في الثاني من أغسطس/ آب، أصبحت شركة "آبل" أول شركة مدرجة في الولايات المتحدة تبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار، ما يجعلها أكبر شركة في العالم –إلى الآن-، على الأقل من خلال مقياس واحد، بحسب تقرير لموقع "ذا كونفرزشن".
وفي مقال بصحيفة "نيويورك تايمز"، أشير إلى هذا الإنجاز باعتباره يعكس الصعود القوي للشركات العملاقة التي تهيمن على جزء كبير ومتنام من أرباح قطاع الأعمال، كما حذر من أن هذه الظاهرة قد تسهم في ركود الأجور، وتقلص الطبقة المتوسطة، وغياب أكبر لعدم المساواة في الدخل، مما يوحي بأن الهيئات التنظيمية بحاجة إلى كبح جماح وربما تفكيك هذه الكيانات الضخمة.
لكن ما الذي يحدد ما إذا كانت الشركة عملاقة بالتحديد؟ وما الذي يجعلها قوية لدرجة تستدعي التفكيك مثلما حدث مع شركة مثل "ما بيل" في الثمانينيات؟ إذا كانت هناك رغبة في فهم وتنظيم الشركات الكبرى، فمن المهم الوضوح بشأن المعاني المختلفة جدًا لكلمة "كبرى".
كبار الأمس
- عندما أرادت مجلة "فورتشن" لأول مرة إنشاء قائمة لأكبر 500 شركة أمريكية عام 1955، كانت الإيرادات هي الطريقة الواضحة لقياس الحجم، وبالتالي كانت "الشركات الكبرى" هي تلك التي باعت الكثير من المنتجات.
- مع مبيعات سنوية قاربت العشرة مليارات دولار، بفضل حصتها البالغة 54% من سوق السيارات في الولايات المتحدة، تصدرت شركة "جنرال موتورز" قائمة "فورتشن" آنذاك.
- لكن "جنرال موتورز" كانت أيضًا كبيرة وفقًا لمقاييس أخرى، بما في ذلك القيمة السوقية، وتصدرت التصنيف من حيث هذا المؤشر، وجاءت ثانيًا من حيث الأصول بعد "إيه تي آند تي"، وكانت ثاني أكبر شركة من حيث حجم العمالة بنحو 624 ألف عامل.
- في الواقع، بالنسبة لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كانت الشركات الكبرى متوسعة في كل شيء، وكانت القيمة السوقية مرتبطة بشكل هائل بالإيرادات والعمالة والأصول، لكن ليس بعد الآن، فشركات اليوم تحقق ثقلًا من حيث القيمة السوقية مثل "آبل" لكنها تملك القليل من العمالة والأصول الملموسة.
مقارنة بين حجم "آبل" اليوم وبين "جنرال موتورز" عام 1968 |
||
الفئة |
آبل |
جنرال موتورز |
القيمة السوقية (مليار دولار) |
1020.0 |
159.0 |
العمالة (ألف عامل) |
123.0 |
757.2 |
الأصول (مليار دولار) |
375.0 |
99.0 |
حصة الأصول المادية (%) |
9 |
39 |
المبيعات (مليار دولار) |
229 |
160 |
- تم تعديل القيمة السوقية وأصول ومبيعات "جنرال موتورز" لعام 1968 إلى ما يعادلها وفقًا للقيمة الفعلية للدولار في عام 2017.
نظرة على آبل
- لا تمتلك صانعة "آيفون" المصانع التي تجمع جوالاتها، ولا تعتمد بشكل رئيسي على الأصول المادية مثل العقارات والمعدات مقارنة بإجمالي حجم أصولها، ومع توظيفها 123 ألف موظف فقط على مستوى العالم، فإنها ليست حتى ضمن أكبر 50 جهة توظيف في الولايات المتحدة، رغم إدارتها سلسلة من متاجر التجزئة.
- إذن، إلى أي مدى يمكن اعتبار "آبل" شركة كبرى؟ في نظر "نيويورك تايمز" وسوق الأسهم الأمريكي يبدو أنها حقًا تساوي تريليون دولار كقيمة سوقية، وهو المقياس الذي يعكس إجمالي قيمة أسهم الشركة.
- وفقًا لهذا المقياس، لن تكون "آبل" وحدها شركة كبرى، ففي اليوم الذي تجاوزت فيه حاجز التريليون دولار، كانت قيمة "أمازون" 895 مليار دولار، و"ألفابت" 853 مليار دولار، و"فيسبوك" 509 مليارات دولار، لكنها جميعًا مثل صانعة "آيفون" قيمتها السوقية لا تعبر عن المقاييس الأخرى التقليدية.
- في عام 1968 كانت أكبر 5 شركات من حيث القيمة السوقية توظف نحو مليوني عامل، فيما توظف الخمس الكبرى اليوم أقل من نصف هذا العدد، كما هو موضح في الجدول التالي.
مقارنة بين حجم العمالة لدى أكبر خمس شركات في 1968 و2018 |
||
العصر |
اسم الشركة |
عدد العمالة (ألف) |
1968 |
آي بي إم |
242 |
إيه تي آند تي |
679 |
|
جنرال موتورز |
757 |
|
إكسون |
151 |
|
كوداك |
108 |
|
الإجمالي |
1937 |
|
2018 |
آبل |
123 |
أمازون |
566 |
|
ألفابت |
80 |
|
مايكروسوفت |
124 |
|
فيسبوك |
25 |
|
الإجمالي |
918 |
- في عام 2017، كان لدى "فيسبوك" 25 ألف موظف وحققت 41 مليار دولار إيرادات، في المقابل كان يعمل لدى سلسلة متاجر "كروغر" –ثالث أكبر جهة توظيف في الولايات المتحدة- 449 ألف موظف وحققت 123 مليار دولار إيرادات.
- بعبارة أخرى، سوف يستغرق الأمر توظيف نحو 18 مرة حجم العمالة لدى "فيسبوك" وتحقيق 3 مرات إيراداتها لصنع نسخة جديدة من "كروغر" التي يبلغ عمرها 135 عامًا.
- مع ذلك، فإن القيمة السوقية تروي قصة مختلفة تمامًا، ففي الثاني من أغسطس/ آب بلغت القيمة السوقية لـ"فيسبوك" 509 مليارات دولار، مقابل أقل من 24 مليار دولار لـ"كروغر"، أي أن إيجاد نسخة جديدة من شبكة التواصل الاجتماعي يستلزم أكثر من 20 "كروغر".
- اليوم، باتت هناك مشكلة متزايدة مع عدم المساواة وتركز الثروة وأموال الشركات الغامضة التي تشكل السياسات، لكن إذا كانت هناك رغبة في ترويض الشركات العملاقة فلابد من إيضاح معنى أن تكون حقًا "عملاقة"، والتخلي عن فكرة أن القيمة السوقية بالضرورة تخلق المزيد من فرص العمل.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}