نبض أرقام
01:05 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/26
2024/11/25

"جمهوريات الموز" .. حين تطبق الشركات الأجنبية سيطرتها على الدولة والاقتصاد

2017/10/28 أرقام - خاص

في مجال العلوم السياسية، يستخدم مصطلح "جمهورية الموز" في الإشارة إلى أي بلد غير مستقر سياسياً، يعتمد اقتصاده اعتماداً كبيراً على المنتجات الزراعية مثل الموز أو على تصدير أحد الموارد الطبيعية المستخرجة بشكل عام.
 

وعادة ما يتكون المجتمع في هذه البلدان من طبقات، تشمل الفقيرة الكادحة والغنية وأخيرا الطبقة الحاكمة، وتسيطر خلاله الطبقتان الأخيرتان على الاقتصاد عن طريق استغلال الطبقة الأولى.



 

أما في مجال الاقتصاد، تعتبر "جمهورية الموز" هي الدولة التي يتم خلالها إدارة وتشغيل الاقتصاد كمؤسسة تجارية خاصة تحقق الربح الحصري للنخبة الحاكمة والمتحالفين معها.
 

ويتحقق هذا الاستغلال بالتواطؤ بين الدولة والاحتكارات الاقتصادية المحظورة، ضمن عملية تكون فيها الأرباح المستمدة من الاستغلال الخاص للأراضي العامة أو الموارد الطبيعية ملكية خاصة لهذا التحالف، في حين أن الديون التي قد تترتب على إثر هذه الممارسة تقع على عاتق الخزانة العامة للدولة، ليتحملها الفقراء في نهاية المطاف.
 

كانت هندوراس هي أول دولة توصف بأنها "جمهورية موز"، وذلك قبل أكثر من قرن. ولكن من أين جاءت هذه العبارة وما الذي تعنيه بالضبط؟
 

"الملفوف والملوك"
 

- تمت صياغة مصطلح "جمهورية الموز" في عام 1904 من قبل الكاتب الأمريكي "أو هنري" (اسمه الحقيقي "ويليام سيدني بورتر"). فبعد أن اتهمته السلطات في ولاية تكساس بالاختلاس، هرب "هنري" أولاً إلى نيو أورليانز ثم إلى هندوراس، حيث استقر هناك بأحد الفنادق الرخيصة وألف كتابه "الملفوف والملوك".



- في هذا الكتاب يستحضر "هنري" بدقة صورة بلد استوائي زراعي، ويشير بشكل أكثر وضوحاً إلى شركات الفاكهة الأمريكية التي تمتعت بتأثير غير عادي على سياسة هندوراس وجيرانها.

 

- بحلول نهاية القرن التاسع عشر، سئم الأمريكيون من محاولة زراعة الفاكهة في طقسهم البارد، في نفس الوقت الذي كان فيه بإمكانهم استيرادها بسعر أرخص وجودة أفضل من البلدان ذات الأجواء الدافئة في أمريكا الوسطى، حيث ينمو الموز وغيره من أنواع الفاكهة الأخرى بسرعة.
 

تجارة الموز في أمريكا
 

- بدأ تاريخ جمهورية الموز مع دخول الموز إلى الولايات المتحدة في عام 1870 عن طريق "لورينزو داو بيكر" الذي اشترى الموز من جامايكا وقام ببيعه في بوسطن بأرباح تجاوزت نسبتها الـ1000%.

 

- زادت شعبية الموز بين الأمريكيين كفاكهة استوائية مغذية كانت أقل تكلفة من تلك المزروعة محلياً في الولايات المتحدة، مثل التفاح. ففي عام 1913 كان بإمكان المواطن الأمريكي شراء كيلوات من الموز مقابل 25 سنتاً (6.06 دولار بأسعار 2016)، وهو نفس السعر الذي كان يدفعه مقابل تفاحتين.



- في سعيه لتوفير الغذاء اللازم لعمال السكك الحديدية، قام قطب السكك الحديدية الأمريكي "هنري ميجز" بالتعاون مع ابن أخيه "مينور سي كيث" في عام 1873 بإنشاء مزارع للموز على طول خطوط السكك الحديدية التي قام ببنائها في كوستاريكا. قبل أن تدفعهم ربحية هذه الفاكهة إلى تصديرها إلى شرق الولايات المتحدة.

 

- في منتصف العقد الثامن من القرن التاسع عشر، أسس "كيث" الشركة الاستوائية للتجارة والنقل، إحدى نصفي ما أصبحت لاحقاً شركة "يونايتد فروتس" التي أنشئت في عام 1899 نتيجة للاندماج مع "بوسطن فروت".

 

- بحلول ثلاثينيات القرن العشرين، مكنت التوترات السياسية والاقتصادية الدولية التي خلقتها "يونايتد فروتس"، الشركة الأمريكية من السيطرة على ما يصل إلى 90% من الأشطة التجارية الخاصة بالموز في الولايات المتحدة.
 

السكك الحديدية مقابل الأرض
 

- بحلول أواخر القرن التاسع عشر، كانت هناك ثلاث شركات أمريكية ("يونايتد فروتس" و"ستاندرد فروت" و"كويامل فروت") تهيمن على زراعة الموز وحصاده وتصديره، وتحكم كذلك قبضتها على الطرق والسكك الحديدية في هندوراس.

 

- في المناطق الساحلية الشمالية القريبة من البحر الكاريبي، تنازلت حكومة هندوراس لشركات الموز عن مساحة قدرها 500 هكتار مقابل كل كليو متر من السكك الحديدية تقوم بتشييده، وذلك على الرغم من عدم وجود خطوط سكك حديدية لنقل الركاب أو البضائع إلى عاصمة البلاد، تيغوسيغالبا.

 

- كانت شركة "يونايتد فروتس" معروفة في أوساط المجتمع الهندوراسي باسم "الأخطبوط"، وذلك لأن نفوذها انتشر في جميع أروقة الاقتصاد، حيث سيطرت على البنية التحتية للنقل في بلدهم، كما تلاعبت أحياناً بسياساتهم الوطنية.



- في عام 1911، قامت شركة الفاكهة الأمريكية "كويامل فروت" بتوفير الأسلحة اللازمة للانقلاب على حكومة الرئيس الهندوراسي "ميجيل دافيلا"، على خلفية قيامه بمنح شركة "فاكارو برازرز" الحق في بناء خطوط السكك الحديدية في البلاد، ومنع منافسيها من بناء خطوط منافسة على بعد 20 كيلومترا من خطوطها.

 

- بحلول الثلاثينيات، كانت شركة "يونايتد فروتس" تمتلك 3.5 مليون فدان من الأراضي الزراعية في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، كما كانت أكبر مالك للأراضي في جواتيمالا. وأعطتها تلك الحيازات الضخمة سلطة كبيرة على حكومات البلدان الصغيرة. وكان ذلك أحد العوامل التي جعلت عبارة "جمهوريات الموز" ملائمة جداً لحال تلك البلدان.

 

- باختصار المعنى الحقيقي لـ"جمهوريات الموز": هي البلدان التي تستطيع الشركات الأجنبية التلاعب بحكوماتها، وبالتالي التحكم في مصائر شعوبها.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.