منذ فترة قريبة ظهر في صناعة الموضة ما يعرف بـ"التغير المتسارع للصرعات"، والمقصود به تدفق كمية تصميمات كبيرة للغاية هذه الأيام يما يؤدي لازدهار ملموس في صناعة الموضة بشكل خاص والملابس بشكل عام.
نمو قياسي
وأدت هذه الظاهرة إلى تنام كبير في قيمة شركات الموضة والملابس، حيث تصل قيمة العلامة التجارية لشركة "نايكي" السوقية إلى 28 مليار دولار في صدارة شركات الموضة تليها "إتش آند إم" بأكثر من 15 مليار دولار، ثم "زارا" بعشرة مليارات دولار.
ثم تأتي شركات "كارتير" و"هيرميس" و"أديداس" بقيمة سوقية 7 مليارات دولار، تليهما "جوتشي" و"فيكتوريا سيكريت" و"رولكس" بقية بين خمسة إلى ستة مليارات دولار، ثم عشرات الشركات بقيمة تتعدى المليار دولار.
ويرجع هذا أولًا لزيادة استهلاك الملابس، فعلى سبيل المثال فإنه في ثلاثينيات القرن الماضي كانت المرأة الأمريكية تشتري 9 أزياء في العام، بينما يصل هذا الرقم يومنا هذا إلى 60 بما يؤكد النمو الكبير للسوق، وذلك بفعل ما تصفه "سمارت أسيت" بالتغير الكبير في سلوك المستهلكين.
والتزايد في استهلاك الملابس يعود إلى 3 عوامل: الإفراط في اتباع الموضة، التخلي عن العادات القديمة في إصلاح الملابس وإعادة استخدامها والميل لشراء الجديد، التقدم في صناعة إعادة التدوير سواء للملابس أو الأقمشة بما رفع من قيمتها مستعملة.
فكبرى بيوت الأزياء كانت تطرح منتجات جديدة بشكل فصلي في منتصف القرن الماضي، ثم تسارع معدل الطرح ليكون شهريًا في الثمانينيات، وتشير "نيويوركر" إلى أن شركات مثل "زارا" و"إتش آند إم" تطرح موديلات جديدة بشكل أسبوعي حاليًا لتبقي على اهتمام المستهلكين ومعدلات شرائهم العالية.
عمالة رخيصة
وتبلغ نسبة مساهمة الموضة النسائية أكثر من النصف في دخل الصناعة، بينما تبلغ النسبة أكثر من الثلث بقليل بالنسبة للرجال وأقل من السدس بالنسبة لموضة الأطفال.
ولأن صناعة الموضة كثيفة الاستخدام لعنصر العمالة تميل شركات الموضة الكبرى لنقل خطوط إنتاجها للدول الأقل في الأجور والتي تحتوي على عمالة ماهرة، بما دفع "زارا" على سبيل المثال لنقل بعض خطوط إنتاجها لبنجلاديش.
فالحد الأدنى للأجر في البلد الآسيوي يبلغ 68 دولارا شهريًا، وهو ما قد يتلقاه العامل الأوروبي في يوم واحد، ومع الانفتاح الكبير في التجارة بين مختلف الدول أصبح الاستفادة بتدني الأجور ممكنًا بصورة أكبر مع نقل المنتج النهائي بحرية لبلاد الاستهلاك.
ولذلك أيضًا نقلت "نايكي" غالبية خطوط إنتاجها إلى الصين، ومن ثم إلى كمبوديا (التي تدفع فيها للعاملين حوالي 100 دولار شهريًا)، بعد الارتفاع النسبي في أجور العمالة الصينية التي تبقى متدنية بالطبع مقارنة بنظيرتها الأمريكية.
وتبدو المفارقة هنا في تلقي العامل لدى تلك الشركات لأجر شهري قد يقل كثيرًا عن ثمن قطعة ملابس واحدة فقط من التي يعمل –وزملاؤه- على صنعها بما يزيد من أرباح بيوت الأزياء بشكل كبير.
عوائق للنمو وميزة نسبية
وعلى الرغم من عدم وجود تقديرات دقيقة لحجم صناعة الموضة حول العالم، لتداخلها مع صناعة الملابس (العادية) بشكل عام، إلا أن تقديرات "صندوق التعليم الاقتصادي" تشير إلى حجم سوق يصل إلى 1.5 تريليون دولار عام 2018، حيث نما السوق بأكثر من 60% خلال العقد الأخير.
وتشير تقديرات "بيزنيس إنسايدر" إلى أن سوق الملابس بأكمله يصل إلى 2.5 تريليون دولار، ويرجع سبب ارتفاع نسبة بيوت الأزياء المختلفة (كبيرة أو صغيرة، غالية الثمن أو متوسطة) إلى اعتماد المستهلكين في الدول المتقدمة ذات القوة الشرائية الأكبر عليها.
ويلفت "جون مينكارلي" الاقتصادي الشهير في حديث لشبكة "شي.إن.بي.سي" إلى المشكلة "القديمة-الحديثة" التي تواجه شركات الموضة في أنها الأكثر تأثرًا بالأزمات الاقتصادية وبفعل تراجع معدلات النمو والتجارة العالميين.
ويقول "مينكارلي": "عندما تأتي أوقات اقتصادية صعبة يميل الناس إلى شراء الضروريات، والملبس من ضمنها بالطبع، ولكن الحفاظ على أحدث صرعة واقتناء الملابس غالية الثمن ليس ضرورة لغالبية الطبقات الاجتماعية بالطبع".
وعلى الرغم من ذلك تحافظ طبيعة غالبية شركات الموضة على قدرتها في البقاء قي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في ظل سيطرة بعض العائلات على غالبيتها، بما يجعلها أقدر على اتخاذ قرارات أفضل بعيدًا عن الضغوط التقليدية لحملة الأسهم.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}