نبض أرقام
05:16 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

عودة المعضلة "القديمة الجديدة".. السيادة أم التجارة الحرة؟

2018/09/29 أرقام - خاص

مع عودة الإجراءات الحمائية لواجهة الأحداث على أيدي دول كثيرة في مقدمتها الولايات المتحدة، تثار في الآونة الأخيرة التساؤلات حول عودة المعضلة الاقتصادية القديمة في الموازنة بين المصالح القومية للدول وسيادتها من جانب، والاقتصاد الحر من جانب آخر.

 

 

"خسائر" حرية التجارة

 

فالفكرة الرئيسية من إقرار مبادئ التجارة الدولية الحرة هي تنازل الدول المتبادل عن جزء من سيادتها، بسماحها بعبور حر للسلع والخدمات عبر الحدود، مقابل حصولها على نفس المزايا بعبور سلعها الحر أيضًا إلى البلدان الأخرى.

 

"800 مليار دولار".. هذا هو الرقم الذي تخسره الولايات المتحدة سنويًا وفقًا للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" نتيجة لما يصفه بالاستغلال "غير العادل" لشركاء بلاده التجاريين لمبادئ حرية التجارة، بما يجعل صادراتهم للولايات المتحدة تزيد على وارداتهم ولذلك أقر إجراءاته الحمائية.

 

ويشير موقع "ذا بالنس" إلى أنه في الوقت الذي يشكو فيه "ترامب" من عدم عدالة التجارة الحرة، تقدم الأرقام الاقتصادية واقعًا مختلفًا. فالمكسيك على سبيل المثال عانت كثيرًا من اتفاقية "نافتا" (التجارة الحرة في أمريكا الشمالية) ولاسيما من المزارعين، وليس الولايات المتحدة.

 

فمع الدعم الكبير الذي يحصل عليه المزارعون الأمريكيون من حكومتهم أصبحوا يمتلكون ميزة نسبية غير عادلة في مواجهة المنتجين المكسيكيين، مما أدى لتراجع كبير في إنتاج بعض المحاصيل في المكسيك ومنها القمح على سبيل المثال، وتقدر الخسائر هنا بأكثر من 40 مليار دولار.

 

وتشير تقديرات موقع "سمول بيزنيس" إلى أن الاقتصاد الأمريكي أحد أكثر الاقتصادات استفادة من التجارة الحرة، حيث يعد الاقتصاد الأول على مستوى العالم في توليد الدخل من الـ"فرانشيز" (العلامات التجارية) ومن حقوق الملكية الفكرية وكليهما يتطلب اقتصاد تبادل حر.

 

30 مليون وظيفة

 

ووفقًا للموقع نفسه فإن هذا الشكل من أشكال التجارة يحافظ على أكثر من 30 مليون وظيفة في الولايات المتحدة، يشكلون قرابة خُمس قوة العمل في البلاد، ويتلقون أكثر من ثلث الرواتب فيها بما يؤشر لتمتعهم بمستوى معيشي مميز أيضًا.

 

 

ولا يقتصر "التنازل" عن السيادة فقط على السماح بدخول السلع بحرية، ولكنه يمتد لتقييد السياسات الاقتصادية في مجالات منح الدعم، وأسعار المواد الأولية وتحديد سعر الصرف.

 

ويرى موقع "ذا هيل" في رفض "ترامب" مثلًا اتخاذ سياسات من شأنها مواءمة سعر صرف الدولار ليكون بمثابة وسيلة منه لدعم المنتجات الأمريكية عالميًا –بجعل أسعارها أرخص-، ومواجهة خفض بكين المتعمد لسعر صرف عملتها.

 

وهناك العديد من الطرق التي تمارس بها الدول "سيادتها" في مواجهة التجارة الحرة، ومنها وضع حصص لاستيراد بعض السلع من دول بعينها، وفرض جمارك على السلع، أو وضع شروط متشددة و"غير واقعية" لاستيراد سلع بعينها.

 

وتظهر الحاجة إلى فرض "السيادة" الاقتصادية بشكل مختلف بين الدول النامية والمتقدمة، فعلى سبيل المثال تنخفض تكلفة إنتاج الملابس في الصين عنها في أوروبا عن 50%، لأنها صناعة كثيفة العمالة وأجور الصينية أقل من الأوروبية.

 

منذ عهد "ريجان"

 

وفي المقابل، تتمتع الدول المتقدمة بميزة تنافسية في السلع التكنولوجية بفعل عقود طويلة من الإنفاق على التطوير والأبحاث، بما يجعلها تقدم منتجات أفضل، لذا تحتاج الدول المتقدمة لحماية الصناعات اليدوية أو البسيطة والنامية لحماية تلك الأكثر تقدمًا (بصورة عامة).

 

ولذلك ترى مجلة "نيويوركر" في الرؤية الصينية بالانتقال من الإنتاج الكبير إلى الإنتاج النوعي إدراكًا من بكين لحتمية تطوير شكل الإنتاج بما يلائم تحولها لدولة عظمى، فهي لم تبدأ في إغلاق حدودها بدعوى السيادة ولكن في تطوير إمكاناتها.

 

 

وفي مقال بـ"نيويورك تايمز"، في أبريل 1983، انتقدت الصحيفة الرئيس الأمريكي الأسبق "دونالد ريجان" بسبب إقراره إجراءات حمائية بدعوى السيادة الوطنية: "في الأوقات الصعبة مثل ارتفاع نسبة البطالة قد تبدو الإجراءات الحمائية الحل، لكنها تستدعي ردًا من الدول الأخرى وبالتالي تزداد الأمور صعوبة".

 

وقالت الصحيفة حينها "في الوقت الذي قد يبدو التذرع بالسيادة ملائمًا لتفادي خسارة بعض العاملين لوظائفهم في مواجهة المنافسة الأجنبية، فإن الإجراءات الحمائية المتبادلة ستؤدي لفقدان آخرين لوظائفهم أيضًا، ليبقى الحل الأنسب في إعادة تأهيل العمالة المتضررة وليس التذرع بالسيادة التي تزيد من انغلاق الاقتصاد".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.