نبض أرقام
07:12 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

التاريخ يفسر الحاضر...فهم الممارسات التجارية للصينيين يكمن في علم النفس

2018/05/15 أرقام

لا تزال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تلقي بظلالها على الأسواق العالمية حيث أطلق الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" شرارة هذا النزاع عندما هدد بفرض رسوم بعشرات المليارات من الدولارات على واردات بلاده من منتجات صينية نتيجة ممارسات بكين غير العادلة وانتهاكها لحقوق الملكية الفكرية.
 

وردت الصين هي الأخرى بالتهديد بفرض رسوم مماثلة على وارداتها من منتجات أمريكية، وتناولت "بي بي سي" من منظور تاريخي كيفية تعامل بكين وواشنطن من الناحية التجارية من أجل فهم الأمور بشكل أفضل.

 

 

قيود من الماضي
 

- منذ عام 1783، انتهت الثورة الأمريكية وحررت الولايات المتحدة تجارتها من الهيمنة البريطانية، وحاول المواطنون وقتها صنع ثروات في السوق الصين.

 

- ترددت الصين لفترة في فتح أبوابها أمام التجارة الخارجية وفضلت الاعتماد والاكتفاء بنفسها، وهو ما دفعها لفرض قيود مثل قبول الفضة فقط كوسيلة للدفع وتحديد الأنشطة التجارية مع الغرب في مدينة "جوانجتشو" قرب هونج كونج وأطلق عليها اسم منطقة "الثلاثين مصنعا".

 

- واجه التجار الأمريكيون مشكلة في التعرف على المنتجات التي تريد الصين شراءها، ولكن تركز معظمها على الفراء والجينسينج، ولكن على الجانب الآخر، كان تجار بكين يجنون المزيد من الأموال من بيع منتجات للأمريكيين.

 

- من هنا، بدأت الصين تسرع الخطى في تثبيت أقدامها في الأسواق العالمية حتى أصبحت الآن ثاني أكبر اقتصاد وأكبر دولة تجارية في العالم، وتصدر بكين منتجات تفوق أي صادرات دولة أخرى، ولكنها تحتل المرتبة الثانية بعد أمريكا في الواردات.

 

- لا تزال رغبة الصين في الاعتماد على مواردها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كل شيء قوية للغاية، وهو ما يمكن أن يفسر سبب فرضها رسوما جمركية مرتفعة على منتجات أجنبية وتقييد دخول الشركات الغربية لأسواقها.

 

- تحاول بكين أيضا معرفة كيفية صناعة جميع المنتجات من أجل تقليل الاعتماد على استيرادها كما تجبر الشركات الأجنبية على نقل تكنولوجيا صناعاتها للسوق المحلي وتغض البصر عن حقوق الملكية الفكرية في الكثير من الأحيان.

 

 

التاريخ يفسر الحاضر
 

- لا يزال في أذهان الصينيين تلك الفترة التي اضطرت فيها بكين لفتح أبوابها التجارية أمام الغرب، ففي القرن التاسع عشر، استخدمت دول أوروبية القوة العسكرية لدخول السوق الصيني وجني مكاسب من ورائها حتى إن الأمريكيين والبريطانيين هربوا مخدرات إلى شعبها فيما عرف بـ"حرب الأفيون".

 

- أجبرت اليابان هي الأخرى بكين على توقيع معاهدات غير عادلة أتاحت للأجانب تأسيس قواعد اقتصادية في الصين كما أن الأخيرة مرت بعقود من الأزمات الاقتصادية بسبب الشيوعية.

 

- لا عجب من هذه الأحداث التاريخية أن يعتبر الصينيون التجارة بمثابة لعبة غير عادلة، فهم يرون أن من حقهم تحقيق فائض تجاري ضخم من الولايات المتحدة.

 

- يظن الصينيون أيضا أن التجارة الذكية هي التي يتمخض عنها أفضل النتائج والصفقات، وهو أمر ربما يبدو جليا لمن زار الصين وتعامل في أسواقها، ففي سوق الحرير على سبيل المثال، لا تعلق لافتات للأسعار، بل يتم التفاوض عليها للفوز بأفضل صفقة.

 

- يتظاهر البائعون بأنهم مستاءون من السعر الذي حصلوا عليه، ولكن في الحقيقة، حصلوا على أفضل سعر ربما أكثر مما تخيلوا، فهم لا يبيعون مطلقا بالخسارة.

 

- أوضح محللون أن علم النفس يلعب دورا هاما من أجل فهم سيكولوجية واستراتيجية الصينيين في البيع والشراء والتفاوض التجاري لا سيما أن الابتسامة لا تفارق وجوههم في المعاملات كوسيلة للخداع للحصول على أعلى سعر ممكن.

 

- تحتاج الصين تذكير الولايات المتحدة بأن الشركات الأمريكية جنت الكثير من الأرباح بفضل تصنيع منتجاتها في بكين بأقل التكاليف فضلا عن شراء منتجات ثقيلة كالكثير من طائرات "بوينج"، وتستورد أمريكا الكثير من المنتجات الصينية بأسعار أرخص من الدول الأخرى.

 

- أما أمريكا، فهي بحاجة لتذكير الصين بالفوائد الجمة التي حصلت عليها من رسوم جمركية قليلة على وارداتها من بكين وضرورة التعامل كشريك تجاري عادل.

 

 

مخاوف سياسية في الأذهان
 

- مع احتدام النزاع التجاري بين الطرفين، انتشر مقال على تطبيق "ويشات"– "فيسبوك" الصين – وجه من خلاله اتهامات لـ"ترامب" والولايات المتحدة بأنهما يتصرفان بدافع الخوف من تنامي قوة الصين.

 

- تحدث المقال عن تنامي القدرات الصينية في صناعة كل شيء تقريبا من التكنولوجيا والخدمات إلى الصناعات الثقيلة كما اتهم الولايات المتحدة بأنها تريد تكرار "حرب الأفيون".

 

 

- في أذهان الصينيين أيضا أن أمريكا والغرب بوجه عام يريدون إثارة القلاقل في بلادهم وتفكيكها وتحويلها إلى دويلات صغيرة على غرار الاتحاد السوفيتي لإضعافها.

 

- ربما يستغرق الأمر الكثير من الوقت حتى اقتناع أمريكا والصين بضرورة العمل على التوصل إلى اتفاق وممارسات تجارية عادلة والثقة في بعضهما البعض.

 

- يبدو أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يعلم جيدا كيفية التفاوض مع الصينيين، فحينما اقترح فرض رسوم بقيمة 100 مليار دولار على واردات واشنطن من بكين، أكد على تقديره لنظيره الصيني "شي جينبينج" مهما حدث.

 

- أعطى ذلك انطباعا بأن الأمور يمكن أن تتحسن بالتفاوض دون توتر وأن الطرفين لا يريدان حربا تجارية، كما أن "جينبينج" صرح بأن بلاده تقبل على مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.