تقوم المجتمعات بالأساس على الثقة، وينطبق ذلك بشكل أعمق على المجتمعات الحديثة العلمية والمعقدة مقارنة بنظيرتها الأصغر حجمًا، ويتسع اعتماد الأعمال على الثقة في تعزيز انتشارها ليشمل مجالات عدة، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
وعلى سبيل المثال، فالعبور أعلى جسر يلزمه ثقة في أن البناء صُمم على أسس هندسية صحيحة، وتناول الأدوية يتطلب ثقة بأن وصفة الطبيب اعتمدت على تشخيص طبي سليم، فالثقة ضرورة لضمان الفاعلية والنجاح في المجتمع.
انتشار نظرية المؤامرة
- لأن الثقة في الخبراء عامل بالغ الأهمية للمجتمع المعقد فإن أحد الأمور الأكثر إثارة للذعر هي كذب هؤلاء الخبراء، ما يعد سببًا رئيسيًا وراء انتشار نظريات المؤامرة، مثل تكذيب الهبوط على سطح القمر.
- لحسن الحظ أن الحالات الحقيقية للمؤامرات العلمية كانت نادرة الحدوث، لكن في العلوم الاجتماعية حيث تندر الأمور اليقينية يبدو الخبراء أكثر ثقة مما ينبغي، لذا توجه اتهامات التآمر والتضليل كثيرًا للاقتصاديين وعلماء الاجتماع.
- على سبيل المثال، وجه المدير العام لشركة الاستثمار المغامر "ثيل كابيتال" "إريك وينشتاين" اتهامات بالتضليل لخبراء اقتصاديين بشأن عدد من الموضوعات منها التجارة والهجرة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.
- لاقت اتهامات "وينشتاين" انتشارًا واسعًا عبر "تويتر"، في إشارة لمقدار الاهتمام الذي تحظى به مثل هذه الادعاءات، لكن هل كان الرجل محقًا فيما قاله؟ هل بالفعل تضلل الكيانات البحثية والاقتصاديون الجمهور؟
- الهجرة مثلًا لا تحظى بإجماع من الخبراء حول القضايا المتعلقة بها وتتباين آراء أبرز الباحثين في هذا الملف، ومؤخرًا بدا هناك توجه نحو تضمين وجهات نظر مختلفة للخبراء في التقارير التي تعدها الكيانات البحثية.
سندات الرهن العقاري والتجارة الحرة
- الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري هي حالة أكثر إثارة للقلق، لأن عددًا قليلًا للغاية حذر بشأن النماذج المستخدمة لقياس مخاطر هذه الأصول قبل عام 2008.
- نظرًا لأن الكثير من هذه السندات انتهى بها المطاف في حوزة البنوك التي أصدرتها (ما عرض المصارف لخطر الإفلاس في 2008) فيبدو أن الأمر لم يكن سوى سوء تقدير للمخاطر وليس مؤامرة.
- لسنوات عديدة، كان هناك إجماع عام بين الاقتصاديين حول أضرار القيود التجارية، مع ذلك نادرًا ما كان يصرح الخبراء الأكاديميون علانية بفوائد تحرير التجارة رغم إظهار استطلاعات الرأي توافقا شبه عالمي حيال الفكرة.
- على أي حال اعترف العالم بأهمية التجارة الحرة لاحقًا، لكن رغم ذلك أقر اقتصاديون بأن الناس قد يتضررون في بعض البلدان مع إثراء قلة بعينها، كما يمكن استغلال الحواجز التجارية للمساومة على المعايير الدولية.
- يشير أحد مؤسسي الاقتصاد الحديث "بول سامويلسون" إلى أن التجارة الحرة متعددة الأطراف يمكنها إيذاء من كانت تهدف لمساعدتهم إذا تغيرت المزايا النسبية لها.
العلة وسبيل التعافي
- يمكن لمساهمات الاقتصاديين في الأماكن العامة أن تبدو مختلفة بشكل جذري عن نقاشاتهم في الغرف المغلقة، فهناك من خاطر بسمعته الأكاديمية مثل "جاغديش بهاغواتي" في سبيل إظهار كيف للتجارة الحرة الإضرار ببعض الأمم.
- لم يؤمن الجمهور عادة بحجج الاقتصاديين العامة حيال فوائد التجارة الحرة، وبدأ الخبراء يترجمون ذلك على أنه نمط من أنماط التحذير.
- حاليًا، يعطي المزيد من الاقتصاديين مساحة للشك في حكمة ومنافع التجارة الحرة، مثل "ديفيد أوتور" و"ديفيد دورن" و"غوردون هانسون" الذين أجروا دراسة أظهرت تضرر قطاع كبير من العمال الأمريكيين بسبب التجارة مع الصين.
- قد يكون الآوان فات لإعادة الثقة العامة في الخبراء، فإبداء الاقتصاديين لتيقنهم البالغ في التجارة الحرة كان خطأ فادحًا في البداية، والاعتراف بهذا الخطأ خطوة أولى في مسيرة طويلة لإقناع العامة بأنهم لا يُخدعون.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}