نبض أرقام
07:22 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

"من فضلك أريد أن أدفع الضرائب".. ما الذي قد يجعل أي مواطن سعيدا وفخورا بذلك؟

2017/12/29 أرقام - خاص

فكرة أن العامة في كل مكان يكرهون الضرائب أصبحت بمثابة حقيقة مستقرة ومسألة بديهية بالنسبة لكثيرين. ولكن هذا ليس صحيحًا. فالشعب الأمريكي مثلًا على الرغم من اختلافه مع الإدارات السياسية المتعاقبة حول كيفية إنفاق الحصيلة الضريبية إلا أن أغلبيته تفخر بكونها دافعة للضرائب.



 

دافعو الضرائب في الولايات المتحدة أكثر صدقًا وموثوقية مقارنة مع نظرائهم في الكثير من البلدان المتقدمة. وهناك حقيقة قد تدهش كثيرين، وهي أن الأمريكيين صوتوا كثيرًا لصالح زيادات ضريبية.
 

لكن ما هو السبب الذي يجعل الأمريكيين فخورين وسعداء لدفعهم الضرائب في نفس الوقت الذي يكره فيه الكثيرون مجرد سماع كلمة "الضرائب".
 

هذا ما أدفعه وهذا ما أحصل عليه .. صفقة جيدة
 

- ضمن أطروحة الدكتوراه الخاصة بها، أجرت " فانيسا ويليامسون" الزميلة في قسم دراسات الحوكمة بمعهد بروكنجز مقابلات مع مواطنين في 21 ولاية (بعد أن وعدتهم بعدم الكشف عن هويتهم في مقابل المشاركة بالدراسة) وسألتهم خلالها عن شعورهم ونظرتهم تجاه الضرائب.

 

- "من الجيد أن نكون قادرين على المساهمة بشيء، وأن نعرف أننا سبب في وجود بنية تحتية جيدة. أشعر بأنها مساهمة من أجل المجتمع والمستقبل، فالبنسبة لي، ما أدفعه من ضرائب قد يساهم ولو قليلًا في حصول مواطن آخر على الضمان الاجتماعي أو الرعاية الطبية..." هذا ما قالته امرأة من فلوريد تبلغ من العمر 28 عامًا حول شعورها تجاه الضرائب.

 

- تقول شابة تبلغ من العمر 17 عامًا "أنا بحاجة إلى الكهرباء والمياه والطرق، وبالتالي من المنطقي جدًا أن أحرص على دفع حصتي العادلة من الضرائب".



- هاتان المرأتان لا يمكن اعتبارهما حالة استثنائية. ففي دراسة استقصائية تمت على المستوى الوطني، وافق أكثر من 95% من الأمريكيين على العبارة التالية: "إنه من الواجب الوطني على كل أمريكي أن يدفع حصته العادلة من الضرائب". ولم يختلف مع هذه العبارة سوى 3% فقط.

 

- هذا المستوى من الإجماع وتوافق الآراء يعد نادرا جدًا، وبالنظر مثلًا، إلى أن أحد استطلاعات الرأي أظهرت اعتقاد حوالي 6% من الأمريكيين أن مهمة أبولو 11 هي التي تم خلالها أول نزول للإنسان على سطح القمر كانت مفبركة!

 

- أكثر من نصف المشاركين في هذه الدراسة الاستقصائية يعتبرون دافعي الضرائب "وطنيين جدًا. وقال أحد جنود المارينز السابقين إن دفعه الضرائب هو "تكلفة امتياز كونه أمريكيًا"، في حين قال رجل من كاليفورنيا إن التهرب من الضرائب يعتبر بمثابة "خذلان للبلاد".
 

التصويت لصالح رفع الضرائب
 

- قد تتساءل عما إذا كانت المواقف السابقة ليست أكثر من مجرد مشاعر جميلة ومثالية لا وجود لها، ولكن الأمريكيين في الحقيقة يضعون أموالهم حيث توجد أفواههم، إذا جاز التعبير. بمعنى أنهم يثبتون ذلك بأفعالهم لا بكلماتهم، وهو ما تدعمه الكثير من الدراسات.

 

- بالمقارنة مع 14 دولة أوروبية، الأمريكيون هم الأكثر استعدادًا لدفع الضرائب، كما تتمتع الولايات المتحدة بواحد من أعلى معدلات الامتثال الضريبي في العالم المتقدم. ويمكن للمرء أن يعتقد أن معدل الامتثال المرتفع يرجع لخوف المواطن من مصلحة الضرائب الأمريكية، ولكن الخبراء الاقتصاديين خلصوا إلى أن معدلات الامتثال العالية في الولايات المتحدة لا يمكن بأي حال ربطها فقط بصرامة وكالات تطبيق القانون.

 

- الأمريكيون أيضًا على استعداد للتصويت لصالح زيادة الضرائب. راجعت "ويليامسون" كل استفتاء محلي تم منذ عام 1976 من شأنه رفع أو خفض الضرائب على مستوى كل ولاية.

 

- توصلت "ويليامسون" إلى أنه: في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، صوت الأمريكيون لصالح واحدة من بين كل خمس زيادات ضريبية مقترحة، وبحلول عام 2000، ارتفعت النسبة ليتم تمرير واحدة من بين كل زيادتين مقترحتين.



- عن طريق طرح القضية مباشرة على الناخبين في استفتاءات، تمكنت الكثير من الولايات الأمريكية رفع ضريبة المبيعات والدخل والممتلكات، وكذلك الضرائب على السجائر.

 

- هناك سبب آخر يفسر سبب معدل الامتثال العالي بين الأمريكيين تجاه دفع الضرائب، وهو أنهم يفهمونها. ففي كتابها "لماذا يفخر الأمريكيون بدفع الضرائب" الصادر في يناير/كانون الأول 2017، أجرت "ويليامسون" دراسة استقصائية ضمت ألف شخص، تبين خلالها أن الأمريكيين لديهم فهم أفضل بكثير للضرائب مما يعتقده كثير من المراقبين.

 

- طلبت "ويليامسون" من الأشخاص المشاركين في الدراسة حساب فواتيرهم الضريبية بأنفسهم، قبل أن تقوم بمقارنة تقديراتهم مع فواتيرهم الفعلية، لتكتشف أنهم على دراية كبيرة بأنواع الضرائب التي يدفعونها. وقد تمكن معظم المشاركين من حساب ضريبة الدخل وضريبة المبيعات بشكل صحيح تقريبًا.
 

لماذا يكره الكثيرون الضرائب
 

- في العديد من البلدان النامية توجد شريحة غير ضئيلة من الجمهور تكره الضرائب وتتجنب دفعها، وذلك لعدة أسباب سنستعرض سببين رئيسيين منها بشكل سريع.

 

- أولًا، أعداد كبيرة من العامة غير مستوعبة لمفهوم وفلسفة الضرائب. والناس أعداء ما جهلوا. فلا شك تمثل الضرائب عبئًا على الجميع، ولكنها في نفس الوقت تعتبر المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، وتستخدم هذه الأموال لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن.

 

- الضرائب هي من توفر التمويل للجيوش والطرق ونظم التعليم والرعاية الصحية والمياه النظيفة وجمع القمامة... باختصار الأشياء التي تجعل المجتمع متحضرًا. بهذا المنطق البسيط يمكن أن يشرح المسؤولون في البلدان النامية لمواطنيهم أهمية دفعهم للضرائب. وهذا هو الدور التوعوي الذي يقصر فيه كثيرون.



- ثانيًا، تفشي الفساد: الكثير من الناس يكرهون دفع الضرائب إما لأنهم يعرفون أن أموالهم لن يتم إنفاقها على الأشياء التي يحتاجونها وبالتالي لن تعود بالنفع عليهم، أو لشعورهم بأن الضريبة التي يدفعونها لها قيمة أكبر من الخدمات الفعلية التي يحصلون عليها من الحكومة، أو أن هناك من يعفى من هذه الضرائب دون وجه حق، وهو ما يجعلهم يتساءلون، لماذا نحن؟

 

- لذلك قد يكون من الصحيح الإشارة إلى أن الناس لا يكرهون الضرائب لذاتها، وإنما يشعرون بأن حكوماتهم لا تستخدم هذه الأموال بحكمة وتنفقها على أشياء إما ليسوا بحاجة إليها أو هناك أشياء أخرى أكثر أولوية تحتاج أن يتم تخصيص هذه الأموال لصالحها.

 

- آخر شيء قد يرغب به أي مواطن، هو أن يطالع في الصحف أن مدفوعاته الضريبية التي اقطتعها من أمواله التي كسبها بشق الأنفس والتي كان من المفترض أن تنفق على مشاريع البنية التحتية والخدمات تم اختلاسها من قبل أحد المسؤولين. ولذلك ليس من المستغرب وجود ترابط كبير بين ضعف معدل الامتثال للضرائب وبين البلدان التي تصبح فيها أخبار مثل هذه شيئًا روتينيًا لا يثير اهتمام أو دهشة العامة.



- أخيرًا، تقول "مارجريت ليفي" أستاذة العلوم السياسية بجامعة ستانفورد "إن الناس مستعدون للوفاء بمسؤولياتهم المدنية، إذا اعتقدوا أن الآخرين يقومون بدورهم".

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.