في الثامن من مارس/آذار الجاري، وقع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على قرار فرض رسوم بنسبة 25% على واردات الولايات المتحدة من الصلب وبنسبة 10% على واردات الألمنيوم لتدخل هذه التعريفات الجديدة حيز التنفيذ في غضون أسبوعين تاليين.
من غير الواضح بعد أي الدول سيتم استهدافها بهذه الرسوم رغم تلميحات البيت الأبيض بإمكانية إعفاء كندا والمكسيك حال إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة في أمريكا الشمالية "نافتا"، ولكن "الإيكونوميست" تساءلت في تقرير عن مدى أهمية هذه الاتفاقيات، وهل هي مفيدة للاقتصادات أم لا؟
ترى إدارة "ترامب" أن إقرار هذه الرسوم سيحسن الاقتصاد الأمريكي ويزيد الوظائف لقطاعي الصلب والألمنيوم اللذين تضررا من المنافسة الأجنبية، ويعرف ذلك بالإجراءات الحمائية.
التجارة الحرة
- تأسست "الإيكونوميست" كصحيفة عام 1843 في بريطانيا لشن حملة ضد زيادة الرسوم الجمركية على واردات في ذلك الوقت والدفاع عن مبادئ التجارة الحرة، وكانت تلك الرسوم تستهدف حينها واردات الذرة وقيود على واردات الحبوب الأخرى.
- كان منتجو الحبوب البريطانيون متضررين من واردات أجنبية رخيصة، ونجحت قوانين الرسوم وقتها في مواجهة تلك الواردات، وارتفعت أرباح المزارعين وملاك الأراضي.
- لكن في المقابل، ارتفعت أسعار الخبز وزاد معدل انتشار الجوع في البلاد، وهو ما رآه خبراء اقتصاديون صفعة للاقتصاد البريطاني، ومع تآكل ميزانيات الأسر في البلاد بسبب ارتفاع أسعار الخبز، انتقلت الأضرار إلى صناعات أخرى وعانى الاقتصاد بوجه عام.
- تشبه الرسوم التي أقرها "ترامب" تلك الأزمة، فمن المحتمل أن تفيد التعريفة الجمركية صناعتي الصلب والألمنيوم، ولكن ارتفاع أسعارهما في أمريكا سيضرهما وتنتقل هذه الأضرار إلى صناعات أخرى.
- تحدث الاقتصادي الأسكتلندي "آدام سميث" عن هذا الأمر في كتابه "ثروة الأمم" عام 1776 حيث رأى أنه لا يجب صناعة سلعة محليا بتكلفة أعلى بدلا من شرائها من الخارج بتكلفة أقل.
- يعني ذلك أنه لو حاول طرفان – شركتان مثلا – مقايضة شيء ما كسلعة مع بعضهما البعض، لا يجب على الحكومة عرقلة هذه المقايضة، لأنها ستفيدهما، ولو تم وقفها، ستتضرر جميع الأطراف.
أنا سأطهو.. وأنت ستغسل الصحون
- لا تبدو التجارة الحرة معقدة كما يحاول أن يصورها الكثيرون، فهي بمثابة منفعة متبادلة ومقايضة فوائد مشتركة سواء بالسلع أو العمالة، ويستفيد الجميع في نهاية المطاف.
- شبه بعض الخبراء عملية التجارة الحرة كشركاء في منزل واحد يتفقون على بعض المهام المنزلية كتحديد من يطهو ومن سيغسل الصحون كي تتحقق المنفعة الشاملة للجميع.
- لن يفلح الأمر لو حاول الطرفان في منزل واحد الطهي في نفس المطبخ، وهذا ما يصفه البعض بالحواجز والمعوقات التجارية التي تسفر عن إهدار في الوقت والمال بدلا من الاستفادة منهما.
- لا يعني ذلك أن هناك عدم فقدان أمريكا لوظائف بسبب واردات السلع الأجنبية الرخيصة لا سيما الصلب والألمنيوم، بل إن ذلك حدث بالفعل، ولا يجب تجاهله من جانب الساسة في البلاد.
- لكن الحمائية التجارية يمكن أن تتسبب في فقدان وظائف بأكثر مما تم إيجاده، فقد قدر بعض المحللين أنه حال اتخاذ المكسيك وكندا وأستراليا إجراءات انتقامية ردا على رسوم "ترامب"، فإن ذلك ربما يكلف أمريكا فقدان 13 وظيفة في مقابل كل وظيفة يتم إيجادها في صناعتي الألمنيوم والصلب.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}