بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016، امتنع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عن التجديد لرئيسة الفيدرالي آنذاك "جانيت يلن"، في خطوة توقعها الجميع تقريباً، على خلفية الهجوم الذي شنه ملياردير العقارات خلال حملته الانتخابية على أول امرأة تقود المركزي الأمريكي.
حينها انطلق الجميع يحاول التكهن بالاسم الذي سيقع عليه الاختيار ليتولى المهمة عقب "يلن". وتم تداول الكثير من الأسماء المرموقة التي تمتلك سيرًا ذاتية قوية جداً. ولكن من بين كل الأسماء المطروحة سلطت الأضواء بشكل كبير على اسم معين باعتباره أكثر الخيارات إثارة لقلق الأسواق. وهذا الشخص كان هو "جون تايلور". ولكن لماذا؟
قلق الأسواق المالية من احتمال إسناد مهمة قيادة الفيدرالي إلى أستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد "جون تايلور" كان بسبب خوفها من احتمال قيامه بتطبيق معادلة رياضية تسمى قاعدة "تايلور" كان قد صممها بنفسه في أوائل التسعينيات لتوجيه أسعار الفائدة. ووفق هذه المعادلة، كان من المفترض أن تكون أسعار الفائدة أعلى ثلاث مرات مما كانت عليه في ذلك الوقت.
أشار حينها العديد من الاقتصاديين وصناع السياسات إلى أن إلزام الفيدرالي بتطبيق هذه المعادلة من شأنه الحد من استقلالية البنك وإضعاف قدرته على المناورة وإلحاق الضرر بالاقتصاد. وهذا بالمناسبة هو نفس المنطق الذي دفع رئيسة الفيدرالي السابقة إلى مهاجمة تشريع ناقشه الكونجرس في عام 2015 كان سيلزم الفيدرالي بتبني صيغة رياضية محددة يقوم على أساسها بتحديد أسعار الفائدة.
نص القاعدة
في عام 1992 وأثناء دراسته في جامعة "كارنيجي ميلون" الأمريكية طرح "جون تايلور" لأول مرة أفكاره حول كيفية استخدام معدلات التضخم والنمو في تحديد أسعار الفائدة. وأوضح في ورقة بحثية نشرها في عام 1993 عن الكيفية التي ينبغي بها تعديل أسعار الفائدة على أساس التضخم والنمو الاقتصادي.
بحسب قاعدة تايلور، يجب على البنك المركزي أن يرفع أسعار الفائدة عندما يكون معدل التضخم أعلى من النسبة المستهدفة أو عندما يكون معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي مرتفعاً للغاية. وهو ما يعني أن أسعار الفائدة يجب أن تعتمد على عاملين اثنين هما الناتج الاقتصادي (الناتج المحلي الإجمالي) ومعدل التضخم ( أو معدل التضخم المتوقع في المستقبل).
ووفقاً لهذه القاعدة، يمكن حساب معدل الفائدة الاسمي من خلال المعادلة التالية:
"فجوة الناتج" هي النسبة المئوية التي تمثل مدى انحراف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عن المستهدف، أي أنها تقيس ما إذا كان الناتج الاقتصادي أعلى أو أدنى الإمكانات الفعلية للاقتصاد.
على أرض الواقع
لنضرب مثالاً. لنفترض أن معدل التضخم يبلغ 2% وفجوة الناتج تساوي صفرا. في هذه الحالة ووفق قاعدة تايلور من المفترض أن يقوم البنك المركزي بضبط سعر الفائدة الاسمية عند 4%. وبما أن معدل التضخم يساوي 2% فإن معدل الفائدة الحقيقي سيبلغ 2% (معدل الفائدة الحقيقي = معدل الفائدة الاسمي ويطرح منه معدل التضخم).
لو افترضنا أن معدل الفائدة ارتفع من 2% إلى 3%، ففي هذه الحالة من المتوقع أن يقوم البنك المركزي برفع معدل الفائدة الاسمي بنسبة أعلى من النسبة التي ارتفع بها معدل التضخم، وهذا ما يسمى "مبدأ تايلور".
تحديداً، إذا ارتفع التضخم إلى 3% فسيرفع المركزي الفائدة الاسمية إلى 5.5%. وبالتبعية سيرتفع معدل الفائدة الحقيقي إلى 2.5%.
رفع معدل الفائدة الاسمية بنسبة أعلى من معدل ارتفاع معدل التضخم المقصود منه هو تهدئة الاقتصاد، وخفض معدل التضخم وإرجاعه إلى النسبة المستهدفة. بنفس الطريقة، تؤدي الفجوة السالبة بالناتج الاقتصادي إلى خفض أسعار الفائدة الاسمية.
أخيراً، يجب أن نشير إلى أن نتائج معادلة تايلور هي مجرد نتائج تقريبية، وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إليها والتي تشمل على سبيل المثال عدم قدرتها على التعامل مع الهزات المفاجئة التي قد يتعرض لها الاقتصاد، إلا أن الكثير من البنوك المركزية حول العالم تلجأ إليها وإن كان بشكل غير رسمي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}