قد يثار إعجاب محبي ألعاب الفيديو، خاصةً أولئك الذين أبهرتهم منتجات "نينتيندو" المفعمة بالحيوية والخيال على مدار عقود، إذا رأوا بأعينهم مقر الشركة المتواضع في كيوتو اليابانية.. هذا المقر الشبيه بالصندوق المجرد من الزخرفة والألوان المبهرة، وعلى عكس المتوقع لا تنتشر به ملصقات للشخصيات التي قادت مغامرات اللاعبين -مثل "ماريو" و"بيكاتشو"- لسنوات.
وبحسب تقرير لـ"بزنس ويك"، كان العام ونصف العام الماضيين، حافلين بالأحداث بالنسبة إلى الشركة؛ إذ عادت من غياهب النسيان، وتسلقت قمة صناعة ألعاب الفيديو العالمية مرة، في مسيرة درامية أكد الرئيس "تاتسومي كيميشيا" أنها تشعر الجميع في "نينتيندو" بالسرور الآن.
طفرة
- في مارس/ آذار 2017، أصدرت الشركة منصتها للألعاب "سويتش"، التي يمكن استخدامها كوحدة ألعاب محمولة أو إيصالها بجهاز تلفزيون، لكن الجمهور كان متشككًا في قدرتها على النجاح.
- جاء ذلك بعد مرور أكثر من عقد من الزمان منذ آخر طرح رئيسي لمنتجات "نينتيندو" حينما أصدرت جهاز الترفيه المنزلي "ووي"؛ حيث رأى بعض المحللين أن الجوالات الذكية باتت تشكل مستقبل ألعاب الفيديو.
- مع ذلك أحب اللاعبون أصالة "سويتش" وتعدد استخداماتها وتصميمها. وكشفت الشركة في أبريل/نيسان الماضي عن بيعها أكثر من 15 مليون وحدة، وما يزيد على 63 مليون لعبة خلال السنة المالية الماضية.
- مع فورة مبيعات الألعاب التي حققتها "نينتيندو"، قفزت إيرادات الشركة أكثر من الضعف مقارنةً بالعام المالي 2016-2017، مسجلة 9.5 مليار دولار، فارتفع السهم بنسبة 81%.
سقوط
- في خريف عام 2012، كانت الشركة في واحدة من فتراتها الهبوطية الدورية القاسية؛ فقد صدر للتو جهاز "وي يو" الذي يعد امتدادًا لسابقه "ووي" ذي السنوات الست في ذلك الوقت. وتميز الجهاز الجديد بوضوح عالٍ للغاية للرسومات، وشاشة تعمل باللمس، لكن الأداء لم يكن على النحو المأمول.
- عندما تم التسويق للجهاز الجديد تحت اسم "ووي يو"، شعر الكثيرون بأنه شبيه تمامًا بـ"ووي"، وأنه مجرد ترقية ثانوية، وليس منصة مبتكرة وفريدة. وتزامن ذلك مع بطء في إصدار الألعاب، وبطبيعة الحال ضعفت المبيعات.
- مع إطلاق "نينتيندو" منصةً مبتكرةً جديدةً مصحوبةً بإصدارات من الألعاب المميزة التي تصبح حديث العناوين الرئيسية وهواة ألعاب الفيديو؛ يعقب ذلك عادةً انفجار في المبيعات وانتعاش لخزائن الشركة، فيزيد الإنفاق على البحث والتطوير من أجل التحضر لدفعة جديدة.
- لكن بعد صدور "ووي يو" تعطلت هذه الدورة على الفور، ودخلت الشركة في ركود امتد أثره لسنوات. وبحلول ربيع عام 2014، أعلنت الشركة عن خسائرها السنوية الثالثة على التوالي، وبدأ البعض يقارنها بشركات مثل "نوكيا" و"بلاك بيري" و"سيجا"، واقترحوا توقفها عن تصميم المنصات، والتركيز فقط على بيع تراخيص لتشغيل ألعابها على منصات منافسة.
مرونة
- قال رئيس الشركة عام 2013 الراحل "ساتورو إيواتا": "فكرة التخلي عن منصات (نينتيندو) كانت لتكون لعنة على ثقافتها؛ فالشركة رغم كل شيء لا تزال تبيع أوراق (هانافودا) التي أصدرتها عام 1889، والمكان الوحيد لتجربة ألعابنا هو أجهزتنا فقط".
- لكن ثقة المستثمرين واصلت الانحدار، فبدأت الشركة تحول المسار بحلول ربيع عام 2015؛ حيث استحوذت على 10% من شركة "DeNA" المتخصصة بألعاب الجوالات الذكية، وبعد أشهر استثمرت مبلغًا لم تكشف عنه في "Niantic" لتطوير الجوالات، وفي غضون ذلك توفي "إيواتا" وتسلم "كيميشيا" مقاليد الأمور.
- في العام التالي، أصدرت "نينتيندو" لعبة "بوكيمون جو" بالتعاون مع "نيانتيك"، وخلال ساعات فقط أحدث الإصدار ضجة عالمية، واستحوذ على اهتمام مستخدمي الجوال حول العالم.
- ثم أصدرت "سوبر ماريو ران"، بالتعاون مع "دينا"، وأتيحت اللعبة لنظامي التشغيل "آي أو إس" و"آندرويد"؛ ما سمح لمئات الملايين من الأشخاص بتنزيلها على حواسيبهم اللوحية والجوالات الذكية.
- أخيرًا نجحت الاستراتيجية. ومع طرح "سويتش" في ربيع عام 2017، جذبت الشركة اهتمام جموع اللاعبين. وعلى مدار السنة المالية الأخيرة، حققت المنصة إيرادات قدرها 6.8 مليار دولار بجانب 1.7 مليار دولار لمنصة "ثري دي إس"، ونمت مبيعات ألعاب الجوالات الذكية بنسبة 62% إلى 354.9 مليون دولار.
تطلع
- تتعاون "نينتيندو" الآن مع شركاء لإنتاج فيلم حول بطلها الرئيسي "ماريو"، كما تعمل على وضع مجسمات لشخصياتها المختلفة في المتنزهات والمزارات السياحية للبلاد، التي سيتم افتتاح أولها في أوساكا قبيل أولمبياد طوكيو 2020.
- في سبتمبر/أيلول القادم، ستبدأ الشركة خدمة عبر الإنترنت لمستخدمي "سويتش"، كما تعكف على إعداد بعض الألعاب الاستثنائية للمنصة. وتتوقع "نينتيندو" بيع ما يزيد على 20 مليون جهاز آخر، و100 مليون لعبة أخرى بحلول أبريل/نيسان المقبل.
- في غضون بضعة أشهر سيضع "كيميشيا" الاستراتيجيات الخاصة بالفترة الانتقالية لرحيله؛ حيث سيعمل على إعداد خليفته بشكل نهائي لتولي منصب رئيس الشركة.
- يقول "كيميشيا": "نحن نفكر في السنة الثانية وما بعدها كمهمة رئيسية. يجب التخطيط لإصدارات الألعاب الخاصة لجذب الجمهور من حول العالم. في 2019 ستكمل الشركة عامها المائة والثلاثين، ورغم أن الجميع يتساءل: كيف هربت (نينتيندو) من الموت؟ وكيف تحافظ على نشاطها من حين لآخر؟ فإن التأرجح لم يكن غريبًا عنها أبدًا".
- مرت الشركة بفترات كثيرة عصيبة، تناول خلالها الإعلام تقارير حول الهلاك الحتمي لـ"نينتيندو"، لكن في أوقات أخرى تحدث عن الازدهار وقوتها التي لا يمكن صدها. وما يبقى ثابتًا في النهاية هو ثقافتها الحصينة التي تحمل في جذورها القدرة غير العادية على إعادة التنظيم، وفقًا لـ"كيميشيا".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}