نبض أرقام
12:45 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

الاستقطاب السياسي.. هل يمكن لعلة الديكتاتوريات الفاشلة أن تنال من الاقتصادات الديمقراطية؟

2018/01/26 أرقام

تسبب الإهمال والسياسات الخاطئة والممارسات غير الرشيدة للسلطة الفنزويلية، في إفقار البلد صاحب أكبر احتياطي نفطي في العالم، إذ بات يعاني أهله من نقص الغذاء وانتشار العنف، وأصبحت العملة المحلية -البوليفار- بلا قيمة تقريبًا.

 

ورغم ذلك ما زال النظام بقيادة الرئيس "نيكولاس مادورو" قويًا ما يكفي ليواصل تشبثه بالسلطة، حيث يملك نفوذًا في الدوائر القضائية والصحافة، حتى أنه أسس هيئة تشريعية أعلى سطوة من البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة.

 

ولم تتمكن حتى الاحتجاجات الجماهيرية من منع التدهور الاقتصادي أو عرقلة مساعي النظام الحاكم، وذلك لأن "مادورو" أدرك درسًا مهمًا من ديكتاتور زيميابوي السابق "روبرت موغابي".

 

هذا الدرس هو أن الحاكم بإمكانه ضمان قطاع كبير من الشعب في صفه ما دام يقنعه أن المعارضين أعداء للوطن، بحسب تقرير لـ"واشنطن بوست" حمل عنوان "ما دمر اقتصاد فنزويلا يمكنه تدمير اقتصاد الولايات المتحدة".

 

مشاهد من الأزمة
 

 

- فنزويلا لديها أسوأ معدل تضخم في العالم الآن، وثاني أعلى مستوى بطالة، وتأتي في المرتبة الثالثة بين أكثر البلاد دموية (تشهد معدلات قتل مرتفعة)، كما أنها عاشر أسوأ بلدان الأرض من حيث الفساد.
 

- وفقًا لتقديرات صندوق النقد، يصل التضخم في فنزويلا حاليًا إلى 1100%، وسيتجاوز 2000% نهاية هذا العام، لكن يذكر هنا أن بعض السلع تضاعفت أسعارها آلاف المرات خلال العام الماضي بحسب بيانات لكيانات مستقلة.
 

- هذا من شأنه الإجهاز على ما تبقى من قيمة لعملة البوليفار التي انخفضت بنسبة 99.9% على مدى السنوات الست الماضية.
 

- تتشابه هذه الرواية مع ما جرى في زيمبابوي التي انكمش اقتصادها بنسبة 50% خلال الفترة بين عام 1998 و2008، في نفس الوقت الذي بلغ فيه التضخم مستوى فلكيًا، حتى أن الأسعار تضاعفت بشكل يومي.
 

- الأزمة في زيمبابوي كانت أعمق وشهدت البلاد ثاني أسوأ معدل تضخم في تاريخ البشرية، وتحاول البلاد التعافي من أثر التدهور، ولا يزال اقتصادها أقل بنسبة 10% عما كان عليه قبل 20 عامًا.

 

البناء على الفرقة والخوف
 

 

- يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد "ستيفن ليفيتسكي" والمؤلف المشارك لكتاب "كيف تموت الديمقراطيات؟": احتمال سقوط حكومة تتبع هذه السياسات الفقيرة بمرور الوقت يبلغ 9 من 10، أي أن سقوطها مرجح بشدة.
 

- كما أن هذا النهج سيجبر الناخبين أو المتظاهرين أو الجيش أو حتى الأعضاء الطموحين في الأحزاب الحاكمة على الانقلاب ضد الزعماء، أملًا في الحفاظ على مستقبلهم السياسي، وبشكل عام لمنع انزلاق البلاد إلى الفشل.
 

- صحيح أن الانتخابات يمكن إلغاؤها أو حتى تزويرها، ويمكن إطلاق النار على المتظاهرين، ويستطيع الديكتاتور أيضًا شراء بعض الجنرالات بالمال وجعل البعض الآخر عبرة، لكنها تكتيكات عنيفة تثير ردود فعل عنيفة أخرى.
 

- في نهاية الأمر يحتاج الديكتاتور غير الناجح اقتصاديًا لوسيلة تشجع الجنود على تنفيذ قرار إطلاق النار، وتمنع أعضاء جماعته من الخروج عليه، وربما لن يجد أفضل من الخدعة القديمة وهي تقسيم الشعب وشيطنة المعارضة.
 

- هذا ما حدث بالفعل في فنزويلا التي اتسعت بها الفجوة بين الأغنياء والفقراء، بينما كان نظام الطبقات العرقية الذي وضعه المستعمر في زيمبابوي محور السياسات الحكومية.

 

الاستقطاب يجلب الخراب
 

 

- في فنزويلا عام 2003، استبدل الرئيس "هوجو شافيز" 18 ألف عامل مضرب عن العمل في شركة النفط المملوكة للدولة (40% من إجمالي العاملين) ممن يجيدون أدوارهم بـ18 ألفًا آخرين يدينون بالولاء للنظام الحاكم.
 

- النتيجة كانت ثبات إنتاج النفط بينما كانت تأمل الحكومة في زيادته لدعم الإنفاق الاجتماعي، فحتى مع ارتفاع أسعار الخام أعلى 100 دولار لم يكن ذلك كافيًا، وتعمقت جراح البلد اللاتيني مع انهيار الأسعار.
 

- لم تختلف الأمور كثيرًا في زيمبابوي، وبحلول عام 2000 خسر "موغابي" استفتاءً دستوريًا كان من شأنه تعزيز سلطاته، ليلقي باللوم على المزارعين البيض في بلاده، وبدأ في نزع ملكيتهم للأراضي ومنحها لأنصاره السود.
 

- مثل كثير من البلدان التي استعمرت، سعت زيمبابوي لتحقيق التوازن بين ما هو جيد لاقتصادها وعادل لشعبها المضطهد، وذلك كان يستدعي عدم المساس بالمزارعين البيض الذين يشكلون قوة تصديرية رئيسية داعمة للاقتصاد.
 

- في الأمر سخرية من نوع خاص ومؤلم، فهذه الحكومات فشلت لنفس السبب الذي سعت من خلاله لإبقاء الكثيرين في صفها ألا وهو الاستقطاب، الذي ربما كان فتيلًا لانقلاب زيمبابوي قبل أشهر، ووضع فنزويلا على الحافة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.