"إنها عملتنا، لكنها مشكلتك".. هكذا قالها صريحة وزير الخزانة الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون" للعالم أجمع عام 1971، وبعد ما يقرب من نصف قرن تقريبًا، يؤكد خلفه الحالي "ستيف منوشين" نفس الرسالة في المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام.
لكن ربما ما أغفله أو لم يدركه كلاهما، هو أن السوق وليس الحكومات، من يحدد القيم عندما يتعلق الأمر بسعر صرف العملات، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
حرب العملة.. آخر ما يحتاجه العالم
- جاء على لسان "منوشين" خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: من الواضح أن ضعف الدولار أمر جيد بالنسبة لنا، لأثر ذلك على التجارة، وقيمة العملة قصيرة الأجل ليست مصدر قلق لأمريكا على الإطلاق.
- أثارت تصريحات "منوشين" قلقا من سعي الإدارة الأمريكية لتسليح الدولار في إطار حربها التجارية، وهو ما زادت احتمالاته عقب قرار الرئيس "دونالد ترامب" بفرض رسوم جمركية على واردات الألواح الشمسية والغسالات.
- قالت مديرة صندوق النقد الدولي "كريستين لاجارد" في مقابلة تلفزيونية، إن الوقت الراهن لا يتحمل نشوب أي نوع من أنواع حرب العملة.
- في نفس السياق، يزيد الدولار الضعيف تعقيد معضلة السياسة التي تواجه رئيس البنك المركزي الأوروبي "ماريو دراجي"، فالرجل بالفعل يواجه نقاشات صعبة حول متى سينهي التيسير الكمي في ظل انتعاش اقتصاد منطقة اليورو.
مواجهة مفتوحة مع أقوى حليف
- ارتفع اليورو بنحو 10% خلال العام الماضي، وسيكون من الصعب القول بأن صعوده لن يخلف آثارًا اقتصادية يسعى "دراجي" بالأساس لتفاديها، وطبعًا يشمل ذلك التأثير على التجارة.
- اليورو القوي يضع ضغوطًا هبوطية على التضخم، الذي يسعى البنك المركزي الأوروبي للوصول به إلى 2% ارتفاعًا من مستواه المسجل في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عند 1.4%.
- إذا حاول "دراجي" الحديث عن يورو ضعيف فإنه سيخاطر بإشعال الموقف أكثر، وربما يتسبب في نتائج عكسية ويدفع الدولار إلى انخفاض أعمق، لا سيما أن "منوشين" متمسك بتصريحاته التي يراها متسقة مع مواقفه السابقة.
- بالطبع تصريحات وزير الخزانة متسقة مع مواقفه، ففي يناير/ كانون الثاني 2017، جاء في رده على تساؤل لعضو في مجلس الشيوخ: من وقت لآخر، سيكون للدولار القوي بشكل مفرط انعكاسات سلبية على الاقتصاد.
سياسات الأمس لا تناسب اليوم
- كان وزير الخزانة الأمريكي في منتصف التسعينيات "روبرت روبين" أول من بدأ الحديث عن الدولار القوي، ومن ثم أصبح ذلك نصًا معهودًا في خطابات خلفائه.
- في إشارة إلى تمسكه بسياسة الدولار القوي، قال وزير الخزانة "بول أونيل" عام 2001: عندما نستعد لتغيير السياسات الخاصة بالدولار، سوف نستأجر استاد "يانكي" وأحضر فرقة عزف موسيقي حتى يعرف الجميع أننا نفعل ذلك.
- بعد رحيله عن منصبه، أدلى "أونيل" عام 2008 بالاعتراف التالي: عندما كنت وزيرًا للخزانة، لم يكن المفترض أن أقول أي شيء سوى أن "الدولار قوي" رغم أني أكدت وأؤكد الآن أن هذه الفكرة خاطئة.
- مع تبني المفاهيم الخاطئة، تبدو فكرة ارتفاع وانخفاض قيم العملات وفق أي عامل باستثناء الأسس المؤقتة التي يصيغها حراس الاستقرار المالي، قوية بما يكفي ليتجاهل السوق فشلهم على مر السنين في تحقيق أهدافهم المنشودة.
- مع ذلك، سيظل العالم يراقب عن كثب أكثر من أي وقت مضى تحركات المركزي الأوروبي، وقدرة "دراجي" على تسخير قدراته البلاغية لمعالجة التساؤلات المتعلقة بالعملة دون الانجراف إلى منطقة خطرة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}