رغم صحوتها والصخب الإعلامي المصاحب لها، لا تزال العملات الرقمية تبدو غريبة في عصر النقود والذهب وبطاقات الائتمان، تمامًا كما كان ابتكار السيارة غريبًا في حقبة العربات التي تسحبها الخيول.
لكن بحسب تقرير لـ"ماركت ووتش"، سيكون من الخطأ الفادح للمنظمين الحكوميين تجاوز هذا الابتكار أو تأخير إفرازه لكامل الإمكانات الكامنة وراءه.
أبرز المخاوف
- سلكت "بتكوين" مسارًا هبوطيًا الأسبوع الماضي، عقب تقارير أفادت باتجاه كوريا الجنوبية لمنع تداول العملات الرقمية، ورغم هدوء المخاوف تجاه هذا الاحتمال، رجحت تقارير أخرى قيام الصين بنفس الفعل.
- وتعكس حالة الذعر هذه جدية ومنطقية المخاوف التي يخشاها المنظمون بشأن العملات الرقمية، ومنها كيفية احتساب الضرائب والتدقيق في المعاملات، فالسوق بشكله الحالي يترك احتمالات كبيرة للغش.
- علاوة على ذلك، فهي تمثل مطمعا لبعض المستثمرين غير المطلعين للاستفادة من المدخرات التي جنوها على مدار حياتهم، وهي مخاطرة كبيرة عليهم نظرًا لاحتمال انهيار قيمة هذه الأصول بين طرفة عين وانتباهتها.
- لعل أكثر ما يبعث على القلق، احتمال استخدام هذه العملات في تسهيل الأعمال الإرهابية والإجرامية وغسل الأموال، لذا يبرر المشرعون رغبتهم في تنظيم هذا السوق بحماية المواطنين ومقدرات البلاد من هذه المنظومة.
- يحتاج المطورون في هذا الفضاء الرقمي أيضًا لتقديم بعض التوضيحات إلى المجتمع التنظيمي، بما يوفر مناخا من اليقين ويمكن المؤسسات الاستثمارية من ضخ أموالها في السوق باطمئنان.
متطلبات العلاج
- هناك حاجة إلى إطار تنظيمي أساسي فضلًا عن جهود الرقابة التي تضفي نوعا من الشرعية على الأصول الرقمية، وينبغي أن يحدد هذا الإطار المبادئ الواجب اتباعها من قبل المشاركين في السوق.
- كما ينبغي أيضًا الشروع في وضع إستراتيجية لمعالجة القضايا الضريبية المتعلقة بتداول "بتكوين" وقريناتها، لكن من الضروري أيضًا حدوث ذلك مع تجنب إثقال المشاركين في السوق بأعباء مرهقة سواء مالية أو إجرائية.
- قوانين مثل تلك المطبقة في نيويورك والتي تلزم منصة كـ"بت-ليسينس" بامتثال قانوني ورسوم كبيرة، ليست سوى قواعد خاطئة سوف توفر حماية محدودة النطاق وتضر بالابتكار.
- جدير بالهيئات التنظيمية أيضًا الحصول على ردود فعل مستفيضة من المستثمرين والمطورين والمبتكرين الضالعين بهذه العملات وسبل استخدامها المحتملة، لأن صناع السياسات ليسوا قادرين على فهم هذه التغيرات وحدهم مثلما حدث عند ظهور السيارات.
- تستدعي الأولوية تنظيم شبكة لا مركزية من الثقة غير المسبوقة ومعاملتها كما لو كانت شبكة مركزية، فإذا ظل الوسيط (كالبنوك في النظام المالي الحالي) سليمًا وموثوقًا به ظل النظام آمنًا.
رفع القيود عن الابتكار
- في العالم الرقمي حيث يغيب الوسيط المركزي، يمكن تفهم غياب التنظيم بشكل صحيح إلا مع نضوج السوق، لكن يجب الالتفات للدروس المستفادة من القبول السريع للإنترنت عند النظر في التشريعات الخاصة بالعملات الرقمية.
- الحد من البيروقراطية في التعامل مع ابتكارات الإنترنت كان أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الشبكة، فلو أجبرت السلطات المطورين في الماضي على استخراج ترخيص لكل موقع جديد لتأخر هذا التقدم وربما لم يكن.
- لم تقف المسائل الأمنية وغيرها من الاستخدامات السيئة المحتملة للإنترنت حائلة دون احتضان التكنولوجيا الحديثة، بل كانت فرصة تجارية لتشجيع السوق على تطوير منتجات لحماية الخصوصية ومعالجة الاحتيال.
- في وقت قصير، تلاشى تردد الناس وبدأوا في تبادل معلومات مثل بطاقات الائتمان عبر الإنترنت، وللوصول إلى الإمكانات الكامنة للعملات الرقمية بأسرع وقت، يستحسن وجود منظومة ضابطة ومتسامحة تحافظ على السوق وتسمح له بالتطور.
- سيكون من الخطأ الوقوف في وجه التطور وحرمان العالم من ظهور عمالقة جدد على غرار "جوجل" و"فيسبوك".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}