انخفض إنفاق الأسر على الطاقة بشكل كبير مؤخرًا، وبحسب مؤسسة "بلومبرج نيو إنرجي فاينانس"، فإن أربعة سنتات من كل دولار ذهبت للإنفاق الاستهلاكي في أمريكا العام الماضي كانت من نصيب البنزين والكهرباء والغاز الطبيعي.
بالطبع كان لانهيار أسعار النفط أثره الواضح، لكنه يظل مجرد جزء من قصة أكبر، والتي علق عليها كبير الاقتصاديين في شركة "بي بي" "سبنسر ديل" هذا الأسبوع، قائلًا إن الطلب على الطاقة يتزايد بوتيرة أسرع عند تحسين كفاءة الاستخدام بشكل أكبر.
وتابع "ديل": التطور التكنولوجي يعني تحسن إنتاج الطاقة بشكل كبير وبالتالي تحقيق وفرة منها، علاوة على ذلك، يُزيد النمو القوي لأعمال الطاقة المتجددة من المنافسة على الطلب.
وبحسب تقرير لوكالة "بلومبرج"، فالرابطة الطردية بين النمو الاقتصادي ومستوى الطلب على الطاقة آخذة في التلاشي، وكان العقد الأول من القرن الجاري هو الأول في تاريخ الولايات المتحدة الذي يتراجع فيه استهلاك الطاقة رغم توسع الاقتصاد بنسبة 18%.
تقول "إس إس آر" لبحوث الاستثمار إن استهلاك الطاقة تخلف عن النمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق تمثل أكثر من 90% من إنتاج كهرباء العالم، وكانت كفاءة الطاقة هي السبب الرئيسي وراء ذلك.
التكلفة وظهور المنافسين
- أدت التطورات التكنولوجية إلى زيادة إمدادات الطاقة، فصناعة النفط والغاز مثلًا، تتبنى مناهج مثل الرقمنة والتوحيد القياسي، لخفض النفقات والوصول إلى مزيد من الاحتياطيات المربحة، ما يقلل بدوره منحنى التكلفة.
- في الوقت نفسه، ساعد الغاز الطبيعي الرخيص في خفض تكاليف الكهرباء، وأدى الانخفاض الحاد بتكاليف طاقة الشمس والرياح إلى جعل الأنماط المتجددة أكثر قدرة على المنافسة، وهو ما يخفض منحنى تكلفة الطاقة أيضًا.
- ظهور أسواق طاقة تتحلى بالتنافسية هو أمر غير مألوف، فشركات النفط والطاقة الكبرى نشأت وتوسعت اعتمادًا على نماذج تحترف التنسيق وإبرام الاتفاقيات والتحالفات بين بعضها البعض بهدف السيطرة على السوق.
- بدأت التصدعات تظهر في نهاية القرن العشرين، عندما وفر سوق العقود الآجلة للمشترين والبائعين بديلًا عن تحكم "أوبك" في وضع أسعار النفط، وبذلك بدأ تخفيف القيود عن احتكار خدمات الطاقة.
- تسارعت هذه العوامل، ما فتح مزيدًا من فرص المنافسة بين مزودي الطاقة، وحتى بين أنواع الطاقة نفسها، فعلى سبيل المثال بدأ اعتماد وسائل المواصلات على النفط يقل لصالح الكهرباء.
احتدام المنافسة
- تفاعل اللاعبون الرئيسيون في السوق بطرق مختلفة مع هذه التغيرات، فوطدت "أوبك" وموسكو روابط التعاون لضبط الأسعار، إلى الدرجة التي دفعت بعض الصحفيين إلى وضع تصورات لاسم معبر عن هذا التحالف مثل "ر-أوبك"
- مع ذلك، فإن هذه الجهود تعزز أيضًا العقود الآجلة للنفط التي ظهرت منذ 35 عامًا، ومن شأن ذلك تحفيز عرض المنتجين المنافسين خارج هذا التحالف، تزامنًا مع جهود مكثفة للشركات الكبرى لاستقطاب المستهلكين.
- بجانب التحركات الأخيرة لشركتي "رويال داتش شل" و"بي بي" ركزت "إكسون موبيل" على تسويق عمليات التكرير والكيماويات باعتبارها المفتاح الرئيسي لكسب المال من إنتاج النفط الصخري.
- استثمرت "إكسون" في شركة "يوشي إنك" التي تقدم عددا من خدمات السيارات منها التزويد بالوقود، والغسيل، وتغيير الزيت مقابل رسوم شهرية، على أمل تعزيز هامش الربح وضمان العميل في ظل تأثير المنافسة على عائدات.
- نفس الأمر يحدث في أعمال الكهرباء، فعمليات الاندماج المفاجئة لمقدمي خدمات الطاقة في الولايات المتحدة هي استجابة لثبات الطلب وكذا الأسعار بفعل الصعود السريع للطاقة المتجددة.
واقع جديد
- تكنولوجيات الطاقة المتجددة وضعت نهاية لتجربة القرنين الماضيين، لأنها مصدر يتم تصنيعه وليس استخراجه، وفي العملية التصنيعية تميل التكاليف إلى الانخفاض بمرور الوقت مع زيادة الخبرة، بينما ترتفع في عمليات الحفر والتنقيب.
- يرى المتفائلون إزاء آفاق أسعار النفط اليوم أنها ما زالت عند مستويات لا تشجع إجراء ما يكفي من عمليات التنقيب، وبالتالي يهدد ذلك بنقص المعروض.
- لكن رغم أن ارتفاع أسعار النفط والغاز سيعني اضطرابا قصير المدى لمنتجي الطاقة الآخرين، فإنه يعطي أيضًا دفعة كبيرة نحو تعزيز الكفاءة وتبني النماذج الكهربائية والطاقة المتجددة، وبالتالي زيادة المنافسة في السوق.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}