بعد اتخاذ الرئيس الأمريكي "ترامب" قرار الانسحاب من اتفاق إيران النووي، وحث أمريكا الدول الأوروبية على الخروج من الاتفاقية، تساءل وزير المالية الفرنسي "برونو لو مير" هل نريد أن نكون التابعين، الذين يطيعون القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة؟ وفقاً لتقرير لـ "الإيكونوميست".
ويوضح غضب الأوروبيين مدى قيمة الاتفاق النووي الإيراني لهم، حيث يقلص الاتفاق التهديد الأمني، ويعزز النظام متعدد الأطراف والرابطة عبر الأطلسي، وقد حاولوا احتواء مخاوف "ترامب"، ولكنهم بمعارضتهم الانسحاب لم يجنوا سوى التقليل من شأنهم فقط.
وقد تنتهي الجهود الأوروبية المبذولة حالياً لإثناء الرئيس الأمريكي عن فرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية من الصلب والألومنيوم والمقرر تنفيذها في يونيو/حزيران بنتيجة مشابهة.
والركيزتان الأساسيتان للمنطقة الأوروبية في العالم هما النظام متعدد الأطراف القائم على القواعد والقوانين، والتحالف عبر الأطلسي، ويبدو أن "ترامب" سيخير الأوروبيين بين هذين الخيارين.
صعوبة النزاع
- اتفق القادة الأوروبيون أثناء اجتماعهم الأسبوع الماضي في بلغاريا على محاولة إبقاء الاتفاق النووي كما هو، ولديهم خيارات مضادة للعقوبات الأمريكية مثل لائحة الحجب لحماية الشركات الأوروبية في إيران.
- لكن لا يعرف هل ينجحون أم لا، وتعتبر الأسواق الأمريكية مهمة جداً للشركات الأوروبية، فعلى سبيل المثال يتقارب حجم صادرات ألمانيا إلى كارولينا الشمالية مع صادراتها إلى إيران.
- على الجانب التجاري تعتقد بعض الحكومات الأوروبية أن النزاع الحالي حول الرسوم الجمركية ممكن أن ينقلب إلى محادثات مع "ترامب" حول إلغاء التعريفات الجمركية على السيارات والسلع.
- حاول الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" مع "ترامب"، ولكن تم تجاهله، ولم تجد أيضاً المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" أية فرصة للتقارب، ويعتبر الرئيس الأمريكي الاتحاد الأوروبي متآمرا ضد المصالح الأمريكية وحث على حل الاتحاد.
- يوضح الدبلوماسيون الأوروبيون أن الأطراف القوية هي التي ستحصل على نتائج من "ترامب"، ويقول عضو بمركز بحثي أوروبي "مارك ليونارد" من الممكن أن تكون أمريكا عدواً وشريكاً، وفي حالة تصعيد الأمور فليس من الواضح أن الولايات المتحدة ستفوز.
من يهدد الحلف
- انسحاب أمريكا من الاتفاق الإيراني يجعل الأوروبيين يصطفون مع الصين وروسيا لتقديم البديل في إيران، والحاجة لإبقاء طهران في الاتفاق تعني أنه لا توجد فائدة لها تجعلها تتخلى عن برنامجها النووي أو إنهاء مشكلاتها الإقليمية.
- بعض المشكلات ظهرت بعد دعوة "ترامب" أمريكا أولاً، وكراهيته للتعددية التي لا يخفيها أبداً، وحكومته الآن تحتوي على أصوات أقل معارضة له من الجنرالات الكبار ورجال الأعمال، مثل مستشار الأمن القومي "جون بولتون" الذي حث على تغيير النظام في إيران ويعتقد بأن القواعد للجبناء.
- يبدو أن الأمور لن تتحسن في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، ولا يمكن لوم "ترامب" وحده بالبعد عن الأطلسي، فنهاية الحرب الباردة والتهديدات المتنامية دولياً، تضع الولايات المتحدة في مسار جيوسياسي مختلف.
- ذهب "أوباما" أثناء فترة ولايته بعيداً أيضاً، وكان يؤمن بالتحالفات ويعرف كيف يستهوي الغرور الأوروبي، وتوجه نحو آسيا بشكل كبير، ولا يمكن تخيل أي رئيس لا يريد التحالف حتى من سيخلف "ترامب" ربما لن يسير على نهجه.
خيارات أوروبية محدودة
- قال رئيس المجلس الأوروبي "دونالد تاسك" حان الوقت لأوروبا كي تذهب إلى زاوية خاصة بها، وحفز "ترامب" توافر بعض التعاون الدفاعي اللطيف داخل الاتحاد الأوروبي ويمكن تمكين هذه الدفاعات دون الاستغناء عن الناتو.
- رغم تراجع الإنفاق العسكري في ألمانيا إلا أنها تسلح اقتصادها في مواجهة روسيا وتركيا.
- الحفاظ على الوحدة أمر صعب في أوروبا، فالعديد من دول أوروبا الشرقية مقتنعون بأن عليهم ألا يتوافقوا مع شركائهم في القارة، وخيارات أوروبا أمام "ترامب" محدودة بسبب الاعتمادية والتقسيمات، وإذا أسقطت أمريكا النظام الدولي الحالي، فإن أوروبا تفتقر إلى القوة كي تدعمه وحدها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}