إذا كنت من أولئك الذي يتساءلون، لماذا لم نتوقع الأزمة المالية العالمية الأخيرة وكيف لم نراها قادمة، ربما تجد الجواب لدى الأستاذ في جامعة كامبريدج "ها جون تشانج" الذي يوضح السبب : لم نتساءل أبداً حول ما لم يخبرونا به عن الرأسمالية؟!
في عرض بسيط وسلس وجاد يضع الأستاذ الكوري الجنوبي الذي يعتبر واحداً من أكثر الاقتصاديين احتراماً في العالم، أمام أعيننا معلومات حول الرأسمالية لطالما اختفت وراء الضجيج الهائل للنيوليبرالية الاقتصادية وذلك في كتابه "23 شيئاً حول الرأسمالية لا يخبرونك بها" الصادر في عام 2011.
23 شيئاً حول الرأسمالية لا يخبرونك بها |
||
الحقيقة |
|
الشرح |
1: لا يوجد هناك ما يسمى بالسوق الحرة |
|
- السوق الحرة ما هي إلا وهم ارتفعت وتيرة تمجيده في السنوات الأخيرة، وهذا ليس بسبب تدخل الحكومات فقط، وإنما أيضاً بسبب أن القطاع الخاص نفسه لا يريد في كثير من الأحيان أن يكون حراً. وإذا كان يتم تحديد الأجور ومعدلات الفائدة سياسياً، فإن كل الأسعار الأخرى يتم تحديدها من قبل الحكومة أيضاً، لأن هذين البندين يؤثران على كل شيء. |
2: لا يجب أن تعمل الشركات لصالح أصحابها |
|
- قد يكون المساهمون هم مالكي الشركات، ولكنهم غالباً ما يكونون الأقل اهتماماً بمستقبل الشركة على المدى الطويل، وهذا ما دفع "جاك ويلش" الرئيس السابق لشركة "جنرال إلكتريك" للاعتراف قبل سنوات بأن النجاح على المدى الطويل يتطلب أخذ جميع المشاركين في النشاط التجاري بعين الاعتبار، ليس فقط حاملي الأسهم الذين يمكنهم القفز من السفينة في أي لحظة ولكن أيضاً من الموظفين والموردين والعملاء والتجمعات العمالية. |
3: أغلب الناس في الدول الغنية يدفع لهم أكثر مما يستحقون |
|
- لا يوجد أي شخص فعل ما يجعله يستحق أن يولد في البلد التي ولد فيها، وبعض البلدان فقيرة ليس بسبب فقرائها، وإنما بسبب الأغنياء الذين يعيشون بها. ويجب على الجميع أن يتذكر أننا ننجح أو نفشل في جزء كبير مما نقوم بها بسبب المجتمع الذي ننتمي إليه وليس فقط بسبب جهودنا، فبعضنا يحقق شيئاً فقط لأنه يعيش في اقتصادات تتمتع بتكنولوجيات أحدث، وشركات ومؤسسات أفضل تنظيماً وبنية تحتية أكثر كفاءة. |
4: الغسالة غيرت وجه العالم أكثر من الإنترنت |
|
- الغسالة وغيرها من الأجهزة الموفرة للعمالة غيرت جذرياً دور المرأة داخل المجتمع وفي ديناميات الأسرة، ونفس الأمر بالنسبة لمكيف الهواء. أما الإنترنت، فعندما يتعلق الأمر بالإنتاجية فليس من الواضح ما إذا كانت آثاره ثورية جداً، ولكننا نبالغ بشكل كبير في آثاره فقط لأنه يؤثر علينا الآن، والبشر يميلون غالباً للافتتنان بأحدث التقنيات وأكثرها وضوحاً. |
5: افترض الأسوأ حول الناس وسوف تحصل عليه |
|
- المصلحة الذاتية هي المحرك الأقوى لمعظم البشر، ولكنها ليست محركنا الوحيد، وفي كثير من الأحيان قد لا تكون حتى هي دافعنا الأساسي. لذلك نحن بحاجة لتصميم نظام اقتصادي في نفس الوقت الذي يدرك فيه بأن أغلبية الناس أنانيون، لا يتجاهل أيضاً وجود دوافع أخرى تحرك البشر مثل الصدق واحترام الذات والإيثار والحب والتعاطف والإيمان، وبذلك نتمكن من الحصول على نتائج أفضل من الناس. وتذكر دائماً أنك إذا توقعت الأسوأ ستحصل عليه.
|
6: استقرار الاقتصاد الكلي لم يجعل الاقتصاد العالمي أكثر استقراراً |
|
- من الممكن أن تضر السياسات المكافحة للتضخم بالاقتصاد أكثر من التضخم نفسه، ويرجع ذلك إلى أن الإفراط في محاربة التضخم يؤثر سلباً على الاستثمار وبالتبعية النمو الاقتصادي. والأهم من ذلك هو أن تراجع التضخم إلى مستويات منخفضة جداً لم يحقق الاستقرار الاقتصادي لكثير من الدول، بل على العكس ساهم بشكل ما في زيادة عدم الاستقرار المالي وانعدام الأمن الوظيفي. ببساطة، حماية اقتصاد الدولة أكثر أهمية من حماية قيمة أموالها. |
7: سياسات السوق الحرة نادراً ما تجعل البلدان الفقيرة غنية |
|
- كل الدول المتقدمة وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من خلال الحمائية والسياسات الصناعية والتنموية التي تقودها الدولة – التي يتم نصح البلدان النامية اليوم بعدم الاعتماد عليها – وليس من خلال السوق الحرة. فالبلدان النامية تحتاج إلى حماية منتجاتها ورعايتها إلى أن يصبح بإمكانها المنافسة في السوق العالمية، كما تحتاج الحكومة إلى التدخل بشكل أكثر نشاطاً في الأسواق. نادراً ما تؤتي سياسات السوق الحرة ثمارها، ومعظم البلدان المتقدمة لم تستخدمها حين كانت نامية. |
8: رأس المال دائماً لديه جنسية |
|
- تؤدي سهولة حركة رأس المال إلى الكثير من الضرر في عالمنا الذي سيطرت عليه العولمة بشكل مفرط، وأحياناً يعتقد البعض بسذاجة أن رأس المال الذي قد يتم ضخه في أي بلد ليس لديه هوية ولا توجد لطرف محدد سيطرة عليه، ولكن الحقيقة هي أن المال دائماً ما ينتمي إلى شخص ما، وهذا الشخص بالتأكيد لديه جواز سفر وعنوان منزل. من المهم جداً معرفة إلى من يعود رأس المال، والجواب لا يمكن أن يكون بأي حال "لا أحد". |
9: نحن لا نعيش في عصر ما بعد الصناعي |
|
- نحن قد نعيش في المجتمع ما بعد الصناعي إذا نظرنا إلى الأمر من ناحية أن معظمنا يعمل في المكاتب والمتاجر وليس في المصانع، ولكننا لم ندخل أبداً مرحلة ما بعد التنمية الصناعية التي تصبح فيها الصناعة غير مهمة. وعلى عكس ما يعتقده الكثيرون، انخفاض حصة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الغنية لا يرجع إلى انخفاض حجم الطلب على السلع المصنعة، وإنما يرجع في الأساس إلى زيادة اعتماد تلك البلدان على المتجات المصنعة من الصين وغيرها من البلدان النامية. بعبارة أخرى، العمالة هي من دخلت عصر ما بعد الصناعة وليس الإنتاج. |
10: الولايات المتحدة ليست صاحبة أعلى مستوى معيشة في العالم |
|
- الولايات المتحدة تحتل المرتبة التاسعة عالمياً في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على أساس تعادل القوة الشرائية، وتعاني من توزيع غير عادل للثروات، ومعدلات إجرامية عالية، كما يعمل الأمريكيون لفترة أطول مقارنة مع المتوسط الأوروبي، والبنية التحتية في الكثير من الدول الأوروبية أفضل كثيراً من نظيرتها الأمريكية، ورغم كل ذلك يستقر في ذهن الكثيرين فكرة مفادها أن النسخة الأمريكية من الرأسمالية متفوقة بشكل ملحوظ. |
11: التخلف ليس قدر أفريقيا الذي لا تستطيع الهرب منه |
|
- الأفارقة ليسوا فقراء بسبب أي عوامل غامضة أو غير قابلة للتغيير. ففي الستينيات والسبعينيات كانت هذه البلدان تحقق تقدماً ملحوظاً. فهم فقراء لنفس الأسباب التي جعلت دولاً أخرى فقيرة في يوم من الأيام، وهو ما يعني أن مشكلة الفقر يمكن حلها إذا تم تطبيق نفس الأساليب التي اتبعتها دول أخرى. وفي الحقيقة، السبب الحقيقي للركود الأفريقي خلال العقود الثلاثة الماضية هو سياسات السوق الحرة التي تم فرضها على القارة من جانب البنك الدولي وصندوق النقد. |
12: يمكن للحكومة اختيار الرهانات الصحيحة |
|
- تخبرنا النظرية بأن الرأسمالية تعمل بشكل أفضل عندما يسمح للناس برعاية أعمالهم الخاصة دون تدخل حكومي، وأن صانعي القرار الحكوميين تحركهم دائماً الرغبة في تعظيم القوة بدلاً من الربح. ولكن الواقع يثبت أن السوق الحرة ليست دائماً على حق كما أن الحكومة ليست دائماً خاطئة. في الولايات المتحدة كانت الحكومة مسؤولة عن قناة إيري والطرق السريعة وشبكة الإنترنت وصناعتي الطائرات وأشباه الموصلات، وفي شرق آسيا طالت يد الحكومة ما هو أكثر من ذلك.
- على الرغم من أن رجال الأعمال قد يعرفون بشكل عام شؤونهم الخاصة بشكل أفضل من المسؤولين الحكوميين، وهو ما يمكنهم من اتخاذ القرارات التي تخدم مصالح شركاتهم، إلا أنه ليس هناك ما يضمن صب تلك القرارات في مصلحة الاقتصاد الوطني. |
13: لن نصبح أغنى إذا أصبح الأثرياء أكثر ثراءً |
|
- في الدول الرأسمالية، يحصل دائماً الأغنياء على الجزء الأكبر من الكعكة، وهذا مفهوم إلى حد كبير، ولكن المشكلة هو أنهم تسببوا في انخفاض وتيرة نمو الكعكة نفسها. هناك حالة واحدة يمكن أن يعود خلالها إعطاء الأغنياء المزيد، بالنفع على المجتمع، وهي قيامهم برفع حجم استثماراتهم وبالتالي يزداد النمو الاقتصادي الذي تستطيع شرائح أوسع من المجتمع تقاسم ثماره. |
14: رواتب المديرين الأمريكيين مبالغ فيها |
|
- لدى الولايات المتحدة مديرو الشركات الأعلى أجراً في العالم، غير أنها لا تمتلك أفضل الصناعات. وأسعار هؤلاء المديرين مبالغ فيها بالمقارنة مع أسلافهم ومع نظرائهم في البلدان الغنية الأخرى. وفي الحقيقة، استطاعت الطبقة الإدارية في الولايات المتحدة امتلاك القوة الاقتصادية والسياسية والأيدولوجية التي تمكنها من التلاعب بالقوى التي تحدد مستويات رواتبهم. |
15: ريادة الأعمال في البلدان الفقيرة منتشرة أكثر منها في البلدان الغنية |
|
- الكثيرون يعتقدون أن الناس في البلدان الفقيرة فقراء بسبب افتقارهم لثقافة ريادة الأعمال، فهم يتصورون أنهم لا يفعلون شيئاً سوى الجلوس على المقاهي وتدخين السجائر، ولكن عند الذهاب إلى تلك البلدان تجد أنها مليئة بالمكافحين الذين يعتبرون رجال الأعمال يبيعون ويشترون أي شيء قد يخطر على البال، ويخلقون الفرصة من العدم، مشكلتهم فقط هي نقص التكنولوجيا وسياسات السوق الحرة المدمرة. |
16: نحن لسنا أذكياء بما يكفي لترك الأمور للسوق |
|
- في العالم الحقيقي، الأسواق لا تعتني بنفسها، وتحتاج إلى تنظيم. فالناس لا يعرفون ما يفعلونه بالضرورة، وهذا بسبب محدودية العقلانية، ولذلك علينا أن نقيد عمداً حريتنا في الاختيار من أجل الحد من تعقيد المشاكل التي يتعين علينا مواجهتها.
- كيف يمكننا قبول النظريات الاقتصادية التي تعمل فقط لأنها تفترض أن الناس عقلانيون تماماً، في الوقت الذي أظهر فيه الواقع أن الفائزين بجائزة نوبل في الاقتصاد وكبار المصرفيين ومديري أكبر الصناديق وخريجي الكليات المرموقة لا يفهمون ما يفعلونه. |
17: ارتفاع مستوى التعليم في حد ذاته لن يجعل البلد أكثر ثراء |
|
- لا تحتاج البلدان إلى التعليم فحسب، بل تحتاج أيضاً إلى صناعات يعمل بها هؤلاء المتعلمون. والعملية التعليمية التي تحصل في نهايتها على شهادة علمية ليست بالضرورة هي نوع التعليم الذي تحتاجه، وهذا أمر تجهله الكثير من البلدان التي تهمل التدريب المهني الجاد، وربما على الجميع سؤال ألمانيا واليابان حيال هذا الشأن. ما يهم حقاً في تحديد مستوى الرخاء الوطني ليس المستوى التعليمي للأفراد، ولكن قدرة الأمة على تنظيمهم في المشاريع ذات الإنتاجية العالية. |
18: الجيد بالنسبة لـ"جنرال موتورز" ليس بالضرورة كذلك بالنسبة لأمريكا |
|
- على الرغم من أهمية قطاع الشركات إلا أن السماح له بأقصى درجة من الحرية قد لا يكون في مصلحة الشركات نفسها ناهيك عن الاقتصاد الوطني. في بعض الأحيان قد يكون من مصلحة قطاع الأعمال على المدى البعيد أن تقوم الدولة بتقييد حرية الشركات الفردية، حتى لا يتم تدمير الموارد المشتركة التي يحتاج إليها الجميع، مثل الموارد الطبيعية أو القوى العاملة. على مدار العقود الأربعة الماضية جربت "جنرال موتورز" كل شيء تقريباً لوقف تراجعها سوى تحسين كفاءة سياراتها، لأن محاولتها القيام بذلك تسبب لها الكثير من المتاعب. |
19: رغم سقوط الشيوعية ما زلنا نعيش إلى اليوم في اقتصادات مخطط لها |
|
- حقيقة أن الناس في الولايات المتحدة يعلقون على واشنطن حل مشاكلهم الاقتصادية تكشف إلى أي مدى تصل أهمية التخطيط في البلد التي تعتبر قلعة الرأسمالية. الحكومات في الاقتصادات الرأسمالية تخطط ولو بدرجة أقل مما عليه الحال في الاقتصادات الخاضعة للرقابة، ولكنها لا تزال تخطط. وهناك العديد من الأمثلة في أوروبا وآسيا التي تبين أن التخطيط الحكومي بأشكال معينة لا يتعارض مع الرأسمالية بل قد يعزز التنمية. |
20: تكافؤ الفرص ليس دائماً عدلاً |
|
- بلا شك، يعتبر تكافؤ الفرص بمثابة نقطة الانطلاق لمجتمع عادل، ولكنه ليس كافياً. فما لم يكن هناك قدر من المساواة في النتائج، فإن تكافؤ الفرص ليس له أي مغزى حقيقي. دائماً ما تتم الإشارة إلى أنه ينبغي مكافأة الأفراد على الأداء الأفضل، ولكن السؤال هو ما إذا كان هؤلاء يتنافسون في ظل نفس الظروف. إن تكافؤ الفرص لا معنى له بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون الاستفادة منه، حيث يجب أن يكون هناك حد أدنى من المساواة في النتائج من حيث دخل الوالدين إذا أريد للأطفال الفقراء أن يحصلوا على فرصة عادلة. |
21: الحكومة الكبيرة تجعل الناس أكثر انفتاحاً على التغيير |
|
- في بعض البلدان يتمتع المواطنون بقدرة أكبر على تغيير وظائفهم مقارنة بغيرهم لأن كفاءة حكوماتهم تجعلهم أكثر قدرة على تحمل المخاطر. فقد يؤدي انعدام الأمن إلى جعل الناس يعملون بجد أكبر، ولكن في الوظائف الخاطئة. عندما يعلم الناس أنه سيكون لديهم فرصة ثانية وأن نظام الرعاية الاجتماعية لديهم مصمم بشكل جيد، يصبحون أكثر انفتاحاً على المخاطرة عندما يتعلق الأمر باختيار وظيفتهم الأولى أو ترك الحالية. |
22: الأسواق المالية تحتاج لأن تصبح أقل وليس أكثر كفاءة |
|
- الكفاءة في الأسواق المالية ليست هي نفسها الكفاءة في الصناعات الأخرى، حيث إن هذه الكلمة تعني في الأسواق المالية "الغرق بكفاءة في الديون". وهذا شيء ربما فهمه الأمريكيون أكثر من غيرهم بسبب ما مروا به في الفترة ما بين عامي 1930 و1980. المشكلة التي تعاني منها الأسواق المالية اليوم هي أنها أصبحت أكثر كفاءة في توليد الأرباح لنفسها، ولكن على المدى القصير، ولذلك توجد هناك حاجة لجعل القطاع يركز بشكل أكبر على الاستثمارات طويلة الأجل. |
23: السياسة الاقتصادية لا تحتاج إلى اقتصاديين جيدين |
|
- معظم القضايا الاقتصادية المهمة التي تحدد مصير الدول في المتناول الفكري للاقتصاديين العاديين، وأثبت الواقع أن المسؤولين الاقتصاديين الذين لا يتمتعون بخلفية اقتصادية أكاديمية هم عادة أكثر نجاحاً من أولئك الذين يعتبرون خبراء في الاقتصاد. فالتقدم الاقتصادي المذهل الذي حققته كل من اليابان وكوريا الجنوبية أداره مجموعة من المحامين، بينما أدار الاقتصاد في الصين وتايوان مجموعة من المهندسين. |
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}