نبض أرقام
01:38 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/27
2024/11/26

هل يقودنا الاقتصاد للحرب العالمية الثالثة؟

2018/03/24 أرقام - خاص

كثيرًا ما يتم تناول تأثيرات الاقتصاد العميقة على السلوك السياسي للدول، وتحديدًا اتجاهها لخوض الصراعات المسلحة والحروب، خاصة في ظل ما تثبته الوقائع من أن غالبية الحروب –على الأقل في العصر الحديث- بدأت لأسباب اقتصادية.
 

وعلى سبيل المثال يرى غالبية الخبراء أن ألمانيا النازية لم تكن ترغب واقعيًا في إثبات تفوق الجنس الآري الذي رفعته شعارًا لغزوها أوروبا، ولكن في فتح الأسواق المغلقة في وجه منتجاتها في ظل سيطرة القوى الاستعمارية حينها على المستعمرات التي تسوق فيها منتجاتها.



 

وحملات بريطانيا وفرنسا والبرتغال كانت أيضًا بهدف السيطرة على موارد الدول المحتلة، بل إن الحروب الصليبية رغم شعارها الديني كان لها بعد اقتصادي بالرغبة في السيطرة على "كنوز الشرق الغني".
 

مقدمات تمرد

 

وتتعدد الأمثلة التاريخية في هذا المجال، غير أن السؤال الأهم يبقى: هل تقودنا حالة الاقتصاد العالمي الحالية إلى حرب عالمية ثالثة؟
 

ومع ما يعانيه الدولار من ضعف بدأت مقدمات "تمرد اقتصادي" من جانب روسيا والصين، ولعل أول أشكال هذا التمرد هو قرار روسيا في يناير/كانون الثاني بطرح ما قيمته مليار دولار  من السندات الحكومية، غير أنها طرحتها باليوان الصيني.
 

وعلى الرغم من أن هذا المبلغ يعد ضئيلًا للغاية مقارنة بحجم السندات الحكومية المصدرة من روسيا وغيرها بالدولار الأمريكي، غير أنه يعكس توجهًا حكوميًا روسيًا للاستثمار في ضعف الدولار على حساب تقوية عملة منافس واشنطن الرئيسي: الصين.
 

أما الصين فقد أقرت سياسة جديدة من خلال إبرام تعاقداتها النفطية باستخدام اليوان الصيني بدلًا من الدولار وأبرمت أول تعاقداتها على هذا الأساس بالفعل، في خطوة أخرى للاستثمار في تراجع الدولار.
 

ويلاحظ أن التحرك الروسي –الصيني يأتي كرد فعل على الاستراتيجية الأمريكية، التي تصفها صحيفة "إندبندنت" أنها بمثابة محاولة مستمرة لاحتواء الصين اقتصاديًا، حيث إن التحركات الأمريكية الجيوسياسية تشير إلى ذلك.
 

وأبرز تلك التحركات محاولة انتشار واشنطن في كافة المناطق التي تحتوي على موارد خام مهمة لآلة الاقتصاد الصينية، حتى إن كثيرين يرجعون بداية تلك الاستراتيجية إلى حرب العراق (2003)، التي كانت بداية تطبيق تلك الاستراتيجية على أرض الواقع.

 

الصين ترفع راية التحدي
 

ولا شك أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تزد الوضع الاقتصادي العالمي إلا تأزمًا بانسحابها من اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلنطي، حيث رأتها الصين بمثابة محاولة أمريكية جديدة لتقويض نموها الاقتصادي المضطرد.



 

ولعل ذلك هو ما دفع مسؤول صيني للتصريح لشبكة بلومبرج بأن على الولايات المتحدة ألا تنسى دائمًا أن بكين هي أكبر دائن لواشنطن، بامتلاكها للحصة الأكبر من سندات الخزانة الأمريكية، بل وقال المسؤول الصيني إن تلك السندات أصبحت "أقل جاذبية" للصين.
 

والأزمة هنا أن الولايات المتحدة تسعى لحصار الصين اقتصاديا، في الوقت الذي تدرك في الأخيرة أنها مضطرة للعمل على منافسة الولايات المتحدة في النفقات العسكرية بحيث تستطيع أن تتغلب على التفوق الأمريكي العسكري.
 

ولعل هذا هو ما دفع الصين لزيادة نفقاتها العسكرية إلى 146 مليار دولار عام 2016، بزيادة 11% عن العام السابق، بما يوحي بأن الصين تدرك أن عليها زيادة نفقاتها العسكرية لمواجهة التفوق الأمريكي في هذا المجال.
 

واللافت أن الزيادة العسكرية الصينية تركزت وفقًا للتقارير على تطوير سلاحي البحرية والجو، وهما سلاحان هامان للغاية أولًا لمواجهة التفوق الأمريكي فيهما، وثانيًا لأنهما الأداة الرئيسية لحماية أسطول بكين التجاري البحري الذي يعد الأكبر في العالم.

 

ليست الصين وحدها

 

ولا تقتصر الأزمة الاقتصادية العالمية على الولايات المتحدة والصين، حيث إن التعريفات التي أقرتها الولايات المتحدة مؤخرًا على الصلب والألمنيوم من شأنها أن تثير غضب دول أخرى خلافًا للصين.
 

كما أن توجه الولايات المتحدة نحو المزيد من السياسات الانعزالية اقتصاديًا وسياسيًا، من شأنه أن يثير حفيظة المزيد من الدول ويؤثر على علاقات واشنطن الاقتصادية مع بقية دول العالم، بل وقد يضعف موقف الأخيرة الاقتصادي المتفوق "نسبيًا".
 

في الوقت الذي ترى فيه اليابان ودول جنوب شرق آسيا أن عليها الاقتراب أكثر وأكثر من بكين اقتصاديًا، ولو على حساب علاقاتها مع واشنطن في ظل "عدم وضوح الرؤية" للسياسات الاقتصادية الأمريكية في المرحلة المقبلة.
 

وترى صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن سياسات الولايات المتحدة الأخيرة من شأنها أن تدعم موقف الصين أكثر وأكثر في الاقتصاد العالمي، ودللت على ذلك بتقرير في فبراير/شباط تحت عنوان "الصين تستعد لملء الفراغ الذي ستخلفه الولايات المتحدة".
 

وأكدت الصحيفة في تقريرها أن الصين أدركت أن الاستمرار في سياسة "الباب المفتوح" التي تتبعها منذ سبعينيات القرن الماضي، من شأنها دعم موقعها الاقتصادي عالميًا، لأنه من المنطقي إذا كان باب القوة الاقتصادية الأولى مغلقًا في وجه كثيرين فإنهم سيبحثون عن القوة الاقتصادية الثانية .



 

وتبرز الأزمة الحقيقية في أن الولايات المتحدة تفقد موقعها تدريجيًا كقوة اقتصادية عظمى منفردة، وتواجه الأمر بـ"أسلوب غريب" تحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كما ترى شبكة "سي. إن.بي.سي".
 

غير أن أمريكا لا تزال تتمتع بتفوق عسكري كبير، وهو ما يثير التساؤل حول رد فعلها عندما تجد لها "شركاء" في إدارة العالم اقتصاديًا، وهل ستستخدم حينها تفوقها العسكري، أم أن حالة من التوازن العسكري ستحول دون ذلك وقتها.
 

وبعيدًا عن طبيعة الحرب العالمية الثالثة (المحتملة) ونطاقها وضحاياها، إلا أنها تثير المخاوف من تحقق ما تنبأ به "ألبرت إينشتين" بعد الحرب العالمية الثانية بقوله "لا أعلم كيف ستحدث الحرب العالمية الثالثة، ولكن الحرب العالمية السادسة ستحدث باستخدام العصي والحجارة".

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.