بعيدًا عن تقرير الوظائف الحكومية الأخير، لم تحمل الأيام القليلة الماضية أخبارًا طيبة للاقتصاد الأمريكي، وبعد 107 أشهر بدأت علامات اختلال التوازن تظهر بشكل واضح، والتي ستنهي موجة النمو في نهاية المطاف بفضل "دونالد ترامب"، بحسب تقرير لـ"ماركت ووتش".
وفي تقرير الحكومة الأمريكية الأخير حول الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، تبين أن أرباح الشركات في تناقص على الرغم من الإصلاحات الضريبية التي ظهرت بلا أي دور في مواجهة هذا التآكل.
وكشفت البيانات أيضًا عن ضعف نمو الإنفاق الاستهلاكي في الربع الأول، علاوة على الأخبار غير الجيدة حول قطاع الإسكان مثل انخفاض المبيعات والزيادة الكبيرة في الأسعار حتى مع ضعف الطلب.
تزامنًا مع ذلك، بدت التذبذبات حاضرة بقوة في سوق الأسهم مدفوعة بالمخاوف حيال الوضع السياسي في إيطاليا والتي تحاول التخلص من عبء ديونها الذي لا يمكن السيطرة عليه، وهو ما ينذر باحتمال اشتعال أزمة مالية كبرى مركزها أوروبا شبيهة بتلك التي اندلعت في آسيا عام 1998.
وللتذكير حتى إن كانت الأزمة القادمة على غرار تلك التي انطلقت من سوق الإسكان في الولايات المتحدة قبل عقد من الزمان، فالرئيس الأمريكي وفريقه لم يظهروا حتى الآن الجدارة الكافية للتعامل مع الموقف بحكمة وتجنب آثاره.
في الحقيقة إذا تم النظر بشيء من العمق إلى تقرير الوظائف الأخير، فإنه عكس توفير الحكومة الأمريكية لعدد من الوظائف أقل مقارنة بـ25 من أصل 48 تقريرًا صدر خلال ولاية حكم "أوباما" الثانية، ومع ذلك، وكما كان متوقعًا تحدث "ترامب" عبر "تويتر" عن أرقام قياسية وقال: فوز كبير لأمريكا في عهدي.
مؤخرًا، قرر "ترامب" خوض دور المحارب التجاري، وفرض رسومًا جمركية على واردات أمريكا من الصلب والألومنيوم، وشملت هذه التعريفات الجميع بما في ذلك حلفاء رئيسيون للولايات المتحدة مثل أوروبا وكندا، وذلك بدعوى حماية الأمن القومى للبلاد.
ويأتي قرار الرئيس الأمريكي متجاهلًا حقيقة أن واردات الولايات المتحدة من الصلب حاليًا أقل بكثير عن مستوياتها المسجلة عام 2014، رغم ارتفاعها خلال العام الأول من حكم "ترامب"، علاوة على نمو صادرات البلاد بنسبة 15% أثناء التسعة أشهر الأولى من 2017.
وبإدراك هذه الحقيقة، فإن حلفاء "ترامب" بدأوا يعربون عن غضبهم، وكان شعور رئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو" بالاستياء الشديد جليًا عندما أشار إلى تحقيق الولايات المتحدة فائضًا في تجارة الصلب مع بلاده، فيما حذر الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" من أن "القومية الاقتصادية" تقود إلى الحرب، والسبب تعريفات على تجارة يبلغ حجمها نحو 20 مليار دولار، أو ما يعادل عُشر من 1% من حجم الاقتصاد الأمريكي.
كانت التجارة دائمًا حديث الاقتصاديين الذين شعروا أنها قد تتسبب في حدوث ركود بعدما تلاشت الآثار الإيجابية للإصلاحات الضريبية، وقال كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس" للتحليلات: إذا تم فرض جميع التعريفات المعلنة بالفعل، فإنها ستمحو 0.2% من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، لكن إذا كان هذا كل ما في الأمر، فلن يتسبب في الكثير من التباطؤ.
مع ذلك إذا عادت الحرب التجارية إلى الساحة العالمية، وفرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية نسبتها 25% على جميع الصادرات الصينية والمكسيكية إلى الولايات المتحدة، كما وعد "ترامب" خلال حملته الانتخابية، فإن الأضرار الاقتصادية ستكون خطيرة، ومع الأخذ في الاعتبار الاحتمال الكبير بانهيار اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، ستبدأ الأسواق المالية في التراجع بشكل حاد، وسيكون الركود أكثر ترجيحًا.
حاليًا ثقة المستهلك في انحدار، وارتفاع عبء الديون مع زيادة معدل الفائدة سيتواصل، علاوة على تآكل النمو الحقيقي للأجور مع تباطؤ نمو الوظائف، والفضل في ذلك يرجع جزئيًا إلى الممارسات التجارية لـ"ترامب".
تنتهي دورة التوسع الاقتصادي عندما يفسد أحد الأساسات التي تقوم عليها، مثلما حدث في الولايات المتحدة خلال أزمة العقارات التجارية عام 1990، وتقييم أسهم التكنولوجيا عام 2000، وفقاعة الإسكان عام 2007.
أما الأساس الفاسد الآن فهو الثقة في ثبات الرجل الذي يتولى مسؤولية البلاد، وهو عنصر رئيسي للتوسع خلال فترة ما بعد 2008، والذي يجدر أن يحظى بتقدير ومتابعة أكثر.
وبالنسبة للسياسة التجارية فهي أحد أعراض المرض، وانخفاض عدد المواليد والإشارات المتعلقة بمبيعات المساكن من آثاره، وفي ظل الدعاية التي يروج لها "ترامب" عن نفسه بمعاونة فريقه، فيعد ذلك علامة على أنه من المحتمل أن يزداد الأمر سوءًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}