نبض أرقام
03:00 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/27
2024/11/26

لماذا تسبق دول نامية أخرى متقدمة في معدلات النمو؟.. وهل يتواصل ذلك مستقبلا؟

2018/03/04 أرقام - خاص

ينظر كثير من المتابعين بدهشة إلى تحقيق الدول النامية معدلات نمو في الدخل القومي تفوق نظيرتها المتقدمة.
 

ويثير ذلك تساؤلات حول أكثر من أمر، أولها أسباب تلك الظاهرة، وثانيها ما إذا كان ذلك مؤشرًا على قدرة الاقتصادات النامية على اللحاق قريبًا بالمتقدمة.


 

وتشير أحدث التقارير الاقتصادية عن البنك الدولي إلى أن الدول النامية تحقق معدلات نمو متوسطة تفوق الـ4.2%، بينما تحقق الدول الثرية معدلات لا تتجاوز الـ3%.

 

لمعدلات النمو المرتفعة أسباب!!

 

ولعل أول أسباب تحقيق الدول النامية لمعدلات نمو تتفوق على نظيرتها المتقدمة حقيقة وجود مجالات أوسع للاستثمار والنمو في الأولى.
 

وأهم مجالات النمو والتوسع تتعلق بالبنية التحتية، ففي حالة البلاد النامية فإن الاستثمار في البنية التحتية جزء مهم للغاية من الإنفاق الحكومي.
 

أما في الدول المتقدمة فإن البنية التحتية تكاد تكون مكتملة تمامًا والعمل في هذا المجال يقتصر على صيانة القائم من طرق وشبكات صرف صحي ومياه وغيرها.
 

ويؤدي ذلك إلى إمكانية زيادة الإنفاق على البنية التحتية بما يفتح مجالًا للنمو لا يتوفر للدول المتقدمة (النمو يعني ببساطة زيادة منتجات أو خدمات جديدة أو التوسع في تلك القائمة).
 

ويقودنا ذلك إلى السبب الثاني وهو حقيقة أن الإنفاق الحكومي في الدول الأقل نموًا (النامية) يشكل نسبة أكبر كثيرًا من تلك القائمة في الدول المتقدمة.

 

ويؤدي ذلك إلى زيادة قدرة الحكومات في الدول الأقل نموًا على استخدام الإنفاق الحكومي كأداة لتحفيز الاقتصاد وتحسين معدلات النمو.
 

ويلاحظ أيضًا أن هيكل الإنفاق لدى المستهلكين في الدول النامية يختلف عنه في الدول المتقدمة، ففي الأولى يتركز الإنفاق على الغذاء وفي الثانية لا يشكل إلا نسبة قليلة من الإنفاق.
 

ولذلك انعكاس مباشر على أنماط الاستهلاك وبالتالي معدلات النمو المضطرد.
 

فالمستهلك المتوسط في الدول النامية يحصل على ما يكفيه (أو يكفيه بالكاد)  من السلع والخدمات، لذا فإن أي نسبة زيادة في الدخل غالبًا ما تذهب بأكملها للاستهلاك.
 

فالمستهلك في الدول النامية بحاجة إلى رفع جودة ما يحصل عليه من منتجات وخدمات، فضلًا عن حاجته لخدمات وسلع جديدة.


 

إصلاحات جذرية!!

 

 في الدول المتقدمة فغالبًا ما يستطيع المستهلك المتوسط الحصول على احتياجاته الرئيسية، لذا فإن أي زيادة في الدخل لا يصحبها بالضرورة زيادة في الإنفاق ولكن في الادخار.
 

ويشير ذلك إلى أن دورة الدخل الإضافي لا تتم بنفس السرعة التي تتم بها في الأسواق النامية، لتحدث تأثيرًا من زيادة الطلب يتبعه –في أغلب الحالات- محاولة تلبيته بالمزيد من الطلب وبالتالي خلق فرص لمزيد من الإنتاج والنمو.
 

 وتفيد مجلة إيكونوميست بأنه منذ مطلع الألفية الحالية اتجهت غالبية الدول النامية لإجراء توسعات جذرية على أنظمة الاستثمار بها بما جعلها تجذب المزيد منها.
 

فعلى الرغم من أن الدول المتقدمة ما زالت تحظى بالنصيب الأكبر من الاستثمارات الدولية إلا أن تأثير الاستثمارات على الدول النامية يكون أوضح أثرًا نظرًا لصغر حجم الاقتصاد مقارنة بالدول النامية.
 

ويشير تقرير البنك الدولي حول الاستثمار حول العالم لعام 2017 إلى أن الدول النامية في آسيا وإفريقيا تزيد من نصيبها من الاستثمارات الدولية بثبات منذ عام 2010.
 

ويضيف تقرير البنك إلى أن الدول النامية أصبحت تحصل على 40% من تدفقات الاستثمارات العالمية، بينما يخرج منها 20% فقط (بما يعكس حصولها على استثمارات إضافية باستمرار).


 

هل تلحق الدول النامية بالمتقدمة؟!

 

ويبقى السؤال المهم: هل تستطيع الدول النامية اللحاق بنظيرتها المتقدمة في ظل تفوقها في معدلات النمو السنوية؟!
 

يبدو هذا السؤال أكثر شمولًا مما ينبغي، فبعض الدول قد تستطيع وبعض الدول قد لا تفعل وذلك وفقًا لعدد من العوامل.
 

فبعض الدول النامية قد تحقق معدلات نمو تفوق الـ10% في بعض الأعوام، إلا أنها تعود للتراجع في أعوام أخرى إلى نسب تقل عن الـ1%.
 

ويؤدي هذا إلى وجود متوسط نمو قليل خلال 10-20 عامًا يعني أن معدلات زيادة الدخل القومي قد تكون خادعة في بعض الأحيان.
 

فعلى سبيل المثال، دول شرق إفريقيا حققت معدلات تفوق الـ10% للنمو 2005-2010، غير أن اندلاع عدد من النزاعات المسحلة الداخلية والصراعات السياسية أدت لتراجع كبير للغاية في معدلات النمو.
 

في المقابل هناك دول نامية، أبرزها البرازيل، تحقق معدلات  نمو ثابتة في حدود الـ7% غير أن الصراعات السياسية أثرت أيضًا على معدلات النمو.
 

وهناك حقيقة أخرى تؤثر على لحاق الدول النامية بنظيرتها المتقدمة، فالكثير من تلك الدول التي تحقق معدلات نمو مرتفعة تعاني معدلات تضخم مرتفعة أيضًا.
 

ويعكس ذلك أمرين، الأول أن النمو "الحقيقي" قد يكون مختلفًا عن الرقم المعلن للنمو، والثاني أن الدولة تستخدم أدواتها النقدية لتحقيق نمو "خادع".
 

وتأتي الزيادة السكانية في الدول النامية أيضًا لتشكل عاملًا مهمًا بدورها، ففي الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الدول المتقدمة من ظاهرة المجتمع الشائخ، تشهد الدول النامية زيادة سكانية مضطردة.

 

 

ويؤدي ذلك إلى توجه غالبية الموارد الناجمة عن النمو إلى محاولة خلق فرص عمل لملايين اﻷفراد الذين يدخلون سوق العمل سنويًا، بما يجعل الأجور أقرب للثبات أو تزيد بمعدلات.
 

يتضح مما سبق أن لحاق الدول النامية بنظيرتها المتقدمة مسألة معقدة ومرتبطة بالعديد من العوامل، ليبقى المؤكد أن رقم النمو السنوي وحده ليس مؤشرًا يصلح للتعبير عن "التقدم الاقتصادي".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.