مع اجتياح هوس التشفير للعالم، تشجعت بعض البلدان لفكرة إصدار العملات الرقمية –المشفرة- الخاصة وتدعيمها بالتقنية الثورية "بلوك شين"، والتي قامت على أساسها العديد من هذه الأصول وأبرزها "بتكوين".
وفي الوقت الحالي، تلقى الفكرة قبولًا أكبر بين أوساط الحكام الأوتوقراطيين الذين يتطلعون إلى التهرب من العقوبات الدولية أو تقويضها، والتي عادة ما تفرض من خلال النظام المصرفي العالمي، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
لكن المدافعين عن العملات الرقمية المدعومة من الحكومات يقولون إن نمو هذا التوجه – وهو أمر لا يمكن ضمان حدوثه بالطبع- قد يتسبب في تغير النظام النقدي الدولي برمته بلا رجعة.
من يدفع الفكرة؟
- تطور فنزويلا عملتها الخاصة تحت اسم "بترو" والتي ستدعم قيمة كل وحدة منها ببرميل نفط، ووفقًا لرئيس البلاد "نيكولاس مادورو" المتحمس للفكرة، نجحت بلاده في جمع 735 مليون دولار في اليوم الأول من طرحها للبيع في فبراير/ شباط.
- يرى "مادورو" أن العملة سيكون لها تأثير كبير على كيفية وصول فنزويلا للنقد الأجنبي والحصول على السلع والخدمات من جميع أنحاء العالم، لكن مع الإشارة إلى أن أحد أسباب نقص الدولار في بلاده هو العقوبات الأمريكية، فالنجاح لا يبدو مضمونًا.
- لا توجد آلية لتداول العملة الرقمية مقابل الخام أو غيره من الأصول الصعبة كما تصور خطة "مادورو"، وقد أعلن برلمان البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة عدم مشروعية "بترو".
لاعبون آخرون
- يخطط البنك المركزي الروسي لإجراء محادثات مع دول بينها البرازيل والصين والهند والجمهوريات السوفيتية الخمس السابقة حول إنشاء عملة رقمية، يمكن استخدامها في هذه البلدان التي تشكل 40% من سكان العالم.
- كتب نائب محافظ بنك الشعب الصيني "فان يفي" مقالًا طرح فيه إمكانية إصدار عملة رقمية بالتعاون مع المؤسسات التجارية في البلاد.
- في السويد، حيث يتلاشى الاعتماد على النقد، يدرس البنك المركزي إصدار عملته الخاصة أيضًا، تحت اسم "الكرونا الإلكترونية"، لكن يقلقه الاستخدام الواسع للعملات الافتراضية الأخرى واحتمال إضرار ذلك بالقدرة التنافسية له.
ألا يعني تشفيرها أنها أصول غير حكومية؟
- حتى الآن نعم، فعملات مثل "بتكوين" وشبيهاتها طورت بشكل مستقل بعيدًا عن أعين السلطات المركزية، لكن تكنولوجيا "بلوك شين" الداعمة لمعاملات هذه الأصول كافة، لا تمنع المركزية.
- من الناحية النظرية، يمكن للحكومات فرض سيطرة على العملات الافتراضية أكبر من نظيراتها الورقية، لأن الأولى تحفظ جميع تعاملاتها بدفاتر "بلوك شين".
استفادة السلطات
- ستكون عملية تنظيم العرض النقدي عبر تغيير أسعار الفائدة (السياسة النقدية) مباشرة بشكل أكبر، ما يعني زيادة فعاليتها، كما ستتمكن الحكومات من التصدي للتهرب الضريبي، لأن جميع المعاملات ستكون قابلة للتتبع.
- بالإضافة إلى ذلك، تحظى "بتكوين" بشعبية كبيرة جدًا بين أولئك الذين يتطلعون للتملص من رقابة السلطات المركزية، وبالتالي إطلاق عملة رقمية يبدو فكرة جذابة لأي حكومة غير منسجمة مع النظام المالي العالمي.
كيف تستخدم في تجنب العقوبات؟
- تحاول الولايات المتحدة فرض العقوبات عن طريق منع البنوك والشركات من التعامل مع الدولة المستهدفة من قبل النظام المالي الأمريكي، ويمكن تعقب المخالفين عبر معاملاتهم في النظام المصرفي الدولي.
- لكن إذا كان لدى الحكومة عملة رقمية خاصة بها، فإن معاملاتها قد لا تكون قابلة للاكتشاف من جانب الولايات المتحدة.
- توفر "بتكوين" سبيلًا مناسبًا للالتفاف حول العقوبات أيضًا، لكن الحكومات ستعاني من أجل اقتناء ما يكفي منها لتكوين حيازة مؤثرة، علاوة على ذلك فإن قيمتها متقلبة بشكل كبير.
النظام المالي العالمي
- يعتمد النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الغرب، على عدد كبير من القواعد والمعايير والمؤسسات المتفق عليها دوليًا، والتي تسمح للبلدان بالتجارة والاستثمار في بعضها البعض.
- تحظى الولايات المتحدة بدرجة كبيرة من السيطرة على هذا النظام، بفضل الأهمية البالغة للدولار والمصارف الأمريكية داخله.
- إذا أنشأ عدد كاف من البلدان عملاته الرقمية الخاصة، فإنها ستعمل خارج هذا الإطار القائم، ما يقوض تأثير البنوك المركزية العالمية مثل الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي.
ما معني ذلك بالنسبة للبنوك؟
- مع ظهور العملات الرقمية الوطنية، فإن تقنية "بلوك شين" ستحل محل عملية المقاصة التي تعالجها البنوك التجارية الآن، وبالتالي ستفقد أحد أهم منابع الإيرادات، لكن من المرجح احتفاظ المصارف بدورها في إصدار الرهون العقارية وأشكال الائتمان الأخرى.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}