لم يخف الرئيس الأمريكي كرهه لارتفاع أسعار النفط، لكن حتى بعد الإفصاح عن ذلك في تغريداته المتعاقبة، فليس بيد الولايات المتحدة الكثير مما يمكن فعله إزاء هذا الأمر، فعلى عكس قادة الخليج العربي لا يستطيع "دونالد ترامب" ببساطة أن يوجه الشركات بضخ المزيد من النفط، لا سيما في ظل عدم قدرة خطوط الأنابيب في بلاده على استيعاب الإمدادات الحالية، بحسب تقرير لـ"سي إن إن موني".
وأكثر ما يمكن لـ"ترامب" فعله هو ضخ المزيد من النفط في الأسواق عبر الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد، الذي يعد أكبر مخزون طوارئ من الخام تملكه أي حكومة في العالم، وهو خيار لجأت إليه الإدارة الأمريكية الصيف الماضي استجابة لتعطل العمل بعدد من المصافي عقب إعصار "هارفي".
وعلى الرغم من تشكيك المحللين في جدوى استغلال احتياطيات النفط الاستراتيجية في الوقت الراهن، فهناك تكهنات متزايدة في سوق النفط بأن "ترامب" سوف يفعل ذلك للتصدي لارتفاع أسعار البنزين قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر/ تشرين الثاني.
يقول "جوزيف مكمونيجل" كبير محللي الطاقة لدى "هيدجيي بوتوماك ريسيرش" للأبحاث: لا شيء يحظى باهتمام أعضاء الكونجرس ورؤساء الأحزاب أكثر من ارتفاع أسعار البنزين.
وانخفضت أسعار النفط بشكل حاد في وقت سابق من يوليو/ تموز بعدما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة تفكر في التعاون مع الدول الغربية الأخرى من أجل استهلاك فوري لبعض المخزونات الاستراتيجية، وهو ما رفضت وزارة الطاقة الأمريكية التعليق عليه.
لكن الأسعار قد ترتفع مرة أخرى إذا استمر تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، لا سيما بعد تغريدة "ترامب" النارية التي حذر فيها الرئيس الإيراني "حسن روحاني" من أن أي تهديدات سيترتب عليها عواقب وخيمة.
خطوة مستبعدة الآن
- الاحتياطي الاستراتيجي هو مجمع من أربعة مواقع على طول خليج المكسيك بها مخازن عميقة تحت الأرض، وتحتوي على 660 مليون برميل من النفط الخام، بهدف الاعتماد عليها في حالات الطوارئ مثل الأعاصير أو أوقات الحرب، ويسمح للرئيس الأمريكي باستخدامها وفقًا لتقديره.
- رغم النزاع مع إيران يستبعد "مكمونيجل" (الذي عمل في وزارة الطاقة مطلع الألفية الجديدة) تحرير أي كمية من مخزونات الطوارئ في وقت قريب، ويقول: إذا كنت تريد فعل ذلك لأسباب سياسية، فسيكون عليك فعل ذلك في أقرب وقت من الانتخابات نفسها.
- استخدم الرؤساء الأمريكيون احتياطي النفط الاستراتيجي لأسباب غير طارئة من قبل، فمثلًا أصدرت إدارة "أوباما" قرارًا باستهلاك 30 مليون برميل في يونيو/ حزيران 2011، وقالت وزارة الطاقة حينها إنها كانت قلقة إزاء تعطل الإمدادات الليبية.
- لكن استخدام الاحتياطيات الآن سيترك للبلاد قليلا من الإمدادات التي يمكنها استخدامها لمعالجة أي حالة طوارئ حقيقية، وبالطبع ستكون الحكومة قادرة دائمًا على إعادة تدعيم مخزوناتها الاستراتيجية مجددًا، لكن هذا يمثل عبئًا ماليًا إضافيًا ويزيد من الطلب في السوق.
ليس حلًا طويل المدى
- أحد التهديدات المحتملة لسوق النفط هو تعطل إمدادات إيران، خامس أكبر منتج في العالم، إذ يمكن للعقوبات الأمريكية الإطاحة بما يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا من معروض البلاد من الخام.
- ساهمت المخاوف بشأن موقف الإدارة الأمريكية الصارم تجاه إيران، في رفع أسعار خام "نايمكس" الأمريكي إلى 75 دولارًا للبرميل في أوائل شهر يوليو/ تموز، لكن منذ ذلك الحين تراجعت إلى 68 دولارًا تقريبًا.
- مع الاتجاه الصعودي الأخير للنفط، ارتفع متوسط سعر البنزين داخل الولايات المتحدة إلى 2.84 دولار للجالون، من 2.28 دولار خلال العام الماضي، لكن من غير المحتمل أن يؤدي استهلاك بعض المخزونات الاستراتيجية إلى خفض الأسعار لفترة طويلة.
- بالفعل تعمل المصافي في الولايات المتحدة بالقرب من طاقتها الإنتاجية، وبعبارة أخرى، فمنشآت التكرير ليس لديها مجال كبير لمعالجة كميات الخام المحتمل ضخها وتحويلها إلى بنزين.
التهديدات الإيرانية خطيرة
- تظهر الأيام الأخيرة كيف تتعارض حملة "ترامب" ضد إيران مع هدفه المتمثل في إبقاء أسعار النفط والبنزين في متناول اليد.
- تعهدت إيران بالرد على أي محاولات من "ترامب" لتقويض صادراتها النفطية عن طريق العقوبات، وحذرت طهران هذا الشهر من أنها ربما تعطل الملاحة بمضيق هرمز، وهو معبر مائي حيوي لمرور صادرات الخام.
- تمر أكثر من ثلث شحنات النفط البحرية في العالم عبر مضيف هرمز، حسب تقديرات الحكومة الأمريكية، وسيكون تهديد تدفقات النفط عبر هذا الممر الحيوي خطوة حاسمة في الخلاف بين واشنطن وطهران، خاصة أن إيران تملك تاريخًا من التعرض للسفن الأمريكية في المنطقة، ومع ذلك فإن الحرب لهذا السبب ليست وشيكة، لكن احتمال وقوع حادث تصعيدي في هذه النقطة آخذ في الازدياد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}