بحلول منتصف العمر، يقل عدد الموجات الدماغية للنوم العميق، ويعاني جسم الإنسان من آلام أكبر وتضعف بعض الوظائف التي تدفعه للقيام أثناء الليل (لقضاء الحاجة على سبيل المثال) وفقًا لخبير النوم في جامعة كاليفورنيا بيركلي "ماثيو والكر".
وينام كبار السن أقل، لكن لديهم وقت أكبر من الفئات العمرية الأخرى ليقضوه في محاولة الحصول على قسط من الراحة، وهو ما يفسر السبب وراء تصنيف من هم بين 45 و54 عامًا على أنهم الفئة العمرية الأكثر حرمانًا من النوم، في مسح أجري عام 2013 على آلاف البريطانيين من قبل مجلس النوم في المملكة المتحدة.
ويمكن للنوم الجيد أو السيئ أن يشكل الحياة المهنية للمرء، والأكثر أنه ربما يكون مفتاح النجاح –خاصة في منتصف العمر- ليس الموهبة أو الحظ أو المحسوبية أو القدرة على الحضور- وإنما الحصول على قسط كاف من النوم، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
ويقول أخصائي الأعصاب في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو "يينغ هوي فو" إن أقل من 1% من الناس يمكن اعتبارهم "قليلي النوم" بشكل طبيعي، حيث يحتاجون إلى أقل من ست ساعات من النوم ليلًا.
ويبدو أن هذه المجموعة الصغيرة تتمتع بنجاح مهني لا مثيل له، خاصة في الوظائف الإدارية، حتى أن أحدهم –أكاديمي- يقول إنه طيلة حياته المهنية عمل ثلاث ساعات مبكرًا كل صباح قبل أن يستيقظ الجميع، ما جعله أسطورة في مجال عمله، ولا يزال منتجًا رغم تجاوزه الثمانين من عمره.
ويشتهر الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" برسائله المبكرة التي يبعث بها في الثانية صباحًا، وفي الوقت الحالي هو أحد أشهر أعضاء هذه الفئة قليلة النوم، وتزيد هذه العادة من إعجاب الناس به، حيث يمكنه الدردشة دون تشتت أو انفعال نظرًا للساعات الإضافية في يومه.
في مقابلة سابقة مع "بزنس ويك"، قالت الرئيس التنفيذية السابقة لشركة "ياهو" "ماريسا ماير" والتي كانت من الموظفين الأوائل في "جوجل"، إن محرك البحث الشهير قام في البداية على من يعملون طوال الليل، مضيفة: هل يمكنك العمل 130 ساعة في الأسبوع؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنت شخص استراتيجي في ما يتعلق بالنوم والاستحمام والذهاب إلى الحمام، وربما تكون السيطرة على الرغبة في الأكل ضمن المتطلبات المهنية الأخرى التي تم تقديرها.
الكثير من الناس في الوقت الحاضر ينامون قليلًا مثل "ماير" و"ماكرون"، وتشير تقديرات خبير النوم والأستاذ بكلية هارفارد للطب "تشارلز تشيزلر"، إلى انخفاض متوسط نوم الأمريكيين في ليالي العمل خلال السنوات الخمسين الماضية من ثمانية أعوام ونصف العام إلى سبع سنوات، فيما أفاد أكثر من ثلث البريطانيين في استطلاع مجلس النوم بأنهم ينامون من خمس إلى ست ساعات في الليل.
لكن معظم هؤلاء الناس، بخلاف "ماكرون" و"ماير" ليسوا من "قليلي النوم" الطبيعيين، إنهم بحاجة إلى مزيد من النوم الذي لا يحصلون عليه، ومن المحتمل أن يكون أداؤهم اليومي ضعيفًا، والعواقب الصحية على المدى الطويل ستكون مرعبة.
بالنسبة لبعض الأشخاص فالحصول على قيلولة لعشرين دقيقة مرتين يوميًا ربما يقربهم من أفضل حالاتهم، لكن إن كانوا يعملون في مكاتب تقليدية، حيث تضع القيلولة صاحبها موضع انتقاد، ربما يصعب عليهم المواصلة.
ومن المؤكد أن الإرهاق هو أحد الأسباب وراء بلوغ رواتب خريجي الجامعات الأمريكية من الذكور ذروتها بحلول سن التاسعة والأربعين، ففي المصانع قديمًا عادة ما تنتهي الحياة المهنية للعامل مع انحناء ظهره، واليوم يحدث ذلك ربما عندما يفقد نصيبه العادل من النوم.
ربما ينبغي على أصحاب العمل تجهيز مكاتب موظفيهم بمقاعد طيران من الدرجة الأولى والتي تضمن لهم الاسترخاء الكامل في أوقات القيلولة، ولحسن الحظ هناك المزيد والمزيد من الشركات التي تتبنى مفاهيم النوم في العمل.
وتقول "ماريسا ماير": أتذكر وجود غرف للغفوات في "جوجل"، لأنه كان أكثر أمانًا أن تبقى في المكتب من أن تبحث عن سيارتك وتقودها في الثالثة صباحًا.
ومع ذلك لا تزال القيلولة في العمل مفهوما نادرا بشكل عام، لكن تظهر مقاهي القيلولة في كوريا الجنوبية التي ينتشر بها إدمان العمل، وفي المدينة التي لا تنام، نيويورك، تم افتتاح أول مقهى من هذا النوع في فبراير/ شباط.
وتبلغ تكلفة كبسولة النوم في درجة رجال الأعمال 10 دولارات لمدة 30 دقيقة، وعلى أي حال مع ارتفاع أعمار العمل في كثير من المناطق من المتوقع أن تصبح مقاهي القيلولة هي سلسلة "ستاربكس" الجديدة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}