استضافت جامعة "بكين" خلال مايو/أيار أكبر تجمع عالمي لأعمال التعليم العالي بحضور شخصيات من جامعات مثل "هارفارد" و"أكسفورد" و"كامبريدج" لمناقشة الأمور المتعلقة بالمنظومة، وتبع ذلك برنامج للأحداث الثقافية بالإضافة إلى خطاب ألقاه الرئيس الصيني "شي جين بينج" بمناسبة الذكرى الـ120 لتأسيس الجامعة.
وبدأ سباق الجامعات الصينية عالميا منذ عشرين عاما، ففي مايو/أيار 1998، أعلن الرئيس في ذلك الوقت "جيانج زيمين" مشروعا تحت اسم "985" – يرمز إلى رقم الشهر والعام – بهدف رفع كفاءة المنظومة الجامعية وزيادة تنافسيتها عالميا، وبحسب الأستاذ الجامعي "نيان كاي ليو"، فإنه طرح على نفسه عدة تساؤلات في هذا الصدد.
من أبرز هذه الأسئلة: "ما تعريف الجامعات ذات المعايير العالمية؟ ما هو موقع الجامعات الصينية بين نظيراتها حول العالم؟"، وعندما بدأ وضع معايير للجامعات المحلية، اكتشف اهتماما من الحكومات والجامعات ورجال الأعمال من مختلف دول العالم.
وفي عام 2003، دشن "ليو" أول تصنيف – مؤشر "شنغهاي" – يضم 500 جامعة رائدة عالميا، ولم يتوقع أحد في ذلك الوقت تزايد شعبية هذا التصنيف حول العالم، ونشرت "الإيكونوميست" في تقرير مدى التغير الذي تحدثه مثل هذه التصنيفات لمنظومة التعليم العالي ككل.
تنافسية ونزعة إنسانية
- يميل البشر بوجه عام إلى متابعة التصنيفات لمعرفة تفوق الأشياء على بعضها البعض، وفي تصنيف الجامعات، تظهر النزعة الإنسانية لمعرفة مدى اجتياز جامعة لأخرى واعتبار ذلك بمثابة معيار لجودة التعليم الذي تقدمه.
- تعد التصنيفات العامة مصدرا هاما عن ذكاء المستهلك ومدى ما يقضيه من وقت وما ينفقه من أموال والعديد من المعلومات عن ميوله.
- من هنا ظهرت مؤسسات للتصنيف مثل "يو إس نيوز آند وورلد ريبورت" لتصنيف الجامعات الأمريكية، وتنوعت الهيئات والمنظمات المعنية بتصنيف الجامعات حتى بلغت عشرين من بينها "مؤشر شنغهاي" و"تايمز هاير إديوكيشن" و"كيو إس".
- عندما أُطلق مؤشر "شنغهاي" لتصنيف الجامعات لأول مرة، كان الوعي العالمي يتزايد تجاه منظومة التعليم العالي، وأدركت حكومات أن الجامعات العظمى لم تعد فقط التي تمثل موردا للثقافة والكليات الهامة، ولكنها محركات للرخاء المستقبلي ومُولد لرأس مال بشري وفكري وإبداعي.
- ركزت التصنيفات أيضا على توجهات الحكومات الفكرية خاصة في الدول التي تؤدي بشكل سيئ في التعليم الجامعي، فكل دولة تحتاج لمنظومة تعليم عال متطورة لعدم تخييب آمال مواطنيها وفقدان الفرصة في السباق العالمي.
- كان مصدر الأداء الضعيف في سباق الجامعات الأوروبية في ألمانيا، وهو ما دفع الحكومة عام 2005 لضخ أموال في مؤسسات تعليمية بهدف التنافسية عالميا، وأنفقت منذ ذلك الحين 5.5 مليار دولار.
- من أفضل المبادرات الحكومية الممولة بسخاء لدعم منظومة التعليم الجامعي تلك التي أُطلقت في سنغافورة وفرنسا والصين وكوريا الجنوبية وتايوان.
- يرى محللون أن تنافسية التصنيف بين الجامعات العالمية له عدد من الآثار لمعرفة مدى تدرج السلم الأكاديمي، وفي رسم بياني أدناه، تظهر هيمنة الجامعات الأمريكية على الترتيب العالمي تليها نظيرتها الأوروبية ونهوض صيني وأداء ياباني ضعيف.
- يزيد سباق التصنيفات أيضا من التأكيد على الأبحاث والدراسات العالمية التي تعد وسيلة لتحقيق النجاح الأكاديمي فضلا عن السمعة والشهرة عالميا.
أوقات صعبة
- تمثل طفرة البحث العلمي أنباء سارة للغاية بالنسبة للإنسانية، وعلى ما يبدو، لا تبلي المجالات البحثية في العلوم الاجتماعية والإنسانية بلاء حسنا، واعترف البروفيسور "ليو" بأن العلوم الحيوية والطبيعية تعد أكثر أهمية.
- تفوقت العلوم الطبيعية والكيميائية والتقنية ونظيراتها الأكثر أهمية على الأخرى الإنسانية بفضل تدفق المبادرات المالية السخية عليها.
- يؤثر ذلك بالطبع في تصنيف الجامعات ومنهجيتها نظرا لضعف الأبحاث العلمية في هذه المجالات، وبالتالي الانعكاس سلبا على جودة التعليم.
- ربما لا يهتم الأكاديميون كثيرا بإهدار جهدهم وطاقاتهم على الطلبة والمنهجية ويفضلون الاتجاه إلى الأبحاث العلمية الأهم، ويؤثر ذلك أيضا بشكل سلبي على تصنيف الجامعة وجودتها بشكل عام.
- من بين المخاوف التي تقض مضجع المسؤولين عن التعليم الجامعي هو أن التنافسية في التصنيفات تزيد عدم المساواة الاجتماعية داخل الجامعات حيث إن المبادرات التمويلية تظهر عادة في الجامعات الكبرى والأشهر الأمر الذي يعزز من جودة التعليم وتنافسية الطلبة والباحثين لديها مقارنة بالجامعات الأخرى.
- وفقا لمسح أجري على 120 جامعة عالمية، تلقت 24 جامعة كبرى نصف التمويل الذي رصد للجامعات ككل تقريبا.
تدويل الأفكار
- تسببت تصنيفات الجامعات في زيادة الأبحاث لدرجة أنها أصبحت أكثر تدويلا وعالمية، فعلى سبيل المثال، تم مشاركة 22% من أعمال أبحاث في العلوم والهندسة عالميا خلال 2016 مقارنة بنسبة 16% فقط عام 2003.
- تسهم تصنيفات الجامعات بوجه عام في انتشار هذا التوجه، وربما يكون ذلك السبب وراء زيادة أعداد الحاصلين على درجة الدكتوراه من جامعات أمريكية – ضعف العدد في بريطانيا – حيث إن جامعات واشنطن تهتم كثيرا بمشاركة الباحثين أعمالهم وأفكارهم.
- يعمل باحثون من مختلف الدول على مشكلات عالمية هامة مثل التغيرات المناخية والذكاء الاصطناعي ويلتقون في مؤتمرات ويقضون الكثير من الوقت مع بعضهم البعض في جامعاتهم وينشرون المعرفة حول العالم.
- في الأغلب، تنشر أبحاثهم بالإنجليزية ويتشاركها باحثون وأكاديميون في جامعات عالمية، وبالطبع، يلعب تصنيف الجامعات دورا مهما في ذلك.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}