تبدو مدينة كامبوت، جنوبي كمبوديا، مكانا غير مرشح ليشهد طفرة تنموية، وتمتاز شوارعها بهدوء وشاعرية يجعلان المرء يشعر كما لو أن وتيرة النمو المتسارعة في أجزاء أخرى من جنوب شرق آسيا على بعد مجرات منها.
لكن هذا النموذج الساكن تحطم قبل سبع سنوات مع انطلاق مشاريع البنية التحتية الضخمة في البلاد، لإعادة تأهيل السكك الحديدية الموصولة بالعاصمة، وتجديد البنايات القديمة، وتدشين منتجعات سياحية، بحسب تقرير "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وأدى التطور السريع الذي أعقب هذه التحركات لاحتياج شديد إلى المواد الخام، وتحديدًا الرمال اللازمة لصناعة الأسمنت والخراسانة، وبات استخلاص سفن التجريف للرمال من مصب نهر في كامبوت الهادئة مشهدا تقليديا.
استنزاف بلا هوادة
- مع تزايد جهود التنمية، أصبحت عمليات استخراج الرمال (التي تبدو بلا توقف) أكثر ازدهارًا، وبدأت كمبوديا تصدير الرمال إلى سنغافورة التي تملك شهية لا تقاوم تجاه توسيع أراضيها عبر بناء الجزر الاصطناعية.
- بينما كانت عجلة الأموال تدور في السوق السوداء مستفيدة من هذا الازدهار، تجاهلت حكومة البلاد دعوات النشطاء المهتمين بالشأن البيئي، المحذرة من الآثار السلبية على البيئة والمجتمع جراء عمليات الاستخراج المفرطة.
- كشف تحقيق في عام 2016 عن استيراد سنغافورة رمالا بقيمة 752 مليون دولار من كمبوديا، بينما أظهرت بيانات حكومة كمبوديا أنها صدرت ما قيمته 5.5 مليون دولار فقط، ما أجبر المسؤولين على وقف التصدير.
- يقول "أليخاندرو غونزاليس ديفيدسون" المؤسس المشارك للمجموعة التي قادت التحقيق والمعروفة باسم "الطبيعة الأم"، إن عملية احتيال ممنهجة جرت لتصدير الرمال إلى سنغافورة والتهرب من الضرائب المستحقة على 95% من الصادرات.
- حظرت بلدان أخرى في آسيا، مثل إندونيسيا وفيتنام، صادراتها أو على الأقل قيدتها خلال العامين الماضيين للحد من الأضرار البيئية، في حين بدأت الهند في خفض التراخيص التي تمنحها لتصدير الرمال.
مخاوف من نضوب وشيك
- أبدى بعض الموردين الرئيسيين بالفعل عدم قدرتهم على مواكبة الطلب، وعلى سبيل المثال، حذرت وزارة التشييد في فيتنام (ثاني أكبر منتج للأسمنت في آسيا) من نفاد الرمال في البلاد بحلول عام 2020.
- يجرى حاليًا تسريع وتيرة إنشاء بعض المشاريع مثل خطوط السكك الحديدية التي تربط لاوس وتايلاند وكوالالمبور وسنغافورة، بعدما أعادت الصين إحياء طريق الحرير الهادفة لتعزيز التجارة العالمية وتشمل 60 مشروعًا في آسيا وإفريقيا.
- يرى مدير هيئة قاعدة بيانات الموارد العالمية التابعة للأمم المتحدة "باسكال بيدوزي" أن الأزمة ستزداد احتقانًا خلال العام الجاري، حيث سيتواصل نمو الطلب خاصة في آسيا تزامنًا مع محدودية الرمال.
- بدأت بعض البلدان تشعر بارتفاع التكاليف المالية للآثار الناجمة عن استخراج الرمال، ووفقًا لـ"بيدوزي" فإن الرمال والحصى تجاوزت الوقود الأحفوري لتصبح المورد الأكثر استخراجًا في العالم، وتستخرج الآن بمعدل يفوق وتيرة تجددها.
- يقول "بيدوزي": الرمال والحصى هي السلع الرئيسية المستخدمة في الأنشطة البشرية كافة، في الطرق والسدود والمباني والمطارات واستصلاح الأراضي، لكن البشر غير مؤهلين لتلقي تبعات متواصلة.
آسيا: الجاني والمجني عليه
- كانت البلدان الآسيوية أبرز المتسببين في نقص الرمال مع طفرات التنمية التي تشهدها على غرار تضاعف النمو الحضري في بكين لأربعة أمثال ما كان عليه خلال الفترة من عام 1999 إلى 2009.
- زادت أراضي سنغافورة بنسبة 25% عبر عمليات الاستصلاح التي جرت على مدار المائتي سنة الماضية، واستخدم أكثر من 70% من إجمالي الرمال التي تم استخراجها بغرض أعمال الإنشاء خلال 2014 في آسيا وحدها.
- يقول "بيدوزي" إن كمية الخراسانة المستخدمة من قبل الصين خلال السنوات الأربع الماضية تعادل الكمية التي تستخدمها الولايات المتحدة خلال 100 عام.
- مع ذلك كانت البلدان الآسيوية أيضًا بين أكثر المتضررين، ففي إندونيسيا على سبيل المثال اختفت بعض الجزر بالقرب من جاكرتا بسبب عمليات الاستخراج غير المشروعة.
- أما في الصين، فتسببت عمليات الاستخراج المفرطة في انخفاض كبير بمستويات المياه في بحيرة بويانغ، أكبر بحيرة للمياه العذبة في البلاد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}