وُجهت انتقادات شديدة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بسبب جهوده لإحياء صناعة الفحم، واعتبرها مصدرا أرخص للطاقة، وحال نجاح البيت الأبيض في مواجهة الضغوط، فإن الأمر سيكون مكلفا من الناحية المالية وخطرا من الناحية الصحية على حياة الكثيرين حتى على شركات تعدين الفحم التي يسعى "ترامب" لمساعدتها.
منذ قرون، كان الفحم بمثابة معجزة رخيصة التكلفة ونظيفة وآمنة وأعلى كفاءة من الأخشاب في الحصول على الطاقة، كما أن الفحم شكل ملامح الثورة الصناعية وربما ثورة الكهرباء والبخار أيضا، وفي بعض دول العالم، لا يزال الفحم متوافرا بكثرة ليصبح خيار الأجيال القادمة كمصدر للوقود والطاقة لسنوات مقبلة.
وفي أمريكا، رغم أن الفحم أصبح مصدرا قديما للطاقة بفضل ثورة التكسير الهيدروليكي ومنشآت الغاز الطبيعي الأرخص في التكلفة والتشغيل بالتزامن مع تراجع تكاليف توربينات الرياح والألواح الشمسية كمصدرين متجددين للكهرباء، إلا أن الهوس باستخدام الفحم لا يزال مستمرا، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
تكاليف مالية باهظة
- تزيد تكلفة المصادر المتجددة قليلا عن الفحم عند الأخذ في الاعتبار تكلفة طاقة الدعم نظرا لأن الشمس لا تشرق باستمرار ولا تهب الرياح دوما، ولكن مع استمرار الإبداع، تتراجع تكلفة الغاز الصخري والألواح الشمسية وتوربينات الرياح، وبالتالي، ربما يفقد الفحم ميزته الحالية كمصدر رخيص للطاقة.
- طلب وزير الطاقة الأمريكي "ريك بيري" العام الماضي من المفوضية التنظيمية الفيدرالية للطاقة ضرورة شراء بعض المرافق كميات من الطاقة من محطات الفحم والطاقة النووية في محاولة لتأجيل التوسع في صناعة الفحم.
- أفاد "بيري" بأن استمرار شراء الكهرباء من منشآت الفحم والطاقة النووية سيعزز قدرات الشبكة الوطنية ويحول دون حدوث أي انقطاعات، ولكن الوكالة الفيدرالية رفضت طلبه، وهناك أنباء عن أن البيت الأبيض يسعى لتقديم مقترح مماثل.
- أفادت مصادر بأن حجة "بيري" واهية ودون أساس حيث إن مشكلات الوقود تمثل جزءا ضئيلا للغاية في أسباب انقطاع الكهرباء ولطالما اعتبر الفحم مصدرا لبعض الانقطاعات.
- خلال الفترة التي تعرضت لها أمريكا العام الماضي للإعصار "هارفي"، اضطرت منشأتان تعملان بالفحم للتحول إلى الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة لأن ما بحوزتهما من فحم ابتل بمياه الأمطار.
- تشير التوقعات إلى أن دعم منشآت الفحم والطاقة النووية (غير الاقتصادية) سوف تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين أموالا طائلة، على سبيل المثال، ستتكلف "PJM Interconnection" المسؤولة عن مبيعات الجملة للكهرباء في 13 ولاية ما بين 1.7 مليار و11 مليار دولار إضافية سنويا بالنسبة للفحم وما بين 1.4 مليار و22 مليار للطاقة النووية.
- تعد هذه فقط التكاليف المالية المباشرة، فهناك تكاليف أخرى غير مالية لم تؤخذ في الاعتبار مثل التكلفة الاجتماعية للتغيرات المناخية بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان الناتجة عن منشآت الفحم، وهو ما يجعل الأخيرة أعلى تكلفة من المصادر الأخرى من الناحية العملية.
تكاليف أرواح البشر
- أما الكلفة الأخرى التي تعد باهظة إلى حد كبير، فهي مخاطر استخدام الفحم على حياة البشر نظرا لأن حرقه تنجم عنه أمراض في القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
- ذكر أحد الخبراء أن في الصين – التي تتفاوض حاليا على شراء المزيد من الفحم الأمريكي – تراجعت معدلات الأعمار بحوالي ثلاث سنوات بين الأسر التي تستخدم فحما مدعوما في الشتاء للتدفئة.
- تدفع شركات التعدين نفسها التكلفة الأكبر من حيث الأرواح حيث إن العاملين في مناجم الفحم يعانون من أمراض رئوية مزمنة بسبب غبار الرصاص فضلا عن تضرر أعضاء أخرى بأجسامهم مما يسبب الوفيات المبكرة.
- تم تشخيص أكثر من ألفي حالة تليف في الرئة منذ عام 2000 في الولايات المتحدة بين عمال مناجم الفحم.
- تراجعت حالات الإصابة بأمراض رئوية بين عمال شركات تعدين الفحم بشكل حاد بعد تشريع فيدرالي في أمريكا يعزز السيطرة على غبار الرصاص عام 1969، لكن هذه الحالات ارتفعت مجددا من 1% عام 2004 إلى 5% في 2015.
- صرح أحد الأكاديميين بجامعة "فرجينيا الغربية" أن أمراض الجهاز التنفسي أصبحت تصيب بشكل أسرع وأشد وأكثر فتكا في أمريكا حاليا مقارنة بالعشرين عامًا الماضية.
- أكد الأكاديمي على أن هذه الأمراض ترجع بشكل رئيسي إلى تقنيات تعدين جديدة تسبب تراكم المزيد من غبار الرصاص داخل رئات عمال التعدين، مشيرا إلى عدم امتثال الشركات للمعايير البيئية.
- يرى محللون أنه عندما ترتبط حالات وفاة بالعمل في إحدى الصناعات بشكل أكثر من صناعات أخرى، يجب إعلان الطوارئ فورا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}