كونها ثاني أكبر شركة عامة في العالم -تجاوزت قيمتها السوقية تريليون دولار مؤخرًا- وتدار من قبل أغنى رجل في العالم، توضع "أمازون" دائمًا داخل دائرة الضوء ولا تسلم من الانتقادات، بداية من صغار المحللين وحتى كبار السياسيين وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، والذين يرون أنها تستغل كبر حجمها في المنافسة غير العادلة، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
مؤخرًا اقترح محللو "سيتي بنك" انقسام "أمازون" إلى شركتين لتجنب الخضوع لتدقيق حول الممارسات الاحتكارية من قبل المنظمين في الولايات المتحدة، وبعد يومين من هذا الاقتراح، قال الاتحاد الأوروبي إنه فتح تحقيقًا أوليًا في سلوك الشركة تجاه التجار الذين يبيعون السلع عبر منصتها.
لا شك أن "أمازون" نمت إلى حد التفرد والهيمنة في سوق تجارة التجزئة عبر الإنترنت، علاوة على نشاطها القوي في الحوسبة السحابية، وفي بعض الحالات يضر نشاطها المنافسين من خلال تقديم أسعار أقل على حساب الربحية، لكن هل حادت الشركة عن صحيح القانون أو كسرت القواعد خلال رحلتها إلى القمة؟ وهل سيعود الانقسام بالنفع على الشركة أو منافسيها أو حتى العملاء؟
الاحتكار قد يكون صحيًا أحياناً
- يقول معظم الخبراء إن تطبيق قانون مكافحة الاحتكار منذ السبيعينات قد ركز في المقام الأول على التأكد من عدم الإضرار بالزبائن، ومن الصعب العثور على دليل يدين "أمازون" بفعل ذلك، فيما يقول أستاذ القانون بجامعة ميشيغان "دانيال كرين": نحن لا نعاقب الشركات ببساطة لأنها كبيرة، إننا ننظر إلى السلوك.
- يستشهد الكثيرون برأي قاضي المحكمة الأمريكية العليا الراحل "أنطونين سكاليا" خلال قضية "فيريزون وترينكو" عام 2004، والذي جاء فيه أن امتلاك القوة الاحتكارية، وما يصاحب ذلك من فرض أسعار احتكارية قد يعد ممارسة غير قانونية، لكنه أيضًا عنصر مهم في نظام السوق الحر.
- وفقًا لهذا الرأي، لا توجد جريمة في الاحتكار، وإنما في استغلال هذه القدرة على الاحتكار، إذ يرى "سكاليا" أن الاحتكار السليم يدفع إلى المخاطرة التي تولد في النهاية الابتكار والنمو الاقتصادي.
- قد يتفق المستهلكون مع ذلك، فعلى سبيل المثال أصبحت اللحوم المباعة في "هول فودز" أرخص منذ استحوذت "أمازون" عليها، وبفضل هذه المنافسة، تعيد "وول مارت" وهي أكبر سلسلة متاجر تجزئة في العالم، النظر في أعمالها لتقديم خدمة أفضل لعملائها، كما أن أسعار خدمات الحوسبة السحابية تراجعت مع دخول "أمازون" إلى هذا السوق.
هل المنظمون مؤهلون؟
- يشعر بعض القانونيين والمنظمين بالقلق من أن قوانين مكافحة الاحتكار الحالية لم تتوقع التأثير الكبير لشركات التكنولوجيا مثل "أمازون"، ويتساءلون عما إذا كانت قدرات سلطة مكافحة الاحتكار الحالية كافية لمواكبة التغيرات السريعة في قطاع الأعمال الأمريكي.
- ذات مرة تبنت أمريكا مبدأ "لعنة الضخامة" وكانت هناك مخاوف كثيرة حيال الشركات هائلة الحجم، لكن يقول أستاذ القانون في جامعة كولومبيا "تيموثي وو": لقد توقفت الحرب على الضخامة والتركيز المفرط في مكان واحد، وأنا أخشى أن شركات مثل "أمازون" تهدد بابتلاع المنافسين الأصغر الذين يملكون أفكارًا جيدة بيد أن رؤوس أموالهم محدودة.
- على النقيض لا يؤمن "كرين" بهذه الحجة، ويؤكد أنه ليس من الواضح إذا كان لدى المنظمين الخبرة الفنية الكافية للتدخل بفعالية في أعمال شركات التكنولوجيا، ويضيف أن تعامل السلطات مع الصناعات سريعة الحركة يجب أن يتميز بالخفة والبساطة لأنه من الصعب على الشركات احتكار الابتكار.
- بالنظر إلى المتاجر الحقيقية في الولايات المتحدة يتبين صغر حجم "أمازون"، حيث ما زال هذا السوق يشكل 90% من مبيعات السلع الاستهلاكية في البلاد، لكن الشركة المملوكة للملياردير "جيف بيزوس" تهيمن على تجارة التجزئة عبر الإنترنت، وتمثل 45% من إجمالي هذا السوق الافتراضي، وفقًا لتقرير لـ"يورومونيتور إنترناشونال".
- مع ذلك يدعي البعض أن وصول الشركة إلى كميات هائلة من بيانات المستهلكين يمنحها ميزة غير عادلة عندما يتعلق الأمر بالتسعير والممارسات التجارية الأخرى.
- على أي حال التدقيق أمر متوقع، وسبق أن قال "بيزوس" إن كل المؤسسات الكبرى من أي نوع ستكون، ويجب أن تكون محل فحص وتدقيق وتفتيش، لكنه طالب في الوقت ذاته ألا يتم تشويه سمعة هذه الكيانات لأنها ببساطة ضخمة الحجم.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}