تشتهر جزيرة "أنغلزي" الواقعة قبالة الساحل الشمالي الغربي لـ"ويلز" بمزارات سياحية وأطلال لمبان تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ، وإذا سارت الأمور على ما يرام خلال الأشهر القليلة المقبلة، فإن الجزيرة سوف تصنع التاريخ مرة أخرى، لكن هذه المرة كشاهد على المرحلة القادمة في إحياء صناعة الطاقة النووية في المملكة المتحدة.
وأعلنت بريطانيا مؤخرًا عن اتفاق إطاري مع شركة "هيتاشي" اليابانية لبناء مفاعلين في الجزيرة، وإذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي خلال العام المقبل، يمكن للمحطة الجديدة بدء توليد الكهرباء بحلول منتصف عام 2020، بحسب تقرير لـ"فايننشال تايمز".
وسيكون المشروع الذي أطلق عليه اسم "ويلفا نيويد" هو المحطة النووية الثانية التي تبنى في بريطانيا منذ عقود، وجنبًا إلى جنب مع "هينكلي بوينت سي" التي يجرى إنشاؤها بتكلفة 20 مليار جنيه إسترليني (26.46 مليار دولار) في سومرست، من قبل شركة "إي دي إف" الفرنسية.
وبذلك ستعزز البلاد قدرتها على إنتاج الكهرباء منخفضة الكربون كما ستساعد على ضمان أمن الطاقة مع خروج المحطات القديمة وتلك التي تعمل بالفحم من الخدمة.
العالم يترقب
- مصير هذه المشاريع سيكون بمثابة اختبار أوسع نطاقًا لقدرة صناعة الطاقة النووية على المنافسة في وقت يشهد تطورات سريعة في قطاع الطاقة بوجه عام.
- كانت صناعة الطاقة النووية مهددة منذ كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011 والتي أحيت المخاوف بشأن السلامة ودفعت العديد من البلدان المتقدمة، لا سيما ألمانيا، إلى التخلص التدريجي من المحطات النووية.
- في الواقع، الخطر الأكبر الذي يواجه الصناعة هو التكاليف المتزايدة، وبالنظر إلى الغاز الرخيص والوفير، بالإضافة إلى انتعاش صناعة الطاقة المتجددة التي تواصل تكاليفها أيضًا الانخفاض، وهو ما يدفع المراقبين للتساؤل حول كيفية منافسة المحطات النووية لمثل هذه الأنماط.
- يقول "بول دورفمان" من معهد الطاقة التابع لكلية لندن الجامعية: لقد شهدنا انخفاضًا جوهريًا في حصة الطاقة النووية من إجمالي الكهرباء المولدة في جميع أنحاء العالم، مضيفًا أن زيادة التكاليف في الوقت الذي تتقدم فيه تكنولوجيا الطاقة المتجددة، هي أسباب رئيسية وراء هذا الخفوت.
- بدأ تشغيل أول محطة نووية للأغراض التجارية في العالم خلال الخمسينيات، وبنهاية عام 2016 كان هناك 449 مفاعلًا قيد العمل قدرة إنتاجهم الإجمالية تبلغ 392 جيجاواط، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- مع تزايد المنافسة مع الغاز وطاقتي الرياح والشمس، انخفضت حصة الطاقة النووية من توليد الكهرباء العالمية إلى 11% من ذروة بلغت 17% خلال منتصف التسعينيات، وتتوقع شركة "بي بي" أن تكون الموارد المتجددة هي مصدر الطاقة الأسرع نموًا بحلول عام 2040.
بريطانيا تخالف الكبار
- المملكة المتحدة هي واحدة من عدد قليل من البلدان المتقدمة التي تخطط لإنشاء المزيد من محطات الطاقة النووي، فيما يأتي معظم الطلب حاليًا من الدول النامية حيث يتزايد البحث عن موارد للطاقة، كما هو الحال في الصين والهند وبعض دول الشرق الأوسط.
- تم تشغيل عشرة مفاعلات عام 2016، نصفها في الصين، حيث تعتبر الحكومة الطاقة النووية مصدرًا للكهرباء منخفضة الكربون، والتي يمكن الاعتماد عليها في ظل تحول اقتصادها بعيدًا عن الفحم.
- يبقى ارتفاع التكاليف هو التحدي الأكبر، وخلص تحليل نشرته جريدة "إنرجي بوليسي" إلى أن مشاريع الطاقة النووية باتت أغلى مما كانت عليه في أوائل الثمانينيات، وازدادت مهلة البناء بمقدار ضعفين خلال الخمسين سنة الماضية، وأوضح أن زيادة التعقيد ومخاطر المشاريع أدى إلى ارتفاع التكاليف المالية.
- مع وجود المملكة المتحدة بين مجموعة الدول الغربية القليلة التي تتمسك بمحطات الطاقة النووية، يراقب العالم ما إذا كان بإمكان هذه الصناعة المنافسة.
- بالنسبة لمشروع "ويلفا نيويد" سوف تنظر الحكومة في تمويله بأموال دافعي الضرائب، لكن مع طموح بالحصول على سعر أقل للكهرباء بمقدار 15 جنيهًا إسترلينيًا (19.86 دولار) للميجاواط/ ساعة مقارنة بمشروع "هينكلي بوينت سي" أي ما يقدر بنحو 77.50 جنيه إسترليني (102.62 دولار)، وهو ما يراه مناصرو الطاقة المتجددة أكثر من المستوى المسجل لمشاريع طاقة الرياح البحرية في سبتمبر/ أيلول الماضي والبالغ 57.50 إسترليني (76.14 دولار).
- رغم ذلك، يشير آخرون إلى أن تكلفة المفاعلات الجديدة تنخفض إذا تم بناء وحدات مشابهة وإذا تم الانتهاء من التصاميم التكنولوجية قبل بدء عملية التشييد، ويؤكد البعض أن الطاقة النووية يمكن أن تلعب دورًا في مزيج الطاقة المستقبلي نظرًا لأنها تشكل مصدرا ذا موثوقية واسعة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}