نبض أرقام
06:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

كيف نهضت "كيجالي" من رماد الحرب الأهلية لتصبح "الأنظف في أفريقيا"؟

2018/04/06 أرقام - خاص

تصدرت رواندا نشرات الأخبار العالمية قبل قرابة 20 عامًا بأخبار حول الإبادة الجماعية والحروب الأهلية، حتى أن التقديرات اشارت إلى أن 800 ألف رواندي قتلوا خلال 100 يوم فحسب عام 1994 في مواجهات قبيلتي التوتسي والهوتو.

 

وعادت رواندا مجددًا إلى واجهة الأحداث مؤخرًا، ولكن بشكل مغاير تمامًا، بأن أصبحت الوجهة السياحية الأولى في وسط أفريقيا، وتبوأت العاصمة كيجالي مكانة متميزة بوصفها "أنظف مدينة في أفريقيا".

 

 

كيف حدث التحول الجذري؟

 

بدأت رواندا بعمل برامج كثيرة من أجل توفير أهم شيء للسائح: الأمن، حتى أن التقارير تشير إلى أن 99% من السائحين الزائرين للبلاد يشيرون إلى أنهم يتمون زيارتهم لها دون أن يتعرضوا حتى لـ"المضايقة" وليس لحادث ذي طابع أمني.

 

وعلى الرغم من أن رواندا دولة صغيرة، ولا تشتهر بشيء يميزها عن الدول المحيطة، باستثناء حيوانات الغوريلا لديها، إلا أن معدل السائحين الوافدين زاد بنسبة تربو على الـ30% خلال العامين الأخيرين فحسب، وبلغت إيراداتها أكثر من 400 مليون دولار في عام 2016.

 

وبجانب الحرص الشديد على الأمن فإن تخفيض مقابل تأشيرة الدخول (الفيزا) إلى 30 دولارا فحسب (بدلًا من 100 دولار قبل ذلك) فضلا عن السماح لأغلبية السائحين بالحصول عليها من المطار ساهم كثيرًا في زيادة تدفق السياح.

 

كما اهتمت الحكومة الرواندية بزيادة عدد الفنادق في البلاد حتى أن التقارير السياحية تشير إلى أن السعة الفندقية للعاصمة وحدها نمت بما يزيد على 1000% خلال الأعوام العشرة الأخيرة.

 

تحسن رغم الانفجار السكاني

 

وعلى الرغم من أهمية العوامل السابقة، غير أن ما ساهم كثيرًا في زيادة السياحة الوافدة للدولة الإفريقية الصغيرة هو حرصها الشديد على النظافة في مدنها المختلفة، ولا سيما العاصمة والمدن السياحية الرئيسية، بما أكسبها سمعة مميزة.

 

 

ولم يتعد عدد سكان العاصمة كيجالي لدى استقلال روندا عام 1962 أكثر من 6 آلاف نسمة، وزاد هذا التعداد كثيرًا، حتى وصل إلى 1.2 مليون شخص عام 2016، وعلى الرغم من هذا "الانفجار السكاني" المضطرد إلا أن العاصمة نجحت في الحفاظ على مظهرها الحضاري بل وتحسينه.

 

وتنفق العاصمة كيجالي قرابة المليون دولار سنويًا، للاعتناء بنظافة 11 طريقًا رئيسيًا فقط، بينما يقع عائق الإنفاق على نظافة بقية الطرق في العاصمة على مقاطعاتها الثلاث، والتي تنفق ملايين الدولارات لشركات النظافة لضمان الاعتناء بالطرق.

 

وتعمل شركات النظافة في العاصمة على مدار الساعة، ففي الصباح ينتشر عمال النظافة لجمع والتقاط أوراق الشجر والقمامة، أما ليلًا فتنتشر السيارات التي تقوم بغسل الشوارع بالمياه وجمع القمامة من الصناديق المخصصة لذلك.

 

وأقرت الحكومة الرواندية غرامات كبيرة نسبيًا (تصل إلى 150 دولارا) كعقوبة لإلقاء القمامة في شوارعها، وأعطت الشرطة بما فيها شرطة المرور سلطة ضبط من يلقي القمامة، وفي حال تكرار تلك المخالفة تزداد قيمتها بشكل مطرد.

 

وتزداد الغرامات بشكل لافت إذا قام شخص بقطع شجرة أو إلحاق الضرر بأحد الطرق، حيث يكون عليه أن يصلح ما أفسده، مع دفعه غرامة بين ألف دولار إلى ألفي دولار.

 

جيل جديد "نظيف"

 

كما يحصل التلاميذ في رواندا منذ أكثر من 10 سنوات على دروس في مادة "البيئة" وبها قسم كبير حول ضرورة الحفاظ على النظافة سواء  شخصية كانت أو عامة.

 

وبدأت كيجالي في حصد نتيجة تلك الدروس لطلابها، حيث إن 60% من سكان المدينة هم من الشباب والطلاب، لذا فإن "الثقافة" المرتبطة بالنظافة في المدينة أصبحت قوية، حتى أن كثيرين منهم يبادرون بالإبلاغ طواعية عن أي شخص يقوم بإلقاء القمامة.

 

 

وأقرت المدينة سياسة "أومجاندا" أو (هيا بنا سويًا لنحقق هدفنا المشترك) المعتمدة على قيام سكان المدينة كلهم بعمل تطوعي بأن ينزلوا إلى شوارع المدينة في آخر سبت من كل شهر كي يشاركوا في تنظيفها سويًا، وبلا مقابل، حتى أن بعض السياح يشاركون في حملات النظافة تلك.

 

كما وضعت المدينة قواعد صارمة في مجال استقبال المواد المصنعة، وأبرزها رفض أية مواد بلاستيكية غير قابلة للتحلل الكامل، فضلًا عن الاعتماد على المواد الصديقة للبيئة في التغلفة والتعليب.

 

وتقول صحيفة "جارديان" إن سكان كيجالي يشعرون بالفخر لأن مدينتهم أنظف من نيويورك ولندن، وإنه كثيرًا ما يتم تصنيفها ضمن الأنظف في العالم بعد مدن مثل وارسو وستكهولوم وسنغافورة.

 

وعلى الرغم من الصورة البراقة للمدينة إلا أن تقارير حقوقية تقول إن ثمن ذلك لم يكن هينًا، من خلال الإشارة إلى الحملات التي تشنها الشرطة على المناطق الفقيرة لضبط المتسولين والمشردين، وتتسم تلك الحملات بالقسوة الشديدة لرغبة الحكومة في إبقاء شكل الشوارع لائقًا ونظيفا.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.