على مدار قرون، أرهق عمال ومسؤولو المناجم أنفسهم في البحث عن معادن غريبة وثمينة في نفس الوقت، لكن الأمر تحول في الكثير من الأحيان إلى شوائب لا قيمة لها وربما ضارة، ومن بين تلك المعادن "الكوبالت" الذي كان غير مألوف للبعض وغير معروف المجالات التي يمكن استخدامه فيها.
وفي الآونة الأخيرة، زاد الطلب على الكوبالت مع ثورة السيارات الكهربائية وإقبال الكثير من الشركات في هذه الصناعة على تطوير مركبات صديقة للبيئة تزامنا مع قيود حكومية لمكافحة التغيرات المناخية الناتجة عن الوقود الأحفوري.
ووفقا لتقرير نشرته "الإيكونوميست"، تستخدم شركات صناعة السيارات عشرة كيلوجرامات من الكوبالت في كل مركبة كهربائية، ولم يعد مصدر هذا المعدن بشكل رئيسي في ألمانيا، بل أصبح في الصين، فماذا لو حاصرت بكين سوق "الكوبالت"؟
تعدين الكوبالت
- من المعروف أن أكثر من نصف احتياطيات وإنتاج الكوبالت في العالم يوجد في "الكونغو الديمقراطية" – وهي دولة إفريقية تعاني من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
- ما لا يعرفه كثيرون أن أربعة أخماس "كبريتات وأكاسيد الكوبالت" – التي تستخدم في صناعة أقطاب الكاثود في بطاريات أيونات الليثيوم – يتم تكريرها في الصين، بينما يتم معالجة الـ20% المتبقية في فنلندا، وتمتلك شركة "Molybdenum" الصينية غالبية إنتاج المعدن في الكونغو.
- في الرابع عشر من مارس/آذار، أثيرت مخاوف بشأن استحواذ بكين على الكثير من إنتاج الكوبالت في الكونغو عندما صرحت شركة "GEM" الصينية لصناعة البطاريات أنها ستستحوذ على ثلث الكوبالت الذي يتم شحنه بواسطة "جلينكور" في الفترة بين عامي 2018 و2020، أي ما يعادل نصف الإنتاج العالمي عام 2017 الذي بلغ 110 آلاف طن.
- تسبب ذلك في ارتفاع أسعار الكوبالت من متوسط 26.5 ألف دولار للطن عام 2016 إلى أكثر من 90 ألف دولار للطن في العام الماضي.
- قال أحد المحللين إن ما أعلنته شركات صينية سيمثل صفعة قوية للعديد من شركات صناعة السيارات حيث إن شركات إنتاج المركبات الكهربائية في بكين ستستولى على غالبية المعدن لاستخدامه في صناعة البطاريات لتتنافس الدول الأخرى على القلة المتبقية من إنتاجه.
- أعرب البعض عن شكوكهم في أن شركات الصين تحاول فرض حصار أو التلاعب في سوق الكوبالت لأغراض المضاربة والاحتكار لكنها تحاول فقط تنفيذ خططها الطموحة في إنتاج السيارات الكهربائية.
- أما المتشائمون، فيرون أن استحواذ شركة "جيم" و"مولي" على إنتاج الكوبالت في الكونغو يمكن أن يتسبب في تعطيش السوق عن طريق نقل 95% منه إلى الصين والتحكم في الأسعار.
مخاوف عالمية
- أعربت العديد من شركات التكنولوجيا في اليابان وكوريا الجنوبية عن مخاوفها من استحواذ الصين على النصيب الأكبر من كبريتات الكوبالت، ولا تزال طوكيو في أذهانها القيود التي فرضتها الصين على صادراتها من المعادن النادرة لشركات يابانية عام 2010 حيث إن بكين تنتج 85% من تلك المعادن.
- يتوقع بعض المحللين القليل من القيود في سوق الكوبالت بفضل زيادة محتملة في إنتاج الكونغو من هذا المعدن خلال السنوات القليلة المقبلة، ولكن في نفس الوقت، يمكن أن تقل الاستثمارات لأن الشركات تهتم أكثر باستخراج النحاس والنيكل بجانب تعدين الكوبالت وليس وحده.
- ربما يتسبب الطلب القوي من شركات صناعة السيارات الكهربائية والجوال والمحركات النفاثة على الكوبالت في قفزة سعره ليصل إلى 107 آلاف دولار للطن بحلول 2026 – بحسب التوقعات.
- على أثر انتعاش الأسعار، ستضطر شركات التعدين للبحث عن موارد جديدة للكوبالت، وهو ما تسعى إليه بعض الشركات غير الصينية التي تحاول تأمين احتياجاتها من المعدن على مدار السنوات المقبلة.
- تلجأ بعض الشركات – نتيجة ارتفاع أسعار الكوبالت – إلى زيادة محتوى النيكل في صناعة أقطاب الكاثود في بطاريات أيونات الليثيوم، وتطلق عليها اسم أقطاب "كوبالت لايت".
- يتيح هذا الأمر زيادة تشغيل البطاريات بشحنة واحدة لفترات أطول، لكنه يزيد احتمالات انفجار أو اشتعال البطارية، وبالتالي، لا يمكن التعويل على النيكل وحده كبديل للكوبالت رغم أن الأول هبط سعره من 29 ألف دولار للطن عام 2011 إلى أقل من عشرة آلاف دولار للطن عام 2017.
- تشير التوقعات إلى ارتفاع الطلب على النيكل إلى ستة عشر ضعفا ليصل إلى 550 ألف طن بحلول عام 2025.
- من الناحية النظرية، فإن أفضل طريقة لتأمين إمدادات كافية من النيكل والكوبالت هو دفع أسعاره نحو الارتفاع كي يكون الأمر مربحا لشركات التعدين لإنتاج واستخراج المزيد من المعدنين، لكن في نفس الوقت سيزيد ذلك من أسعار البطاريات وبالتبعية السيارات الكهربائية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}