تعد الولايات المتحدة واحدة من المناطق القليلة جدًا في العالم التي تشهد طفرة استثمارية في أعمال الطاقة الآن، وهو تطور يمكنه الحد من عدم اليقين الذي تسببه المتغيرات الجيوسياسية في جميع أنحاء العالم.
لكن في الوقت نفسه، هناك تراجع دائم للاستقرار في كثير من المناطق الأخرى المنتجة للنفط، ما يزيد مستوى الخطورة التي تواجه السوق والشركات على حد سواء، وبشكل مزعج، بحسب تقرير لموقع "أويل برايس".
ويرى تقرير لشركة الاستشارات وإدارة المخاطر المالية "فيريسك مابلكروفت"، أن صناعة النفط الصخري يمكن أن تتعافى سريعًا من الانخفاضات السعرية، ليس ذلك فحسب وإنما بمقدورها أيضًا الاستجابة بسرعة كبيرة لارتفاع الأسعار مرة أخرى.
بفضل هذه الطبيعة، وجنبًا إلى جنب مع تخفيف القيود التنظيمية على المستوى الفيدرالي، فإن صناعة النفط في خضم طفرة استثمارية في الولايات المتحدة، بينما هي مرشحة لهزات أرضية عنيفة في مناطق أخرى من الأرض.
الكثير من المناطق المضطربة
- مع اضطراب الأوضاع في بقاع أخرى من الأرض، أجرت "فيريسك" مسحًا لقائمة طويلة من البلدان، وخلصت إلى إطلاق مؤشر الاستقرار الحكومي "جي.إس.آي"، الذي يعتمد على بعض البيانات التنبؤية والمحللين لتقييم المخاطر الجيوسياسية المقبلة.
- لم تكن نتائج هذا الجهد مشجعة على الإطلاق، وقالت الشركة إن عدد الدول التي تتوقع تدهور أوضاعها وزعزعة استقرارها، يفوق كثيرًا عدد الدول المرجح محافظتها على الاستقرار، لأسباب منها انخفاض أسعار النفط وتآكل الديمقراطية.
- يعلق مدير المخاطر المالية في "فيريسك" "جيمس لوكهارت-سميث" على النتائج قائلًا: لا نرى بالضرورة أن عدم الاستقرار سيكون نتاج انقلابات أو اضطربات سياسية كبيرة، لكن من المحتمل ظهور بيئات أقل قدرة على احتواء الخطر.
- إن اتخاذ القرارات التعسفية، وعدم القدرة على تمرير الإصلاحات التنظيمية، والتدابير التي تفسح المجال أمام الفساد، ستكون مخاطر رئيسية للمشاريع في هذه البلدان، التي تسعى حكوماتها إلى تحقيق الاستقرار والحفاظ على نفوذها.
بقاع ملتهبة
- ليست كل الدول التي يشير المؤشر إلى اضطراب الأوضاع بها في المستقبل القريب مهمة لسوق النفط، مثل رومانيا أو كينيا، كما أن بعضها يمضي على طريق التحسن بالفعل لكن ما زال يشكل خطرًا كالعراق.
- يمتلك العراق بيئة ملائمة للأعمال التجارية ومن المتوقع تحسن أوضاعه، لكن حتى إن بدت الأمور في مسارها الصحيح، فالخطر الهبوطي الذي تشكله البلاد يظل هائلًا، مع قدوم الانتخابات التشريعية في مايو/ أيار.
- فنزويلا هي نقطة أخرى ملتهبة، حيث تدهور الاقتصاد وقطاع النفط بشكل عميق، لكن البلد اللاتيني يعاني أزمة مختلفة، حيث لا يحتاج الاضطراب المحتمل إلى انقلاب أو حرب أهلية أو أي تطور جيوسياسي صريح آخر.
- تشير "فيريسك" في تقريرها إلى عملية التطهير التي شهدتها شركة النفط الوطنية "بي دي في إس إيه" على يد النظام الحاكم بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2002، كمثال على التغيرات المثيرة للخوف إزاء الأوضاع.
- تآكل الإنتاج النفطي لفنزويلا على نحو مطرد خلال العقد ونصف العقد الماضي، منذ أقالت الدولة المختصين والعمال المهرة ذوي الخبرة من الشركة، ووظفت الإيرادات في غير محلها، وأخفقت في الاستثمار في الأصول النفطية القائمة.
أكبر مخاوف سوق النفط
- أخيرا، واحدة من الحالات الأكثر تعقيدًا وإثارة للاهتمام هي روسيا، أكبر بلد منتج للنفط في العالم، لكن "فيريسك" لا ترى سوى خطر ضئيل لحدوث اضطرابات سياسية مع اتجاه الرئيس "فلاديمير بوتين" للفوز بولاية أخرى.
- مع ذلك، قد يترتب على هذا الفوز المرجح معركة خلال السنوات المقبلة قبيل انتهاء الولاية الجديدة في 2024، وتزامنًا مع تصاعد الصراع السياسي بين الليبراليين ومناصري دولة "بوتين" من رجال الأمن السابقين.
- ترى شركة إدارة المخاطر المالية أن احتمالات تدهور الاستقرار السياسي في روسيا بحلول عام 2021 تصل إلى 90%، مضيفة في تقريرها: قطاع النفط سيكون هو الجائزة الاستراتيجية في المعركة المتوقع اشتعالها.
- تقول "فيريسك"، إن أكبر التهديدات التي تواجه سوق النفط هي الحرب المحتملة في شبه الجزيرة الكورية أو التصعيد بين إيران وبلدان الخليج، إلا أن الحالتين لن تصلا إلى حد الصراع العسكري المباشر رغم الاحتقان.
- بيد أن الخطر يظل قائمًا، فمجرد التهديد بحدوث نزاع حقيقي في أي الحالتين، سيضيف الكثير إلى علاوة المخاطر على أسعار النفط.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}