بعد عشر سنوات من انهيار مصرف "ليمان براذرز" واندلاع الأزمة المالية، ما زال العالم أبعد ما يكون عن بلوغ بر الأمان، بل يعاني الآن أكثر من عدم الاستقرار والقلق، فحتى بعض البلدان المتقدمة تشهد متوسط أجور أقل مما كان عليه قبل الأزمة، علاوة على تعمق مشكلة عدم المساواة وتواضع الاستثمار في المعدات والتقنيات المتقدمة التي تشكل حجر زاوية النمو المستقبلي، بحسب تقرير لـ"الجارديان".
ليس من المستغرب حدوث ذلك، نظرًا للتركيز على استخلاص الأموال من الشركات بدلًا من استثمارها، ورغم تباين مستوى الإنتاجية من دولة متقدمة إلى أخرى، لكن الصورة بشكل عام ليست أفضل، فمستويات الاستثمار في بلدان مجموعة السبع منخفضة وفقًا للمعايير التاريخية، كما أن النمو متباطئ.
تحسن أم تفاقم للأعباء؟
- توسع الاقتصادات بمعدل متسارع، كان دائمًا بدعم من الحوافز الحكومية، كما هو الحال في الولايات المتحدة تحت حكم "دونالد ترامب"، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 4%، بفضل تخفيضات ضريبية قدرها 1.1 تريليون دولار، صبت بالتأكيد في صالح الأغنياء.
- هذه الاتجاهات تغذي السخط على نطاق واسع وتزعزع استقرار السياسة العامة للبلاد، ففي جميع أنحاء العالم المتقدم، تتعرض الديمقراطيات لضغوط من أجل الحد من عدم المساواة، فقط ليتبين أن العديد من الحلول يتطلب مزيدًا من المال لا يرغب دافعو الضرائب في تقديمه، أو تغيير القوانين والقواعد الضريبية التي لا تجد دعمًا كافيًا، ما يزيد من تعثر السياسيين.
- بعض الأمور تحسنت، في حين أن إجمالي نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة في البلدان الأكثر تضررًا من أزمة 2008، بما في ذلك أمريكا وبريطانيا، فقد استقرت على مدار السنوات الخمس الماضية.
- التخفيضات الضريبية لـ"ترامب" سوف تؤدي إلى دفع نسبة الدين العام في الولايات المتحدة إلى الارتفاع خلال السنوات المقبلة، لكن مع العلم أن نسبة ديون الأسر الأمريكية التي ارتفعت بشكل كبير خلال العقد الأول من هذا القرن، أصبحت الآن أقل بكثير مما كانت عليه في 2008.
- إلى جانب ديون الأسر، انخفض حجم الإقراض الخطير من جانب البنوك، بما في ذلك الرهون العقارية الخطرة، وأصبحت رؤوس أموال المصارف في وضع أفضل، وارتفعت أسعار العقارات والأسهم، لكنها لم تصل حد المبالغة الذي كانت عليه قبل عقد من الزمان.
ثغرات وآليات دفاعية هشة
- في الاقتصادات التي ارتفعت فيها الديون السيادية إلى مستويات قياسية جديدة، كما هو الحال في الصين، والذي أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع إجمالي الديون العالمية، فإن سيطرة الدولة على القطاع المالي تجعل الأمور تبدو أكثر استقرارًا.
- يشير التاريخ إلى أن تراكم الديون على المستوى الذي شهدته الصين يجب أن ينتهي بشكل مؤلم، لكن النظام المالي مغلق نسبيًا، ومعظم الديون مقومة بالعملة المحلية، ولدى الحكومة المركزية وسائلها الخاصة لتجديد شباب القطاع المصرفي دون دفع أعباء الدين العام إلى مستويات مقلقة.
- مع ذلك، فإن الانهيار في بكين سوف ينتقل إلى بقية العالم، ورغم أن البنوك الأوروبية والأمريكية قد تكون أكثر استعدادًا لمواجهة الصدمات، فإن نقص إنتاجية العمالة (تعد المصدر الرئيسي لنمو الدخل في الاقتصادات) بجانب استنزاف طاقات البنوك المركزية ووزارات المالية، يجعل الغرب عرضة للخطر.
- يرى بعض الاقتصاديين أن الاتجاه المقلق للإنتاجية المنخفضة ودخل الأسر بمثابة القشة القاصمة للاقتصادات المتقدمة خلال عشرينيات القرن الجاري، ومع هذا الاتجاه سينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتراوح بين 3% إلى 3.5%، مقارنة بـ4% إلى 4.5% قبل عقد من الزمن.
- ستكون النتيجة تباطؤ نمو الأجور والأرباح، مما يؤدي إلى انخفاض حصيلة الضرائب في الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف خدمة الديون، وهذا يعني أن وزراء المالية سيصبحون أقل إنفاقًا عندما تضرب بلادهم أزمة ما.
- إن انخفاض أسعار الفائدة باستمرار، يمنع المصرفيين المركزيين من خفض تكلفة الائتمان في ظل الانكماش، مما يجعلهم بلا حيلة سوى محاولات الطمأنة الزائفة للجماهير، ورغم أن البنوك المركزية قد تكون قادرة على مواجهة الركود المعتدل عبر تخفيض أسعار الفائدة، لكن من المؤكد أن الانكماش الحاد سيتطلب اللجوء إلى المزيد من التيسير الكمي.
- لم يعد للتيسير الكمي تأثير الصدمة والرعب الذي أحدثه في عام 2008، وبدون هذا الأثر، فإن الدفاعات الاقتصادات في مواجهة أي أزمة جديدة ستكون هاشة للغاية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}