوأ ما في الأزمة جاء بعدما تخلفت ألمانيا عند سداد ديونها المستحقة عام 1923، ما اضطر القوات الفرنسية والبلجيكية إلى احتلال وادي الرور، الذي يعد قلب الصناعة في البلاد، للحصول على مستحقات بلديهما في صورة أصول ثابتة.
- بطبيعة الحال تسبب هذا الاحتلال في تعطل الإنتاج، وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 1923، ارتفع التضخم إلى 29500% على أساس شهري، وكانت الأسعار تتضاعف كل أربعة أيام تقريبًا.
- كانت تكلفة رغيف الخبز في يناير/ كانون الثاني من هذا العام 250 ماركا، لكنها قفزت إلى مائتي مليار مارك بعد 10 أشهر، وكان المواطنون يحصلون على أجورهم في حقائب كبيرة.
- بعض القصص المتداولة عن الأزمة تروي أن شخصًا ترك حقيبة راتبه دون رقابة في مكان عام ليكتشف بعد ذلك أنها سُرقت لكن اللص ترك الأموال التي بها.
- في وقت لاحق من ذلك العام، أصدرت البلاد عملة جديدة، مدعومة بالأراضي الزراعية، واستقرت بعدها الأسعار، ووافق الدائنون على إعادة هيكلة مدفوعات الحرب.
|
يوغوسلافيا |
1994 |
65 |
34 |
- لكن الأزمات الاقتصادية والسياسية في الثمانينيات أدت إلى اندلاع حروب أهلية انتهت بانهيار البلاد والعودة إلى جمهورياتها المؤسسة، وبحلول عام 1992 لم يكن هناك سوى صربيا والجبل الأسود في هذا الاتحاد.
- بدأت الحكومة طبع الأموال لملء خزائنها خوفًا من النزاع واضطرابات السوق الداخلية، لكن عدم ضبط الإنفاق العام، وغياب الكفاءة، والفساد، وعقوبات الأمم المتحدة في عامي 1992 و1993، أدى إلى تفاقم الأزمة.
- في أوائل عام 1994، كانت الأسعار ترتفع بنسبة 313 مليونا في المائة شهريًا، وهرع الناس إلى إنفاق أموالهم بمجرد تلقيهم الرواتب، حيث كانوا يشترون العديد من احتياجاتهم من البلدان المجاورة.
- وافق الزعيم الصربي "سلوبودان ميلوسيفيتش" في نهاية المطاف على إصدار عملة جديدة مدعومة باحتياطيات الذهب والعملة الصعبة.
|
زيمبابوي |
2008 |
98 |
25 |
- زاد الوضع سوءًا بسبب المشاركة المكلفة في حرب الكونغو عام 1988، بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية والأوروبية على حكومة "روبرت موغابي" عام 2002.
- مع بدء الألفية الجديدة، ارتفعت الأسعار، وبحلول نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2008 بلغ التضخم 79 مليارا في المائة على أساس شهري.
- تزامن ارتفاع الأسعار مع انقطاع المياه والكهرباء المتكرر، وتكدس المواطنين أمام البنوك ومحطات البنزين، بالإضافة إلى النقص الحاد في الغذاء.
- عبر العديد من المواطنين إلى جنوب إفريقيا وبوتسوانا لشراء السلع الأساسية، وأصبح الدولار الأمريكي والراند الجنوب إفريقي عملات فعلية داخل البلاد.
- عام 2009، تخلى البنك المركزي عن عملته، واعتمد الدولار والراند كوسيلة رئيسية للصرف.
|
المجر |
1946 |
207 |
15 |
- كانت الأسعار تتضاعف كل 15 ساعة، أي أن ما يمتلكه الناس من أموال في الصباح يفقد نصف قيمته بحلول المساء، واضطرت البلاد إلى إصدار عملة بقيمة 100 كوينتيليون (ألف كوادريليون) بنغو.
- تسببت الحرب العالمية الثانية في محو 40% من الثروات في المجر، ودمرت 80% من العاصمة بودابست، وقُصفت السكك الحديدية والطرق، واضطرت الحكومة إلى دفع الملايين كتعويضات بعد الحرب.
- أجرت الدولة عدة محاولات لتعزيز قيمة العملة، وتوقف المواطنون عن الإشارة إلى الأموال حسب قيمتها، وبدلًا من ذلك تم تمييز كل فئة حسب لونها.
- في الأول من أغسطس/ آب عام 1946، تبنت الحكومة برنامجًا راديكاليًا للاستقرار، شمل إصلاحًا ضريبيًا جوهريًا، واسترداد أصول الذهب في الخارج، وإصدار عملة جديدة مدعومة باحتياطيات الذهب والعملات الأجنبية.
- عندما بدأ تفعيل هذه القرارات، كانت عملة الفورنت الجديدة تعادل 400 أوكتيليون (ألف تريليون تريليون) من العملة القديمة البنغو.
|
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}