في بلد مثل فنزويلا يتكون معدل التضخم به من أربعة أرقام (بالآلاف)، فقدت العملة المحلية البوليفار 99.9% من قيمتها خلال وقت قصير، وفي خضم أزمة اقتصادية طاحنة، ليس من المفهوم لم تتمسك الحكومة بسياساتها الخاطئة.
قبل 62 عامًا، نشر الخبير بالمكتب الوطني الأمريكي للأبحاث الاقتصادية "فيليب كاجان" دراسة حول التضخم المفرط، وعرفه بأنه فترة ترتفع خلالها الأسعار بأكثر من 50% شهريًا.
لكن هذه الظاهرة نادرة الحدوث بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست"، ومع ذلك استطاع "ستيف هانك" من جامعة هوبكنز، توثيق 57 حالة منها كان أحدثها في فنزويلا حاليًا، وتبين أنها غالبًا ما تصحب الثورات والحروب والتحولات السياسية.
وسُجلت أول حالة خلال الثورة الفرنسية في الفترة بين عام 1795 و1796، وكانت هناك سلسلة من التضخم المرتفع في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، ثم خلال أوائل التسعينيات في البلدان المتضررة من تفكك الاتحاد السوفياتي.
ومع ذلك، لم تقتصر أسباب التضخم المفرط على الثورات والحروب، كما بينت تحليلات الأوضاع الحالية في فنزويلا وزيمبابوي.
- رغم أن كل حالة من حالات التضخم المفرط كان لها مأساتها الخاصة، لكن بعض العوامل كانت مشتركة، وغالبًا ما يعاني الاقتصاد من ضعف مزمن خلال هذه الفترات.
- عادة ما ينجم الأمر عن مشكلة مالية في الأساس، ويكون هناك ضغط على الموازنة من تكاليف الحروب أو الإنفاق على الرعاية الاجتماعية أو عمليات الاختلاس التي يقوم بها مسؤولون.
- تعتمد الإيرادات الضريبية بشكل كبير على سلعة واحدة، وكثير ما تكون العملة المحلية مربوطة بسعر فائدة مفرط، ما يبقي التضخم مخفيًا لفترة طويلة قبل أن يظهر فجأة.
- تصدم المشاكل الاقتصاد في البداية، مثلما فعل هبوط أسعار النفط في فنزويلا، أو تراجع الإنتاج الزراعي كما حدث في زيمبابوي، ويعقب ذلك سلسلة من الأحداث والاهتزازات.
- تتآكل الإيرادات الضريبية، ما يعمق جراح الأوضاع المالية للدولة، وكي تتجاوز هذا المأزق تلجأ الحكومة لطباعة المزيد من الأموال، وبزيادة المعروض المالي، يزداد التضخم، ومن هنا تنجرف الأمور إلى الأسوأ.
- ما يسرع هذه العملية، ويحول الأمر من مجرد ارتفاع في الأسعار إلى تضخم مفرط، هو تأثير التضخم على الإيرادات الحكومية.
- نظرًا لأن ضرائب الدخل والمبيعات تدفع عادة بعد استحقاقها، فإن فترة التضخم تؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية لهذه الحصيلة.
- لذلك تلجأ الحكومات مرة أخرى إلى تمويل عجز الموازنة عن طريق طباعة المزيد من الأموال، ما يقود البلاد إلى تضخم أعلى وضرائب أقل وموجة جديدة من طباعة النقود، وعند نقطة ما، ينهار سعر الصرف ويخرج التضخم عن السيطرة تمامًا.
- رغم ذلك لا يدوم التضخم المفرط طويلًا، وينتهي في أحد طريقين، أولهما أن تصبح العملة المحلية لا قيمة لها فيتم استبدالها بعملة صعبة.
- هذا ما حدث في زيمبابوي نهاية عام 2008، عندما حل الدولار الأمريكي بدلًا من العملة المحلية، وهذا الإجراء من شأنه خلق حالة من الاستقرار بالأسعار، لكن مشاكل أخرى تظهر نتيجة لتبنيه.
- مع هذا الحل، يفقد البلد سيطرته على النظام المصرفي، ويخسر قطاعه الصناعي القدرة على المنافسة، لذا قد يكون الطريق الثاني هو الأفضل والذي يعتمد على الإصلاح في إنهاء التضخم المفرط.
- يحتاج ذلك بشكل أساسي إلى التزام كبير بالسيطرة على الموازنة، وعمليات طباعة النقود، وتحقيق الاستقرار بسعر الصرف، وهو ما قد يحتاج لدعم عبر الاستدانة من الخارج.
- بدون هذا الإصلاح، قد يتفاجأ قادة فنزويلا (رغم الخلاف الحاد بينهم وبين الولايات المتحدة) بتوجه شعبهم للاعتماد على الدولار الأمريكي في نهاية المطاف.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}